1. الرئيسية
  2. Asia
  3. Pakistan

طلاب باكستان: بين السخرة والعلم

School children attending class at Noor Model School in Shamshatoo, Pakistan Sumaira Jajja/IRIN

 يقول بعض المسؤولين المحليين أن انتشار الفقر والجهل، والمواقف السلبية تجاه تعليم الفتيات، وعدم وجود الوثائق الملائمة لأطفال المهاجرين الأفغان، تشكل كلها عقبات تحول دون التحاق الأولاد بالمدارس في ضاحية فقيرة من مدينة بيشاور الباكستانية. وتقع شمشاتو على مشارف بيشاور، عاصمة مقاطعة خيبر باختونخوا، حيث ولد العديد من الأطفال لآباء وأمهات من اللاجئين الأفغان. فالمخيم الذي كانوا يعيشون فيه مغلق الآن، ولكن ما زال عدد كبير من الأفغان يعيشون في المنطقة، حيث يصعب العثور على وظائف، ما يدفع بالعديد من أفراد العائلات الأكثر ضعفاً إلى العمل بالسخرة في أفران الطوب القريبة.

ولا يبدو أن التعليم يمثل أولوية بالنسبة لهؤلاء الناس. فيقول عبيد الله خان، وهو مدير مؤسسة العباسين الخيرية في باكستان: "الأسر هنا فقيرة جداً وكل يد قادرة على العمل لها أهميتها بالنسبة لهم. عندما يكون عليك تسليم 1,000 قالب طوب لكسب 300 روبية (3 دولارات أمريكية) في يوم واحد وليس لديك سوى يدين اثنتين، كم يمكنك أن تصنع؟" وتجدر الإشارة هنا إلى أن مؤسسة العباسين الخيرية في باكستان قررت مع مؤسسة العباسين في المملكة المتحدة والمنظمة غير الحكومية النمساوية "الأمل 87" أن تتحرّك لمساعدة هؤلاء وإقامة مدرسة لهم.

هذا وقد فتحت مدرسة النور النموذجية أبوابها في قرية باغبانان في شمشاتو في يناير 2009، بعد أن تبرع أحد المواطنين المحليين بالأرض. وتفرض المدرسة رسوماً تبلغ 25 روبية (27 سنتاً) في الشهر. ووفقاً لإنام الله خان، مدير المدرسة "عندما بدأت المدرسة، كانت تضم 44 من الصبيان و4 فتيات. وحتى الآن، لم يتركها العديد من الفتيان، ولكننا نرى الفتيات يتركن المدرسة قبل إنهاء الصف الثاني. فالناس هنا لا يرغبون بإرسال بناتهم خارج المنزل، وبمجرد وصولهن إلى سن معينة، تصبح الأولوية إتمام زواجهن". وعند زيارة المدرسة، وجدت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أكثر من 150 صبياً وحوالى 70 فتاةً مسجلين في خمسة صفوف (من الروضة حتى الصف الرابع). وأضاف مدير المدرسة قائلاً: "أرسل كثير من الآباء أولادهم إلى المدرسة على مضض بعد أن أقنعتهم شخصياً بذلك. أنا حافظ القرآن، وهم يعرفون ذلك". وقال صابر، البالغ من العمر تسع سنوات: "أريد أن أكون مدرساً أو طبيباً". فيعمل والد صابر سائقاً، ويعتبر صابر وشقيقه الأصغر أوفر حظاً من الأولاد الآخرين من حولهم؛ فعلى الرغم من مواردهما المحدودة، ليسا مضطرين للعمل في أفران الطوب المنتشرة على جانبي الطريق المؤدية إلى شمشاتو.

ويعَد معدّل الالتحاق بالمدارس في ولاية خيبر باختونخوا من أدنى المعدلات في باكستان. فوفقاً للبيانات المتوفرة في مكاتب المحافظات، يلتحق بالمدارس ما بين 58 و72 بالمائة من الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 5 و10 سنوات، مقارنةً بـ 77 إلى 97 بالمائة من الصبيان في نفس الفئة العمرية. ويتفاقم الوضع بسبب انعدام الأمن الذي ما زال يؤدي إلى تهجير الناس. فقد ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن نحو 149,440 أسرة (683,550 شخصاً) نزحوا من خيبر باختونخوا والمناطق القبلية بسبب استمرار انعدام الأمن والعنف الطائفي.

