تدرس دول الاتحاد الأوروبي فتح أبوابها أمام المزيد من اللاجئين السوريين، في الوقت الذي تبحث فيه عن طرق لإغلاقها أمام طالبي اللجوء من بلدان أخرى.
وعندما يجتمع وزراء الشؤون الداخلية والعدل في قمة طارئة حول أزمة اللاجئين في بروكسل يوم الإثنين المقبل، سيشمل جدول الأعمال مرة أخرى بنداً (يقومون بدراسته منذ سنوات) يتعلق بإعداد قائمة مشتركة تضم "دول المنشأ الآمنة" لكي يتم تطبيقها على طالبي اللجوء في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.
ووفقاً لتوجيه الاتحاد الأوروبي المتعلق بإجراءات اللجوء، يمكن لدولة عضو أن تحدد دولة ما على أنها "آمنة" إذا كانت خالية من الاضطهاد والعنف العشوائي والصراعات المسلحة بشكل عام (تُعتبر جميع دول الاتحاد الأوروبي تلقائياً دول منشأ آمنة).
وتجدر الإشارة إلى أن العديد من دول الاتحاد الأوروبي لديها بالفعل قوائم دول المنشأ الآمنة الخاصة بها، والتي تُستخدم لمساعدة المسؤولين على تحديد طلبات اللجوء التي من المحتمل أن لا تكون حقيقية، وبالتالي يمكن أن يكون البت فيها سريعاً أو معالجتها على الحدود. ولكن قوائم دول المنشأ الآمنة تختلف حالياً من دولة عضو إلى أخرى، حيث تظهر دول مثل السنغال، على سبيل المثال، في القوائم المستخدمة من قبل فرنسا وألمانيا، ولكن ليس في تلك المستخدمة من قبل بريطانيا وبلجيكا. كما أن بعض البلدان لا تستخدم قوائم دول المنشأ الآمنة على الإطلاق.
وفي هذا الإطار، قالت سيلين باولوز، الأستاذ المشارك في مبادرة قانون اللاجئين في جامعة لندن، أن "فائدة وجود قائمة [مشتركة] في الاتحاد الأوروبي هي تفادي اعتبار دولة ما أكثر جاذبية من قبل طالبي اللجوء، مقارنة بالدول الأعضاء الأخرى".
لكن منتقدي الفكرة يحذرون من أن ذلك من شأنه أن يضر العديد من طالبي اللجوء الحقيقيين.
وتؤكد مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن الطلبات المقدمة من مواطني الدول الآمنة لا تزال بحاجة إلى دراسة "بشكل فردي بناءً على جدارتها". ولكن باولوز أكدت أنه على أرض الواقع، تجعل سرعة البت في الطلبات المقدمة من مواطني دول المنشأ الآمنة من الصعب جداً بالنسبة لطالبي اللجوء إثبات حاجتهم للحماية.
"من وجهة نظري، ستزيد قائمة الاتحاد الأوروبي الطابع المؤسسي على اتخاذ القرارات المُعجّلة التي لا توفر ضمانات مناسبة لطالبي اللجوء بأن طلباتهم يتم البت فيها بشكل صحيح،" كما أضافت.
رفض طلبات طالبي اللجوء الأوكرانيين
وفي العام الماضي، حصد العنف في شرق أوكرانيا حياة 7,000 شخص وخلّف 16,000 جريح، في حين أصبح خمسة ملايين شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
انظر: الكفاح من أجل البقاء على خط المواجهة في أوكرانيا
مع ذلك، لا تزال أوكرانيا مدرجة على قوائم دول المنشأ الآمنة في بريطانيا وبلغاريا ولوكسمبورج، على الرغم من توصيات الأمم المتحدة بحذفها. ومن أصل 76 أوكرانياً تقدموا بطلبات لجوء في بريطانيا، تمت الموافقة على طلب واحد فقط خلال الفترة من أبريل إلى يونيو.
لم يكن أنطون يشعر بالأمان في أوكرانيا. وفي عام 2014، غادر منزله في مدينة دونيتسك التي دمرتها الحرب إلى بلجيكا، حيث ينتظر قراراً بشأن منحه وضع لاجئ.
وفي حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال أنطون: "على الرغم من أنني أعتقد أن أوكرانيا آمنة بالنسبة لمعظم السكان، فإنها بالتأكيد ليست آمنة بالنسبة لبعض الناس. لقد غادرت بسبب التهديد والترهيب من قبل الموالين لروسيا بسبب موقفي النشط المؤيد لأوكرانيا. وتم إدراجي على العديد من القوائم السوداء، بما في ذلك كل معلوماتي الشخصية: صورتي، ورقم هاتفي، وعنواني وروابط لمواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بي".
