يقول خبراء البيئة بأن موضوع الكب العشوائي وغير القانوني للنفايات في الضفة الغربية، الذي يهدد البيئة والصحة العامة للسكان، قد وحّد نوعاً ما بين المستوطنين الإسرائيليين والسكان الفلسطينيين.
ووفقاً لإيزاك مايير، المدير العام للجمعية الإسرائيلية لحماية البيئة في الضفة الغربية، فإن هناك مئات المواقع غير القانونية التي يتم فيها كب النفايات، حيث قال لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): لقد قمنا بمسح في عام 1996 ووجدنا حوالي 450 موقعاً. ومنذ ذلك الحين، لم يزدد هذا العدد إلا ارتفاعاً".
كما قال مايير بأنه يحافظ على التعاون التقني واللوجيستي مع رؤساء البلديات الفلسطينية الذين يهتمون أيضاً بالقضاء على التلوث.
وترتكب شركات البناء مخالفات قانونية بكبها للنفايات التي تحتوي أحياناً على مواد سامة في أماكن لا يسمح فيها بكب النفايات. وتمتد الروائح الكريهة لهذه النفايات لعدة كيلومترات خصوصاً عندما يتم حرقها. ويمكن أن تشتمل هذه الروائح بدورها على مواد سامة عديدة.
من جهته، قال شلومو درور، الناطق باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية، بأنه يشعر بالقلق أيضاً حيال كب النفايات بشكل غير قانوني في الضفة الغربية، وبأن الإدارة تحاول تصحيح وتحسين الوضع، موضحاً بقوله: "لنأخذ مثلاً منطقة جنين التي كانت تحتوي على 60 موقعاً لكب النفايات. لقد تمكنا من تخفيض ذلك إلى ستة فقط ولا زلنا نعمل لكي نخفضها إلى واحد". وأضاف قائلاً: "نعيش كلنا في نفس المنطقة والكل يعاني على حد سواء: الإسرائيليون والفلسطينيون".
أما جميل مطور، مدير إدارة مراقبة البيئة الفلسطينية، فقد عبر عن ارتياحه للتعاون الإسرائيلي في جنين وقال بأنه يأمل في أن يتبلور هذا التعاون في أماكن أخرى أيضاً.
تلوث المياه
وأوضح مطور بأن المشكلة الرئيسية الناتجة عن الكب غير القانوني للنفايات تكمن في التلوث الذي يخترق الأرض ليصل إلى المصادر الحيوية للمياه. وقال: "التلوث خطير جداً، لأن مصادر المياه هذه مهمة جداً بالنسبة لنا، فحياتنا تعتمد عليها".
وأضاف بأن "كب النفايات يتسبب في تلوث كل شيء بما في ذلك الهواء والتراب والمنتجات الزراعية ويشكل خطراً كبيراً على الحياة". كما أوضح بأن الحشرات الناقلة للأمراض تقبل على مكبات النفايات وتعود إلى المناطق المأهولة محملة بالجراثيم والأمراض.
ووفقاً لجمعية أصدقاء الأرض في الشرق الأوسط، فإن مكونات الكلوريد والزرنيخ والزئبق والرصاص التي تشتمل عليها بعض النفايات تخترق الأرض لتصل إلى مصادر المياه.
وسيتمكن مطور بفضل البرامج الجديدة التي يتم تطويرها بمساعدة المانحين الألمان والبنك الدولي من بناء مكبات حسب المعايير الدولية، وهو يصف بأنه "خطوة مهمة للقضاء على الكب غير القانوني".
كما قال مطور بأن الإسرائيليين والفلسطينيين مسؤولين جميعاً عما يحصل، فأحياناً يسمح الفلسطينيون، الذين يكونون في أمس الحاجة إلى المال، للشاحنات المحملة بالنفايات بكبها في أراضيهم مقابل مبالغ زهيدة من المال.
من جهته وافق مايير، من الجمعية الإسرائيلية لحماية البيئة، على ما قاله مطور، وعبّر عن إيمانه بضرورة التعاون وتضافر الجهود للقضاء على هذه الظاهرة، مشيراً إلى أن ذلك لن يتحقق بدون دعم من جميع المعنيين. وقال في هذا الإطار: "في الوقت الحالي يكلف كب حمولة شاحنة كاملة من النفايات في مكب غير قانوني 5 شيكل (أي حوالي 12 دولار)، في حين يكلف كب الطن الواحد من النفايات في مكب قانوني 50 شيكل". وحيث أن حمولة كل شاحنة، حسب تقديره، تصل إلى حوالي 16 طناً، فإن التخلص من النفايات بشكل قانوني يكلف 16 مرة أضعاف ما يكلفه التخلص منها في مكب غير قانوني.
وأوضح مايير الإجراءات التي يجب اتخاذها لردع هذه المخالفات بقوله: "نحتاج إلى المزيد من التشديد على ضرورة تطبيق القانون، عن طريق فرض غرامات أعلى على المخالفين حتى يشعروا بأنه ما يلحقونه من أضرار بالبيئة ومصادر المياه يكلفهم غالياً".
القوانين
وقد قام المدعي العام الإسرائيلي، ميناحيم مازوز، بإصدار قانون جديد يخول للسلطات فرض عقوبات على من يساهم في تلويث البيئة.
الصورة: شبتاي جولد/إيرين |
شاحنة إسرائيلية في طريقها لكب نفايات بصورة غير قانونية في قرية دير بلوط الفلسطينية |
غير أن مطور لا يزال يشعر بأن القوات الإسرائيلية لا تقوم بما يكفي للحد من هذه المشكلة، إذ قال: "إن تحديد تحركنا يمنعنا من تطبيق القوانين البيئية، وبالطبع نحن لا نستطيع أن نوقف عمليات كب النفايات التي يقوم بها الإسرائيليون".
ووافق مايير على ما قاله مطور موضحاً بأنه يعتقد بأنه ينبغي على الضباط في نقاط التفتيش أن يركزوا على التهديدات البيئية بقدر ما يركزون على التهديدات الأمنية، حيث قال: "يجب أن ننسى الخلافات السياسية وأن نركز على ضمان عدم تعرض المخزون المائي للتخريب". وهذا تقريباً ما أكده مطور في حديثه من رام الله، حيث قال: "نتمنى أن ينظر الإسرائيليون إلى مشكلة البيئة بعيداً عن الخلافات السياسية".
"