دعت منظمات الإغاثة والسلطات في شرق تشاد السكان المحليين إلى عدم فقدان الثقة في المجتمع الإنساني الدولي، بعد اتهام أعضاء من منظمة فرنسية تدَّعي محاولة إنقاذ أيتام سودانيين من الحرب الدائرة في دارفور بتهمة الاحتيال واختطاف قاصرين.
وكانت السلطات الأمنية قد ألقت القبض يوم 25 أكتوبر، في مطار أبيشي شرق تشاد، على ستة أفراد من منظمة فرنسية تدعى آرش دو زوي" كانوا يتحضرون لنقل 103 أطفال إلى عائلات مضيفة في فرنسا. واتهمت الحكومة التشادية المنظمة الفرنسية بتهريب الأطفال، مما يعرض أعضاءها للحكم بالسجن والأعمال الشاقة لفترة قد تصل إلى 20 عاما.
وكانت هذه الحادثة قد أثارت مخاوف المنظمات الإنسانية العاملة مع الأطفال في تشاد، التي تخشى أن يعتقد السكان المحليون أن التصرف المشين لمنظمة "آرش دو زوي" هو تصرف مألوف في المجال الإنساني.
وفي هذا الصدد، وقعت 21 منظمة غير حكومية عاملة في شرق تشاد بما فيها منظمة "إنقاذ الأطفال" ومنظمة أوكسفام ومنظمة "العمل ضد الجوع"، بيانا مشتركا عبرت فيها عن "قلقها العميق" من آثار هذه الحادثة التي وصفها البيان بأنها "خرق صارخ" لحقوق الطفل.
وجاء في البيان: "منذ قدومنا إلى تشاد ونحن نعمل عن قرب مع المجتمع التشادي والسوداني لضمان الاستجابة لحاجاته الأساسية. وقد دأبنا على احترام حقوق الأطفال في المجتمعات التي نخدمها، وسنستمر في التركيز على ذلك لأنه جزء لا يتجزأ من المبادئ الأساسية لعملنا".
بدورها، أصدرت منظمات الأمم المتحدة العاملة في تشاد بيانا مشتركا في 26 أكتوبر عبرت فيه عن تنديدها بهذه الحادثة "التي تسيء إلى العمل الدؤوب والجاد الذي ظلت معظم المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في تشاد تقوم به طيلة عقود من الزمن، مع كامل الاحترام للقوانين المحلية والمعايير الدولية".
وفي هذا الإطار، قال وزير العدل التشادي، باهيمي باداكي ألبرت، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "هذا التصرف لا ينبغي أن يؤثر على كل الجهود الإنسانية التي تقوم بها المنظمات الإنسانية لصالح شعب تشاد. فالأمر لا يتعدى منظمة واحدة تصرفت خارج المعايير المألوفة".
أما أعضاء منظمة "آرش دو زوي" فقد أصروا على أنهم كانوا فقط يحاولون إنقاذ حياة الأطفال وبأنهم حصلوا على إذن شامل بذلك من الحكومة التشادية. ولم يتم إثبات أي من التهم الموجهة لهم أمام المحكمة بعد.
الخوف
عبر بعض عمال الإغاثة عن خوفهم من أن يزيد هذا التصرف من صعوبة أدائهم لمهامهم، خصوصا إذا نظر السكان المحليون إلى كل المنظمات غير الحكومية بنفس النظرة التي ينظرون بها إلى منظمة "آرش دو زوي". وقال ماكبيدجي هنزي، وهو مواطن تشادي سبق له العمل مع العديد من منظمات الإغاثة الدولية: "سمع الناس عن قيام منظمة غير حكومية غربية بتهريب الأطفال، وهذا سيسب لنا مشكلا كبيرا. فعندما سنحاول العمل مع الأطفال أو مع المسنين، سيتساءل الناس حتما إذا ما كنا نخفي أية مخططات أخرى".
غير أن رولاند فان هويرميرن، مدير مكتب أوكسفام بتشاد والناطق باسم لجنة المنظمات غير الحكومية، فقد أفاد بأن هذه الحادثة لم تؤثر على عمل المنظمات غير الإنسانية الأخرى في الأيام التي تلت إلقاء القبض على أعضاء منظمة "آرش دو زوي". كما أضاف قائلا: "إننا نواصل تقديم خدماتنا مثل السابق. إن السكان المحليين أذكياء بما فيه الكفاية ليفصلوا بين الأمور".
وقد تم إيداع الأطفال في ملجأ للأيتام في أبيشي تحت رعاية وزارة الشؤون الاجتماعية بتشاد، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونسيف)، واللجنة الدولية للصليب الأحمر. وتم تزويدهم بالغذاء والملابس ووسائل الترفيه في انتظار إعادتهم إلى ذويهم.
"