1. الرئيسية
  2. Europe

ازدهار عمل مهربي اللاجئين في تركيا

Syrian children among a group of refugees intercepted by Turkish coast guard and sent back to the coast city of Izmir Nicola Zolin/IRIN
في ميدان اكساراي الرئيسي، وهو حي في اسطنبول يكتظ باللاجئين، يحاول هارون يماني استرضاء العملاء المحتملين الذين يبحثون عن مستقبل في أوروبا، ولكنهم يشعرون بالقلق بشأن الرحلة البحرية الغادرة التي ستنقلهم إلى هناك.
ويدعي هذا الرجل النحيل الذي يدخن بشراهة ويعمل على اجتذاب اللاجئين أنه "رجل طيب"، على عكس المهربين الآخرين الذين يُعرف عنهم الهرب بالأموال، ولكنه يتقاضى ثمناً باهظاً يبلغ 1,300 دولار عن الشخص الواحد لأن "هناك طرقاً خطرة، والطرق الأكثر أماناً التي يجب أن تكون أكثر تكلفة".
 
وواقع الأمر بالنسبة للركاب من سوريا والعراق وأفغانستان والدول الأخرى التي مزقتها الصراعات والتي تعاني من حرمان اقتصادي هو أنهم ربما يكونون بهذه الخطوة يدفعون ثمن موتهم. وفي يوم الإثنين، بينما كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تدعو إلى "نتائج سريعة" في حملة تركيا الأمنية ضد المهربين، وبينما كان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، في المقابل، يدعو إلى مشاركة أكبر من قبل حلف شمال الأطلسي، كانت رياح الشتاء تلفح بحر إيجه وتتسبب في غرق قاربين ووفاة ما لا يقل عن 33 شخصاً آخرين.
 
وتجدر الإشارة إلى أن تركيا عززت بالتأكيد حملتها لمكافحة التهريب بعد صفقتها الأخيرة المثيرة للجدل مع الاتحاد الأوروبي. وقد واجهت عملية يماني أعداداً إضافية من رجال الشرطة على طول الطريق من اسطنبول وفي المناطق الساحلية، لكنه يؤكد للعملاء أن لديه اتصالات مع أشخاص في الداخل "سوف يقومون بتبليغنا" إذا كانت هناك حاجة للتحايل على نقاط التفتيش أو دفع رشاوى لمسؤولين أمنيين.
 
 
ويقول يماني أن هذا السعر يقل بحوالي النصف عن الأسعار التي طالب بها المهربون خلال أشهر الصيف، عندما كانت المياه أكثر هدوءاً واحتمالات وقوع حوادث للقوارب والإصابة بانخفاض حرارة الجسم أقل مما هي عليه الآن. لكنه يضيف أن رحلة الشتاء "مريحة وليست خطيرة، إن شاء الله".
 
وإذا كان يعلم، فإنه لا يذكر أنه منذ بداية عام 2016، لقي أكثر من 360 شخصاً حتفهم أو أصبحوا في عداد المفقودين خلال محاولة عبور بحر إيجه، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة؛ مقارنة بـ82 حالة وفاة تم تسجيلها خلال نفس الشهر من العام الماضي.
 
تدابير جديدة ضمن صفقة الاتحاد الأوروبي 
 
وقد عبر نحو 2.5 مليون لاجئ سوري الحدود إلى تركيا منذ بدء الحرب في سوريا، مما يجعلها أكبر مضيف للاجئين السوريين في العالم. وتتعرض البلاد لضغوط متزايدة من قبل الاتحاد الأوروبي لوقف تدفق اللاجئين والمهاجرين الذين انطلقوا من شواطئها بمئات الآلاف بغرض الوصول إلى الجزر اليونانية القريبة مثل ليسفوس.
 
وفي محاولة للوفاء بتعهداتها ضمن صفقة مساعدات بقيمة 3.2 مليار دولار تم توقيعها مع الاتحاد الأوروبي في شهر نوفمبر الماضي، بذلت تركيا جهوداً لإحكام الرقابة على حدودها، وتضييق الخناق على شبكات التهريب، وتحسين الظروف المعيشية للاجئين السوريين، وذلك جزئياً عن طريق إصدار تصاريح عمل لأولئك المقيمين في البلاد لمدة ستة أشهر أو أكثر.

