بدأ سكان مخيم عين بيت ألما للاجئين لملمة شتاتهم بعد أن تسبب التوغل العسكري الإسرائيلي الأسبوع الماضي في تشريد العشرات منهم وزرع الرعب في قلوب الكثيرين وخصوصاً الأطفال. ويقول السكان بأن المواجهات مع المقاتلين الفلسطينيين ألحقت أضراراً كبيرة بنظام الصرف الصحي في المخيم.
في نفس السياق، قال محمد مسيمي، 26 عاماً، بأنه اضطر وزوجته وأطفاله الثلاثة للاختباء داخل حمام شقتهم لأكثر من يوم خوفاً من التعرض لطلقات نارية طائشة ناتجة عن المواجهات التي كانت تجري خارج شقتهم. إلا أن الرصاص وصل إلى غرفة الحمام التي كانوا يختبئون فيها مما اضطرهم إلى الاحتماء وراء أحد الجدران السميكة.
وواصل محمد سرد أحداث ذلك اليوم لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلاً: بعد ذلك جاء الجنود وأمرونا بالمغادرة. قالوا بأنه علينا إغلاق آذاننا ثم فجروا الطابق الذي فوقنا. لا أحد يسكن هناك"، ولكن الانفجار تسبب في تدمير الطابق العلوي بشكل كامل بالإضافة إلى إلحاق أضرار بنائية بباقي البناية. وتعيش عائلة محمد الآن مع أصهاره.
من جهته، صرح الجيش الإسرائيلي بأن الهدف من هذه العملية التي دامت ثلاثة أيام هو "الحيلولة دون تنفيذ هجمات إرهابية داخل إسرائيل"، وبأن المعلومات التي تم الحصول عليها ممن أُلقيَ القبض عليهم، ومجموعهم 49 شخصاً، قاد إلى العثور على حزام ناسف كان قد تم تهريبه من قبل إلى داخل تل أبيب.
الخوف
إلا أن السكان يقولون بأن هذا التوغل ترك آثاراً بليغة في نفوس المدنيين، إذ قال محمد: "يخاف أطفالي من العودة إلى هنا"، مضيفاً أنهم يقيمون الآن لدى أحد الأصدقاء الذي يسكن في الجوار.
الصورة: شبتاي جولد/إيرين |
فتاة فلسطينية ترتاد إحدى مدارس الأونروا تحاول تفادي حطام بيت مدمر |
وقالت سامية أبو صلاح التي يرتاد أطفالها مدارس الأونروا ويشاركون في برنامج يهدف لمساعدتهم على التعبير عن مشاعرهم :"لا يدرس الأطفال الآن، لأنهم خائفون. فهم يذهبون إلى المدرسة فقط ليرسموا أو يلونوا أو يقرؤوا القصص".
وكان بيت سامية قد تعرض لهجمة إسرائيلية روت وقائعها قائلة: "سمعنا أصواتً قادمة من أسفل غرفة نومنا. لقد كان اليهود في الأسفل. تحركنا جميعاً باتجاه الدرج، وعندها رأيناهم قادمين من الطابق السفلي". كان الجنود قد قاموا بتفجير الشقة الموجودة بالأسفل وبدؤوا في الصعود.
تكتيك "عبر الجدران"
ووفقاً لسكان بيوت أخرى، استعملت إسرائيل نفس التكتيك الذي يطلق عليه "عبر الجدران"، حيث يدخل الجنود بيت الجيران ويحطموا الجدران المشتركة للوصول إلى البيت الذي يستهدفونه دون أن يعرضوا أنفسهم للكشف أو لمخاطر الطرقات الضيقة.
الصورة: شبتاي جولد/إيرين |
"الأصوات الصادرة عن الاقتتال تزعج أذنيَّ كثيراً". عائشة، 74 عاماً |
وقال العديد من الأشخاص بأن الجنود يستعملون ثلاثة سكان محليين كدروع بشرية، وهي ممارسة تعتبرها المحكمة العليا الإسرائيلية ممارسة غير قانونية. ولكن الجيش الإسرائيلي أفاد بأنه "لم يكن على علم بمثل هذه الحادثة".
وفي مناطق أخرى، قال السكان بأنه تم تطويقهم خارج بيوتهم ليستعملها الجنود كنقاط مراقبة.
ويقول غسان، وهو معلم في إحدى المدارس: "استضاف أخي 71 شخصاً في بيته لمدة يومين: النساء في غرفة والرجال في غرفة أخرى. استنفذوا كل طعامهم في اليوم الأول، أما في اليوم الثاني فحصلوا على الخبز من لجنة الإغاثة الطبية الفلسطينية.
أما عائشة التي تبلغ من العمر 74 عاماً، فقالت بينما كانت تجلس على الأرض تحضر الحساء من المساعدات الغذائية التي تقدمها الأونروا: "إن الأصوات الصادرة عن الاقتتال تزعج أذنيَّ كثيراً".
وبينما كانت أنابيب المجاري المدمرة خلال الاقتتال تصدر روائح كريهة تنفذ إلى داخل بيتها، قالت العجوز: "إن النوافذ مكسورة وأتمنى أن يصلحوها قبل بدء فصل الشتاء. أصبح الجو باردا الآن خلال الليل".
"