قال المحلل السياسي عامر حسن الفياض أن توترات عرقية وأعمال عنف قد تنشب في كركوك إذا تم فرض قرارات حول مستقبل المدينة ذات الأعراق المختلفة دون التوصل إلى اتفاق بين سكانها.
وأوضح الفياض، وهو أستاذ في جامعة بغداد، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) يوم 17 أغسطس/آب قائلاً: أعتقد أن الحل الأمثل لكركوك هو إدارتها على أنها إقليم مستقل – بعد حل جميع الأمور العالقة بين الأطراف وإجراء تعداد للسكان ومن ثم القيام باستفتاء للسماح للناس باختيار مصيرهم بدلاً من ترك جهة واحدة فقط تفرض حلاً على باقي الأطراف".
وتقع كركوك الغنية بالنفط بالقرب من إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي. وكان من المفترض أن تشهد المدينة استفتاءً تم تحديد تاريخ أقصى لإجرائه يوم 31 ديسمبر/كانون الأول 2007، ولكن صُرف النظر عنه بعد أن اتهم العرب والتركمان الأكراد بإرسال أعداد كبيرة من أبناء عرقهم إلى المدينة.
ولم يعرف إلى الآن التقسيم العرقي الحالي لكركوك بعد أن رفض العرب والتركمان - الذين يعارضون انضمام كركوك إلى إقليم كردستان المستقل - إجراء تعداد في المدينة. ووفقاً للجنة الانتخابات، يصل عدد سكان كركوك إلى 1.2 مليون نسمة.
وكانت حكومة صدام حسين قد انتهجت في الثمانينيات والتسعينيات سياسة "تعريب" كركوك حيث تم نقل العرب الموالين للحكومة في ذلك الوقت، وخاصة الشيعة في الجنوب الفقير، إلى هذه المنطقة وتم إخراج الأكراد منها.
وبعد الحرب التي قادتها الولايات المتحدة على العراق في مارس/آذار 2003، أصبح ينظر إلى كركوك على أنها قنبلة موقوتة حيث عاد العديد من سكان المدينة السابقون – الأكراد وغير العرب –إليها ليجدوا أن بيوتهم إما بيعت أو منحت لعرب من الجنوب.
وخلال السنوات القليلة الماضية، أُجبر العديد من العرب على ترك كركوك على الرغم من دعوة زعماء العرب الشيعة والسنة لبقائهم في المدينة.
قانون جديد مثير للجدل
وفي 22 يوليو/تموز، وافق البرلمان العراقي على قانون لعقد انتخابات محلية في محافظات البلاد الثمانية عشر بما في ذلك محافظة التأميم التي تقع مدينة كركوك ضمن حدودها. ووفقاً للقانون الجديد، ستقسم المقاعد في مجلس الحكم عن مدينة كركوك بين الأكراد والتركمان والعرب وستنقل المسؤولية الأمنية إلى الوحدات العسكرية العربية من وسط وجنوب العراق بدل قوات البشمركة الكردية المسيطرة.
ولكن الأكراد وحلفاءهم الذين يشكلون أغلبية في مجلس كركوك، يعارضون تركيبة المشاركة في القوى هذه. كما عارض مجلس الرئاسة العراقي المؤلف من ثلاثة أعضاء هذا الإجراء وأعاده إلى البرلمان بعد أن رفضه الرئيس جلال طالباني الكردي الأصل.
مظاهرات يومية
ومنذ ذلك الوقت، يخرج آلاف الأشخاص بشكل يومي في مظاهرات تؤيد أو تعارض القانون الجديد، كان أولها المظاهرة التي خرجت يوم 28 يوليو/تموز وقام حينها انتحاري باستهداف المتظاهرين الأكراد, وانتهت تلك الحادثة بمقتل 25 شخصاً وجرح 187 آخرين.
وقد اتهم الأكراد التركمان بالوقوف وراء الهجوم وبدؤوا بمهاجمتهم، مما أدى إلى جرح ثلاثة أشخاص، وفقاً لضابط شرطة في كركوك فضل عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتصريح عن هذه المعلومات.
وقال الشيخ عبد الجبار الجبوري، 52 عاماً وهو عربي من بلدة حويجة جنوب كركوك: "على الأكراد أن ينظروا إلى كركوك على أنها مدينة عراقية وليست كردية لأننا لن نترك بيوتنا التي سكنا فيها لعقود".
وأضاف قائلاً: "بيوتنا وأراضينا هي شرفنا ولن ندير لها ظهورنا أبداً. إذا تخلى الأكراد عن فكرة ضم كركوك [إلى إقليمهم] واعترفوا بالمجموعات العرقية الأخرى التي تسكن فيها، فعندها سنرحب بهم للعيش بيننا، وإذا لم يريدوا ذلك، فلن يأخذوا أي شبر منها إلا على جثثنا".
ولكن هذا التحذير لم يعني شيئاً لأزاد يحيى محمد، الكردي البالغ من العمر 44 عاماً والذي يصر على "الهوية الكردية لكركوك".
وعن ذلك قال: "لقد كانت [كركوك] كردية ويجب أن تبقى كذلك...على الأكراد والتركمان أن يعوا هذه الحقيقة وعندها سنرحب بهم للعيش بيننا كما يعيش غيرهم في كردستان".