 

في الأول من فبراير، أعلن المتحدث باسم الحكومة نعمان كورتولموش خلال اجتماع لمجلس الوزراء أن تركيا "قررت تصنيف التهريب على أنه أحد جرائم الإرهاب والجريمة المنظمة، وسن تعديلات قانونية بهذا المعنى تشمل مصادرة الأصول المستخدمة في التهريب".
 
وأضاف أن الحكومة بصدد تشكيل فريق أمني خاص من الشرطة لمكافحة تهريب البشر، وأنه قد تم التوقيع على مرسوم لتعزيز التنسيق بين الشرطة وخفر السواحل والحكومات المحلية والمؤسسات الأخرى ذات الصلة.
 
وقد احتلت هذه التدابير عناوين الصحف في تركيا، وكان آخرها في 6 فبراير عندما داهمت الشرطة التركية ثلاثة مصانع لإنتاج قوارب مطاطية غير مرخصة ودون المستوى المطلوب بغرض استخدامها لتهريب المهاجرين إلى اليونان. وفي الأسابيع الأخيرة، نشرت تركيا أيضاً قوات درك إضافية على طول ساحلها على بحر ايجة.
 
المهربون يتكيفون سريعاً
 
ولكن التمشيط المتكرر للشواطئ داخل المدن الساحلية وفي محيطها غير كاف للقبض على جميع المجموعات. وقد تكيف المهربون مع ذلك عن طريق العمل بشكل أكثر خلسة. إنهم يغيرون باستمرار الفنادق أو المواقع في الغابات التي ينتظر بها اللاجئون قبل رحيلهم، وببساطة ينتظرون حتى يصبح الساحل خالياً - في كثير من الأحيان في الصباح الباكر - قبل إعطاء الضوء الأخضر للصعود على متن القوارب.
 
منذ أوائل القرن الحالي، تبدو الحكومة التركية عاجزة تقريباً عن منع تهريب البشر من التحول إلى صناعة تساوي عدة مليارات من الدولارات كما هو حالها اليوم.
 

 

وفي السياق نفسه، قالت فوليا مميس أوغلو، الأستاذ المساعد في جامعة كوكوروفا التي تدرس شبكات التهريب والاتجار بالبشر في تركيا، أن الطابع عبر الوطني لهذه الأعمال يشكل تحدياً كبيراً. وأخبرت شكبة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن تهريب البشر يشمل "بلداناً مختلفة ومجرمين يتكيفون بسهولة شديدة مع الديناميات المتغيرة لتدفقات الهجرة".
 
زعماء عصابات سرية
 
وأفادت مميس أوغلو أنه وفقاً للاجئين، غالباً ما يكون الميسرون من أصل سوري ويمثلون صورة "أنيقة ونظيفة" يبنون على أساسها الثقة، ولكن هذه الشخصيات ليست سوى وجهاً جيد المظهر لشبكة أوسع يصعب تحديد زعمائها المختفين والذين يتسمون بقدر من المكر يجعلهم يُبدلون مرؤوسيهم باستمرار.
 
وفي بعض الأحيان، يسعى الميسرون إلى "توفير المال هم أيضاً لكي يتم تهريبهم عبر طرق تهريب المهاجرين، ولذلك، فإنهم قد لا يكونون في تركيا بعد بضعة أسابيع أو بضعة أشهر،" كما أوضحت مميس أوغلو.
 
وعلى الرغم من المياه الجليدية وضغوط الحكومة، فقد ازداد الطلب على السفر إلى أوروبا منذ العام الماضي، ومن المتوقع أن يستمر ارتفاع عدد أولئك الذين يصلون إلى الشواطئ الأوروبية، فضلاً عن عدد القتلى.
 
صعود مواقع التواصل الاجتماعي
 
وعلى عكس العام الماضي، عندما كان المهربون يجتذبون العملاء علناً في الأحياء التي يُقبل عليها اللاجئون، يقول يماني أن معظمهم قد نقلوا عمليات التجنيد الآن بعيداً عن الشوارع وإلى أعماق مواقع التواصل الاجتماعي، مكثفين حملات الدعاية الخاصة بهم على عدد غير معروف من المجموعات على مواقع فيسبوك وواتس أب وفايبر.
 
وبالإضافة إلى القوارب، يعلن المهربون عن بيع وثائق مزورة يمكن أن تجعل التسجيل أسهل بمجرد وصول الناس إلى اليونان. وتتراوح الأسعار بين 50 دولاراً للحصول على شهادة زواج و1,250 دولاراً لشراء جواز سفر.
 
