1. الرئيسية
  2. Middle East and North Africa
  3. Lebanon

لبنان: الفقر في طرابلس يغذي صفوف المجموعات الإسلامية

Truancy and child labour are endemic in poor parts of Tripoli. Lucy Fielder/IRIN

كانت أم عبد الرحمن الجاسم تطبخ العشاء لابنها محمود عندما سمعته يناديها. قائلاً: أماه، لقد أصبت". وتروي أم عبد الرحمن هذه الحادثة من شقتها المكونة من ثلاث غرف في حي باب التبانة الفقير بمدينة طرابلس شمال لبنان قائلة: "سمعت نداءه وسط صوت الرصاص المتطاير، وبعدها عم الصمت ولم أعد أسمع سوى صوت الرصاص".

كان محمود الجاسم، 25 عاماً، قد لقي حتفه في نزاع مسلح مع الجيش اللبناني في شوارع المدينة، حيث ُيزعم بأنه كان واحداً من العديد ممن انضموا إلى تنظيم فتح الإسلام المسلح في شمال لبنان.

ويقول سكان حي باب التبانة بأن حيهم فقد العديد من أبنائه على يد فتح الإسلام كما على يد الجيش اللبناني خلال الثلاثة أشهر الماضية في طرابلس وفي مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين. إلا أن المحللين يقولون بأن التحدي الذي يفرضه الإسلام المتطرف على طرابلس لن ينتهي بهذه المعركة.

كما يفيد السكان بأن الفقر وانعدام الفرص يجعلان العديد من الشباب في الأحياء الفقيرة لطرابلس يواجهون خيارات صعبة ومحدودة، تنحصر في تعاطي المخدرات أو احتراف الإجرام أو الانضمام إلى المسلحين الإسلاميين.

أسباب الانضمام إلى المسلحين

ويقول عماد عمر الذي يتولى، مع منظمة "المجموعة" غير الحكومية، توفير قروض صغيرة ميسرة لفقراء حي التبانة: "نحن نسمع عن نصر عسكري كبير للجيش على فتح الإسلام، ولكننا لم نسمع بعد عن الإجراءات التي سيتم اتخاذها لاجتثاث أسباب التسلح، والتي تتمثل في الفقر واليأس اللذين يسيطران على مثل هذه المناطق".

وعلى الجدران المهترئة للدرج المظلم المؤدي إلى شقة الجاسم، كتب اسم أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة و"قائدنا" أبو مصعب الزرقاوي زعيم القاعدة السابق في العراق.

وتقول أم عبد الرحمن: "كان ولدي متديناً. سألته إذا كان منضماً لأي تنظيم أو حزب وأقسم لي بالله بأنه لم ينضم إلى أي منها". وكانت الأسرة تستعد لتخطب لابنها بنت الجيران في 19 مايو/أيار.

ويقول محمد الجاسم، والد محمود، 60 عاماً، بأن كل أبنائه الإثني عشر عاطلون عن العمل. "ليس هناك أية فرص عمل في التبانة. أما أنا فكنت أجوب الجوار بعربة أبيع عليها الحلويات مقابل 4,000 ليرة لبنانية في اليوم [2.5 دولار]".

في الوقت نفسه، يقول السكان بأن المجموعات المسلحة تقدم أموالاً جيدة على ما يبدو لتجنيد الشباب، تحصل عليها من جمعيات خيرية وهمية أو من قوى إقليمية.

ويقول إمام الشيخ، 25 عاماً، وهو مسلم شديد الخلاص لدينه، كان يدّرس في مدرسة إسلامية بطرابلس، واضطر لمغادرتها بعد أن بدأت تتبنى وجهات نظر متطرفة: "إن المجموعات الإسلامية تعمل على نشر إيديولوجياتها المتطرفة وتدفع مبالغ كبيرة للشباب لإغرائهم على الانضمام لصفوفها. والكثير منهم لا يعي فيما يقحم نفسه، بل يحاول فقط تحسين وضعه الاقتصادي السيئ جداً... والناس هنا يصبحون أكثر اقتناعاً بالمسلحين لأنهم يشعرون بأن الدولة لا تمنحهم أي شيء، بل يرون أنها أصبحت عدوة لهم".

