أفادت دراسة صدرت مؤخراً عن معهد بحوث النيل التابع للمركز القومي لبحوث المياه أن جودة مياه نهر النيل في مصر قد تحسنت بشكل كبير خلال شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني من عام 2007، مما رفع الآمال في تحسن مياه الشرب للعديد من سكان مصر البالغ عددهم حوالي 80 مليون نسمة.
ووفقاً لهذه الدراسة، فإن جودة المياه في نهر النيل وفرعي دمياط ورشيد قد تحسنت بمعدل 16 بالمائة خلال فترة التصرفات الزائدة (في شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني، وهو الوقت الذي يتم فيه تصريف المياه الزائدة من بحيرة ناصر لغسيل مجرى النيل).
وفي هذا الإطار، أفاد يحيى عبد القادر، مدير الوحدة المركزية للمعلومات والتوعية البيئية والتدريب بوزارة البيئة أن تحسن نوعية مياه نهر النيل ينعكس إيجابيا على حياة المصريين، وذلك من خلال توفير مياه الشرب الآمنة صحياً لهم، حيث يعتبر نهر النيل المصدر الأساسي لمياه الشرب بمصر. كذلك، فإن تحسن نوعية المياه يؤدي إلى تحسن مياه الري التي تستهلك أكثر من 85% من حصة مصر من المياه سنويّاً مما يؤدي لإنتاج محاصيل خالية من الملوثات وزيادة الإنتاج".
ووفقاً لهذه الدراسة الصادرة عن معهد بحوث النيل، فإن تركيز المواد العضوية قد انخفض بنسب تتراوح بين 15 و 69 بالمائة في المجرى الرئيسي لنهر النيل، وانخفضت الأملاح الذائبة بنسب تتراوح بين 1.5 و2 بالمائة. كما انخفض تركيز الفوسفات بحوالي 14 بالمائة، وتحسنت الحالة العامة لنوعية المياه بمعدل 14 بالمائة في المجرى الرئيسي لنهر النيل، و9 بالمائة في فرع دمياط و15 بالمائة في فرع رشيد.
وفي هذا الإطار، أفاد حسين العطفي، وكيل وزارة الموارد المائية والري ورئيس مصلحة الري، أن "تحليل نوعية المياه تم مباشرة بعد فترة التصرفات الزائدة خلال شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني. وتم تصريف المياه الإضافية من خزان السد العالي بأسوان إلى النهر فيما يُسمَّى 'غسيل النيل'. وتساهم هذه العملية في الحد من تركيز الملوثات، مثل المواد العضوية والأملاح الزائدة وأعداد البكتيريا وخلافها، بالمجاري المائية".
التلوث الصناعي
من جهته، أشار عبد القادر إلى أن "هذا التحسن نتج أيضاً عن الجهود الرامية لمنع المؤسسات الصناعية من تصريف نفاياتها في النيل".
وأضاف بقوله: "لقد بدأنا المرحلة الثانية من المشروع الذي يهدف إلى الحد من التلوث الصناعي في النيل. وتهدف هذه المرحلة، التي ستنتهي في أواخر عام 2012، إلى تحويل تصريف النفايات السائلة للمصانع الكبرى من النيل إلى الصرف الصحي بعد معالجتها وفقاً لقوانين البيئة".
وتشكل المبيدات والمواد العضوية والمعادن الثقيلة والأمونيا والنيتريت والفوسفات أهم الملوِّثات الصناعية التي تصب في نهر النيل، ولكنها لا تظهر سوى في مناطق محدودة عند نقاط صرف المنشآت الصناعية.
وقال عبد القادر: "لقد حصرنا أهم مصادر التلوث على طول نهر النيل، وقمنا بوضع خطط وإعداد خرائط لتوفيق أوضاع المنشآت المختلفة طبقاً للأولويات التي تم وضعها. كما يتم إجراء تفتيش دوري على المنشآت الصناعية واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المنشآت المخالفة لقانون البيئة".
نفايات الموز
الصورة: ويكيميديا |
منظر بانورامي للسد العالي بأسوان |
وقالت إيثار أن "هذه النفايات تتحلل في الماء وتتسبب في عملية إثراء غذائي للمياه السطحية، تؤدي بدورها إلى نمو مفرط للنباتات في الماء وانخفاض نسبة الأوكسجين فيه مما يؤثر على جودته وعلى النظام البيئي بشكل عام. نحن نقوم بتعليم المزارعين كيفية إعادة تدوير النفايات للحصول على مُخصِّبٍ عضوي".
وأضافت: "نحن نركز بالخصوص على نفايات الموز لأن زراعتها تنتج أكبر نسبة من النفايات ولأنها منتشرة في أسوان وقنا حيث نعمل. وتتم عملية إعادة التدوير عن طريق تحليل النفايات. إذ يتم جمعها وتقطيعها وخلطها مع السماد الطبيعي (فضلات الحيوانات) والنيتريت والفوسفات ثم تخزينها في أكوام، يتم تقليبها مرة كل 15 أو 30 يوما لتصبح جاهزة لتخصيب الأرض خلال 90 يوماً".
زهور زنابق الياقوت المائية
الصورة: ويكيميديا |
مسار نهر النيل عبر لقصر جنوب مصر |
وقال حسين العطفي من وزارة الموارد المائية والري أن "الوزارة أنشأت قسماً خاصّاً أوكلت إليه مهمة تنفيذ خطط الصيانة السنوية والتي تتضمن إزالة نباتات المياه لضمان التدفق الجيد لمياه النهر".
استعمال مياه الصرف المعالَجة في الرَّي
كما قال العطفي: "تجد مياه الصرف الصحي المعالَجة طريقها إلى النيل. وقد حاولنا حل هذا المشكل عن طريق توجيه جزءٍ كبيرٍ من مياه الصرف الصحي المعالَجة لري الغابات الشجرية بدلاً من صرفها على المجاري المائية. وقد تم تنفيذ البنية الأساسية وزارعة 11,195 فدَّاناً بالغابات الشجرية موزَّعة على 24 موقعاً في 16 محافظةً مصرية".
وأضاف: "لقد أثبتت هذه العملية فاعليتها خصوصا في المحافظات ذات الظهير الصحراوي، حيث نستعمل الآن حوالي 2.4 مليار متر مكعب من المياه المعالَجة لسقي الغابات هناك. وقد أصبحت النباتات الخضراء تغطي مساحات كبيرة من الأراضي وتُساهم في تحسين جودة الهواء. كما أن هناك مطالبات بزرع المزيد من أشجار الجاتروفا التي تعتبر مصدراً جيداً للوقود العضوي. وستنعكس زراعتها إيجاباً على الاقتصاد حيث ستساهم في تشغيل اليد العاملة سواء في الزراعة أو في صناعة الخشب".
وبالرغم من كل هذه الجهود، يعتقد المسؤولون أن الوعي البيئي يكتسي الأهمية القصوى في حل المشاكل البيئية في مصر. وفي هذا الإطار، أفاد عبد القادر أن "التوعية البيئية لم تصل بعد إلى المستوى المطلوب. نحن نشعر أن الوعي يبدأ أولاً باعتراف الناس بوجود المشكلة".
"