وقال متحدث باسم موقع فيسبوك أن عصابات التهريب تنتهك معايير مجتمع فيسبوك، وتتم إزالتها بمجرد إخطار الشركة عن وجودها. مع ذلك، من المستحيل مواكبة الوتيرة السريعة لتكوين مجموعات جديدة ومتغيرة باستمرار بلغات غالباً ما تكون غير مفهومة لدى المشرفين في المكاتب الأوروبية أو الأمريكية.
 
"يسارع فيسبوك بإزالة الصفحات التي تعمل على تهريب البشر، ولكن المشكلة هي أننا نشهد امتداداً لوكلاء السفر المجهولين والمتخفين بشكل جيد، الذين يستغلون الحاجات والضرورات الهائلة للأشخاص اليائسين الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي بالطبع - فيسبوك وجوجل هانج آوتس- سمها ما شئت، أياً كانت الوسيلة الناجحة،" كما أفاد المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة ليونارد دويل في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).

 

 
في مجموعات مثل "سوق المهربين" أو "المهربون إلى أوروبا" أو "رحلات من تركيا إلى اليونان" المخصصة لاجتذاب السوريين في تركيا وأماكن أخرى، وصلت أسعار الشتاء التنافسية إلى مستويات منخفضة قياسية جديدة، حيث أصبح المهربون يتقاضون 500 دولار فقط مقابل الرحلة الواحدة.
 
ولكن هذه الأسعار تثير قلق الخبراء من أن المهربين يلجؤون إلى طرق مختصرة أكثر من قبل، ويرسلون اللاجئين في قوارب أقل جودة وبمزيد من سترات النجاة المزيفة غير القابلة للطفو ولا تمثل عوناً يُذكر بالنسبة لكثير من اللاجئين غير القادرين على السباحة.
 
الأمر يستحق المخاطرة
 
إسماعيل، وهو لاجئ من حمص، طلب عدم ذكر اسم عائلته بسبب مخاوف أمنية، في منتصف فترة عمل تمتد لمدة 12 ساعة يبيع خلالها الشاي مقابل ليرة تركية واحدة (30 سنتاً) للإنفاق على زوجته وأطفاله الثلاثة، ولكن الرواتب غير الرسمية مثل راتبه ليست كافية، ولذلك فإنه يستقطع من مدخراته لتغطية ارتفاع أسعار المواد الغذائية والايجارات.
 
ويرى إسماعيل حافلات خاصة صغيرة مليئة باللاجئين المغادرين يومياً، حتى أثناء العواصف الثلجية، من حي اكساراي الذي يسكن فيه، ويقول أن مواطنيه "شهدوا من الحروب والدمار ما يكفي لجعل الأمر يستحق القيام بمخاطرة واحدة إضافية من أجل الوصول إلى مكان أفضل".
 
وفي حين يُقبل اللاجئون على المخاطرة بالسفر على متن قارب إلى اليونان للهروب من "الاستغلال" المتفشي في مدن تركية مثل اسطنبول، "يعيش المهربون في سعادة جمّة" كما يقول إسماعيل، مضيفاً أنه "يمكنهم كسب 20,000 دولار شهرياً في الشهر المزدحم. ولديهم كل شيء: المنزل والسيارات وكافة الإمكانات - في حين لا نملك نحن إلا القليل".
 
ويقول الشباب، مثل محمد موسى البالغ من العمر 29 عاماً، أنهم لا يستطيعون الانتظار أكثر من ذلك لبدء حياتهم.
 
"عندما جئت إلى تركيا، لم أحصل على أي شيء من حيث حقوق الإنسان،" كما قال موسى، الذي دفع لبعض المهربين 600 دولار لنقله عبر البحر إلى اليونان في الشهر الماضي، وهو يواصل الآن رحلته بهدف الوصول إلى ألمانيا.
 
لقد كانت الرحلة من مدينة أزمير التركية الساحلية إلى جزيرة ليسفوس اليونانية باردة وشعر موسى "بالأمواج"، لكنه لم يكن يستطيع الانتظار حتى قدوم الربيع لأن الأسعار ستكون بعيدة المنال.
 
وأضاف قائلاً: "في تركيا، في كل مكان عملت به وأي شيء فعلته، كنت أشعر بالضياع. على الأقل في أوروبا، سوف تكون لدي حقوق وسوف أحظى بفرصة لكسب بعض المال وإرساله إلى أسرتي التي لا تزال تعيش في سوريا".
 
sr/ag-ais/dvh

 

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join