الفقر في طرابلس

ويعتبر حي التبانة الحي الأكثر ازدحاماً في طرابلس وأحد أفقر الأحياء في لبنان. فقد هاجر 60 إلى 70 بالمائة من سكانه في العقود الماضية قادمين إليه من المناطق الريفية الفقيرة مثل عكار والمنية وفقا لتقرير أصدره مجلس الإنماء والإعمار عام 2006 حول "جيوب الفقر" في لبنان.

كما أفاد التقرير بأن "أكثر من نصف الأسر في باب التبانة لا يتعدى دخلها الشهري أكثر من 200,000 ليرة لبنانية [130 دولار] للأسرة الواحدة، وهي تعاني من عجز اقتصادي لأن مصروفها يفوق مدخولها". وأوضح إضافة إلى ذلك بأن البطالة تؤثر على 30 بالمائة من الرجال في المناطق الفقيرة.

من جهته، قال أحمد موسلي، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية بالجامعة الأمريكية ببيروت: "إن الشمال فقير جداً، ليس هناك أي نمو والسكان عاطلون عن العمل، مما يخلق جواً خصباً لتجنيد الشباب الذين تكون لديهم ميول دينية متطرفة...بالرغم من أنهم لا يلجؤون جميعاً إلى العنف".

وفي شارع سوريا بحي التبانة، والذي هو عبارة عن سوق للخضراوات، يعمل الأطفال في نقل الصناديق، والوقوف في الأكشاك أو جر العربات المليئة بالفواكه أو الحلويات. ويقول أحمد، 14 عاماً، الذي غادر المدرسة منذ ثلاث سنوات ويعمل 11 ساعة باليوم في إصلاح نوافذ السيارات: "كل أصدقائي يعملون لأن أهالينا غير قادرين على تحمل مصاريف انتظامنا في المدارس".

وتصل نسبة التغيب عن المدرسة إلى 50 بالمائة في الأحياء الأفقر بطرابلس حسب تقرير مجلس الإنماء والإعمار.

انتشار المدارس المتطرفة

بدأت المدارس والمساجد والمراكز الإسلامية التي تنشر تعاليم دينية متطرفة تنتشر بشكل سريع في أحياء طرابلس خلال العامين الأخيرين نتيجة الأزمة السياسية والفراغ الأمني الذي أعقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في فبراير/شباط 2005.


الصورة: لوسي فيلدر/إيرين
محمد الجاسم يحمل صورة لأبنه الذي قتل على يد الجيش اللبناني إذ يزعم بأنه كان منضماً لتنظيم فتح الإسلام
وكانت طرابلس، قبل الحرب الأهلية اللبنانية التي امتدت من 1975 حتى 1990، ميناءً غنياً يخدم سوريا وتركيا والعراق. وكان حي التبانة، الذي يعتبر واحداً من أهم سبع بوابات تاريخية في المدينة، قد سمي "بوابة الذهب" نظراً لأسواقه التي كانت مزدهرة حينها.

غير أن الحرب ضربت الصناعة والتجارة والفلاحة، وتعرض حي التبانة لقصف شديد، إذ أفاد عامل في قطاع التنمية طلب عدم ذكر اسمه بأن "تنمية المناطق اللبنانية بعد الحرب لم تكن متساوية وأدت إلى الفرق الشاسع الحاصل حالياً بين العاصمة بيروت وجبل لبنان من جهة والمناطق الأخرى البعيدة من جهة أخرى".

وكان الإسلاميون قد سيطروا على طرابلس لمدة وجيزة خلال الحرب الأهلية، حيث يقول السكان المحليون بأن المتمردين الذي ثاروا ضد الدولة لإقامة الخلافة الإسلامية في منطقة دينيا في الشمال عام 2000 قد جاءوا في معظمهم من التبانة.

ويقول الصفير، الذي قاتل في العراق، بأن الغضب الذي ولده غزو العراق ساهم في إشعال نار التسلح، ولكن الفقر كان بمثابة الفتيل لهذه النار، إذ يرى بأن "هؤلاء الشباب لم يكونوا لينضموا إلى المسلحين لو كان لديهم أي أمل [في حياة أفضل]. بل كانوا سيتزوجون ويشترون بيوتاً وينجبون أطفالاً مثل غيرهم من الشباب".

"
Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join