لم يفلح قرار الأردن بإعفاء المقيمين العراقيين غير الشرعيين من رسوم التأشيرات لتشجيعهم على العودة إلى ديارهم في رفع أعداد العائدين، وفقا للمسؤولين والناشطين الأردنيين.
وكانت الأردن قد منحت المقيمين العراقيين غير الشرعيين فرصة لتسوية أوضاعهم القانونية عن طريق إعفاء الراغبين في العودة إلى ديارهم من الغرامات المطبَقَّة في هذه الحالات وتخفيضها إلى النصف بالنسبة لمن يرغبون في البقاء في المملكة.
وتشير الأرقام الصادرة عن الحكومة الأردنية إلى أن استضافة البلاد للعراقيين كلفتها حوالي 1.6 مليار دولار، خصوصاً في مجال التعليم والصحة، بالرغم من عدم صدور أي تدقيق مستقل لهذا الرقم.
وأفاد وزير الداخلية الأردني، عيد الفايز، أنه بإمكان المهاجرين العراقيين التوجه إلى إدارة الهجرة خلال الفترة من 17 فبراير/شباط إلى 17 مارس/آذار للاستفادة من هذا الإعفاء. وأوضح أنه بعد انتهاء هذه المهلة، سيضطر المخالفون الذين لم يبادروا بتصحيح أوضاعهم إلى دفع غرامات المخالفة وفقدان فرصة الاستفادة من تخفيض 50 بالمائة.
وجاء في قول الفايز: لن يتم فرض أية غرامات على أولئك الذين يرغبون في العودة إلى العراق، وقد طلبت من الضباط على الحدود ألا يضعوا على جوازاتهم ختم "غير مسموح بدخول الأردن".
وعادة ما يتم منع العراقيين الذين يتجاوزون مدة الإقامة المسموح لهم بها حسب تأشيراتهم من العودة إلى الأردن. كما أن القوانين الأردنية تنص على أن كل من يتجاوز مدة الإقامة المسموح له بها يضطر إلى دفع غرامة قدرها 1.5 دينار أردني [حوالي دولارين] عن كل يوم تأخير.
وبعد مرور حوالي أسبوع على صدور القانون الجديد، لا زال عدد العراقيين المنتظرين أمام مبنى وزارة الداخلية ومكاتب الهجرة التابعة لها سعياً منهم إلى الاستفادة من فترة السماح المعلنة قليل.
وتشرح شنكل قادر، رئيسة جمعية الإخاء الأردنية العراقية، ذلك بقولها أن معظم العراقيين يفضلون دفع نصف الغرامة على أن يعودوا إلى ديارهم بسبب انعدام الأمن. وقالت لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "إن الأوضاع في العراق لا تشجع العراقيين على مغادرة الأردن".
وفي هذا الإطار، تحدثت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) إلى عدد من العراقيين المصطفين أمام إدارة الهجرة بعمان، كان من بينهم عبد الستار محمود، البالغ من العمر 35 عاما، والقادم من الأنبار، والذي أفاد أنه يحاول الاستفادة من إعفاء 50 بالمائة، حيث قال: "لم يتبق لدي شيء في العراق. أسرتي هنا. سأكون مجنونا إذا اخترت العودة والمخاطرة بحياتي".
أما عمر حديثي، وهو معلمٌ سابقٌ في بغداد، وصل إلى العراق منذ ثلاث سنوات، فقد قال متسائلاً: "ماذا يمكنني أن أفعل في العراق؟ لقد تعرض بيتي هناك للنهب ولن أتمكن من العيش بسلام وسط العصابات والميليشيات التي تحكم مدننا".
" لقد تحسنت الأوضاع " - السفير العراقي
من جهته، أفاد السفير العراقي في الأردن، سعد حياني، أن الحكومة مستعدة لمساعدة العراقيين الراغبين في العودة إلى ديارهم، حيث قال لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لقد تحسنت الأوضاع في العراق ونحن على استعداد لتقديم كل أشكال المساعدة لمن يرغب في العودة".
غير أن المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أنطونيو غوتيراس، لا يشاركه هذا التقييم، حيث كان قد قال في 17 فبراير/شباط: "لدينا مقاييس واضحة لتشجيع العودة، وهي لا تنطبق على الأوضاع داخل العراق الآن".
ولا يملك العديد من أفقر الفقراء في المجتمع العراقي تصاريح إقامة سارية المفعول، حيث يقيم حوالي 400,000 شخص على الأقل في الأردن بصفة غير شرعية، حسب وزارة الداخلية.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي قرر فيها الأردن إعفاء العراقيين من الغرامات في محاولة منه لإقناعهم بالعودة إلى ديارهم، حيث كان آخر قرار مماثل قد صدر في شهر ديسمبر/كانون الأول 2005.
إلا أن الناشطين الإنسانيين أعربوا عن قلقهم من أن يدفع هذا الإعفاء العراقيين الفقراء إلى المخاطرة بحياتهم، حيث قالت تريسي هانتر مديرة البرامج بمكتب منظمة الرؤية العالمية World Vision بالأردن في تصريح صادر عنها أن "معظم العراقيين يواجهون ضغوطات مالية كبيرة. إن منظمة الرؤية العالمية ترحب بقرار الإعفاء من الغرامات لأنه يقدم تسهيلات كبيرة للعديد من الأسر. إلا أن العراقيين الباقين في الأردن سيستمرون في مواجهة تهديد الغرامات التي يعجزون عن دفعها. كما أن هناك خطر من أن تشجع هذه المبادة الأسر على العودة إلى العراق قبل أن يكون ذلك آمناً بالنسبة لها".
"