ويأمل أنطون في قبول طلبه في بلجيكا، التي لم تُدرج أوكرانيا على قائمة دول المنشأ الآمنة الخاصة بها.
لأقليات المضطهدة في البلدان "الآمنة"
ومن المتوقع إدراج دول غرب البلقان، بما في ذلك صربيا وكوسوفو، في أي قائمة مشتركة يعدها الاتحاد الأوروبي، ولكن في عام 2014، جاءت طلبات اللجوء المقدمة من مواطني دول غرب البلقان إلى دول الاتحاد الأوروبي في المرتبة الثانية بعد الطلبات المقدمة من السوريين، ونادراً ما كان يتم الاعتراف بها. ويمكن أن تنضم إلى دول البلقان أماكن مثل الهند وجورجيا وهايتي والجزائر ومنغوليا - وهي بلدان تعاني أيضاً من معدلات اعتراف باللاجئين منخفضة للغاية في معظم الدول الأعضاء.
من جانبها، تضغط ألمانيا، التي تتلقى حتى الآن معظم طلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي، من أجل إعداد قائمة دول آمنة على مستوى الاتحاد الأوروبي. وفي العام الماضي، أضافت بشكل مثير للجدل صربيا والبوسنة والهرسك ومقدونيا إلى قائمة البلدان الآمنة الخاصة بها، ويحرص السياسيون الألمان الآن على إضافة ثلاث دول آخرى، هي ألبانيا وكوسوفو والجبل الأسود.
وقد غمرت طلبات اللجوء المقدمة من مواطني دول البلقان ألمانيا. وقال رئيس المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، مانفريد شميت، مؤخراً لمجلة دير شبيجل أن 40 بالمائة من طلبات اللجوء الحالية في ألمانيا جاءت من مواطني منطقة البلقان. وأشار إلى أنه نادراً ما يتم الاعتراف بهم كلاجئين.
ويفر معظمهم من اليأس والفقر في أوطانهم، لكن ماركو كنودسن، وهو ناشط يدافع عن حقوق الغجر من طائفة الروما ويقيم في هامبورغ، قال أنه من الخطأ أن نفترض أن جميع طالبي اللجوء من تلك البلدان مهاجرون لأسباب اقتصادية. ففي كثير من الأحيان، تحاول أقليات مثل طائفة الروما الفرار من التمييز المنهجي.
وأضاف أن "الدول الآمنة يمكن أن تكون آمنة بالنسبة لغالبية السكان، ولكن ليس لطائفة الروما، لأن وضع الغجر في البلقان أسوأ من [أي مكان آخر] في أوروبا".
وتمثل مجموعة الهجرة من المثليين في المملكة المتحدة أقلية أخرى غالباً ما تُعاقب على كونها من الدول المدرجة على قوائم دول المنشأ الآمنة.
وأوضح المدير التنفيذي للمجموعة بول ديلين أن "نيجيريا وجنوب أفريقيا وسيراليون وغانا من البلدان التي لدينا بها عملاء فارين من الاضطهاد بسبب طبيعتهم والأشخاص الذين يحبونهم، مع ذلك فإنها جميعاً بلدان مدرجة على قائمة الدول الآمنة في المملكة المتحدة".
ويعتقد أن إعداد قائمة بلدان المنشأ الآمنة على مستوى الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يزيد من خطر اتخاذ قرارات ظالمة حول منح صفة لاجئ.
"ينبغي تقييم كل فرد على أساس جدارته. إذا قال شخص أن حياته في خطر، فإن طلبه يستحق تقييماً جدياً للغاية، ولكن قوائم دول المنشأ الآمنة تشجع على التعميم،" كما أضاف.
وأفاد جيمس هاثاواي، الخبير الرائد في مجال القانون الدولي للاجئين في جامعة ميشيغان، أن مفهوم قوائم دول المنشأ الآمنة يسير في الاتجاه الخاطئ.
وأوضح أن "أوروبا تتصرف بناءً على انطباع خاطئ بأنه من الممكن اعتبار دولة بأكملها آمنة. لا يوجد شيء يمكن وصفه بأنه دولة منشأ آمنة. لقد أنتجت كل دول العالم لاجئين، بما في ذلك كندا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة".
mm/ks/ag-ais/dvh