يقول فاضل عودة، وهو طالب لجوء عراقي مقيم مؤقتاً في باكستان: لا أستطيع العودة إلى العراق. فسيقتلونني إن عدت"، موضحاً بأن ارتباطه السياسي بصدام حسين يشكل خطراً على حياته إذا ما عاد إلى بلاده.
ويتذكر فاضل، وعيناه تملؤها الدموع، الرحلة البرية التي قام بها من العراق إلى باكستان عبر إيران، على أمل الحصول على حياة أفضل لأسرته.
ففاضل أب لسبعة أبناء، تقدم للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بطلب لجوء عام 1998، ولكن طلبه قوبل بالرفض، مما اضطره لمواصلة العيش في باكستان بدون عمل ولا وثائق ولا مساعدة ولا حق قانوني في الوجود في هذا البلد. ويقول أن ظروفه المزرية ومحدودية خياراته أجبرته على التوسل أمام مساجد روا لبندي لإعالة أسرته، مردداً بأن لا يهتم لأمره بل لأطفاله الذين يود أن "يضمن حياة أفضل لهم"، حيث لا يذهب أي منهم إلى المدرسة.
ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يعيش أكثر من 150 لاجئ عراقي في باكستان اليوم، معظمهم قدم إليها عام 1991 بعد حرب الخليج. ويسكن هؤلاء في شتات في مختلف أنحاء باكستان وهم مهملون إعلامياً في الوقت الذي يركز فيه الإعلام كل اهتمامه على المليوني عراقي الموجودين في سوريا والأردن وغيرهما من دول الشرق الأوسط.
من جهته، قال أيمن عبد المجيد، قنصل العراق في العاصمة الباكستانية إسلام أباد بأن "هؤلاء الأشخاص تعرضوا للنسيان، وهم الآن بحاجة للمساعدة".
بطاقة اللاجئ
وتظل المساعدات التي تتلقاها هذه المجموعة الصغيرة من العراقيين محدودة وتعتمد على إبرازهم لبطاقة اللاجئ المقدمة لهم من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وأوضحت فيفيان تان، الناطقة باسم المفوضية في إسلام أباد، بأن المفوضية لا تقدم المساعدات الشاملة للاجئين المدنيين في باكستان، بالرغم من أنها قد تنظر في الطلبات التي تقدمها الأسر المحتاجة للحصول على بدل إعاشة أو مساعدة طبية.
ومنذ 5 أعوام، تم ترحيل معظم العراقيين الموجودين في باكستان جواً إلى العراق بمساعدة السفارة العراقية في باكستان. وكان عددهم في ذلك الوقت يفوق 600 شخص، تعرض معظمهم للترحيل في حين تذرع من تبقى منهم بأسباب أمنية تمنعه من العودة.
وأخبر أيمن عبد المجيد شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) بأن "معظم اللاجئين العراقيين الموجودين في باكستان ينتظرون توطينهم في بلد ثالث" وأن "الأمر بالنسبة لهم عبارة عن لعبة انتظار. وهو بالضبط ما يقومون به"، فالبعض منهم ما زال ينتظر منذ 17 عاماً.
بدورها أوضحت تان بأن "اللاجئين العراقيين، شأنهم في ذلك شأن كل اللاجئين المعترف بهم في جميع أنحاء العالم، يواجهون تحدي الاندماج في مجتمع جديد، وتعلم لغة جديدة ومحاولة مواصلة حياتهم العادية في أسرع وقت ممكن".
الصورة: ديفيد سوانسون/إيرين ![]() |
توفر بطاقة اللاجئ التي تصدرها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بعض الحماية |
وتمكن محمد من الحصول على بطاقة لاجئ من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مما يعني أنه سيتمكن من الحصول على ما يكفيه من مال لدفع إيجار الغرفة التي يسكن فيها في روالبندي. ولكنه يقضي معظم وقته وحيداً أمام تلفازه الصغير.
ويبقى محمد إنساناً منكسراً ليس لديه سوى قليل من الأمل في غد أفضل. فقد رُفِض الطلب الذي تقدم به للتوطين في بلد ثالث خمس مرات، وفقدت الحياة كل معنى بالنسبة له. وبالرغم من أنه لا زال يأمل بالالتحاق بعائلته في كندا إلا أنه يعي بأن خياراته أصبحت محدودة وشبه منعدمة.
طلب المساعدة
الصورة: ديفيد سوانسون/إيرين ![]() |
يعيش محمد شاكر سلمان، وهو لاجئ عراقي يبلغ من العمر30 عاماً، في باكستان منذ ثمانية أعوام ويحلم بأن يلتحق يوماً ما بعائلته في أمريكا |
أما محمد شاكر سلمان، وهو عراقي آخر يعيش في باكستان منذ ثمانية أعوام، لم يتقدم بطلب اللجوء إلا في 25 يناير/كانون الثاني 2007. ويصف حالته قائلاً: "أسرتي في أمريكا. فلماذا أعود إلى العراق. ليس لدي أي شيء هناك. وأنا سُني وأسكن في حي شيعي".
وفي نفس السياق، ناشد عراقي يائس شبكة الأنباء الإنسانية لتقديم المساعدة له، قائلاً: "باكستان كالسجن... رجاء ساعدونا".
"