حياة تذهب سدى

يعمل الكثير من الأطفال في سن مبكرة في منطقة شمشاتو، وخاصة أولئك الذين لا يذهبون إلى المدرسة. فيقوم نصير* الذي لا يتجاوز الست سنوات من العمر، بمساعدة والده في صنع الطوب بعد دوام المدرسة، ويقول: ""المكان ساخن وأنا لا أحبه، ولكنني لا استطيع أن أرفض طلب والدي. وإذا كان عملي جيداً، أحصل على الحلوى".

في الواقع، يعمل 38 صبياً من أصل 150 طالباً في المدرسة في أفران الطوب بعد انتهاء دوام الدراسة، فتتلطّخ أظافرهم الصغيرة بصبغة الطوب. وليست الفتيات أفضل حالاً من الصبيان. فقد يفلتن من العمل في الأفران، ولكن يتزوج العديد منهن في سن مبكرة، قد لا تتجاوز الثانية عشرة. وأفاد الآباء والأمهات الذين يذهب أطفالهم إلى مدرسة النور أنهم يريدونهم أن يحصلوا على تعليم جيد. فقالت راضية*: "أريد أن يذهب أبنائي إلى المدرسة ويمارسوا عملاً محترماً في حياتهم". فاثنان من بناتها وأولادها الثلاثة قد التحقوا بالمدرسة، أما زوجها فيعمل كأجير يومي، لذا فهي تنظر إلى التعليم باعتباره وسيلة للتخلص من الفقر. وتضيف: "لقد رأيت الكثير من العائلات يحصلون على قروض، ثم يمضون بقية حياتهم يحاولون تسديدها. قد تستخدم القروض أحياناً لتغطية النفقات الطبية، وربما العمليات الجراحية، أو حتى وجبات الطعام في حفلات الزفاف. فعندما يكون تدبير وجبتين في اليوم مهمة صعبة، عليك أن تواجه خيارات صعبة".

القانون الجديد

يقول مسؤولون حكوميون أن الوضع سيتحسن عندما يتم تمرير دستور جديد يضمن التعليم المجاني للأطفال الصغار. فذكر أحد المسؤولين، فضّل عدم الإفصاح عن اسمه، أنه "بعد إقرار التعديل الثامن عشر في الدستور، سيضمن إدراج المادة 25-أ توفير التعليم المجاني من قبل الدولة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و16 عاماً. وسيساعدنا هذا على تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية في بلدنا، ولكن ما يجب أن ندركه هو افتقار الولاية إلى البنية التحتية والموارد. كما أن القواعد والثقافة التقليدية تزيد الأمر تعقيداً، حيث يتم النظر إلى تعليم البنات بشيء من الازدراء".

وتشير البيانات التي توفّرها الإدارة الإقليمية للتعليم الابتدائي والثانوي إلى بناء 525 مدرسةً ابتدائيةً في الولاية خلال عام 2009، تم تخصيص 50 بالمائة منها للبنات. كذلك، أشار المسؤول إلى أنه "يتم منح الطالبات في المدارس العامة راتباً كحافز لمواصلة دراستهن ابتداءً من الصف السادس وحتى الصف العاشر، في حين يتم توفير الكتب المدرسية مجاناً لجميع الطلاب من الحضانة إلى المرحلة المتوسطة (الصف الثاني عشر)". وعلى الرغم من هذا، فقد بقيت معدلات الالتحاق بالمدارس منخفضة جداً.

وأضاف عبيد الله خان: "أولاً هناك مسألة الرسوم، ثم التنقل، لا سيما بالنسبة للبنات. ليس لدينا الكثير من المعلمين الملتزمين في القطاع العام وهم دائماً يفضلون البقاء في المناطق الحضرية، بدلاً من الخدمة في القطاع الريفي. وحتى بالنسبة للقطاع الخاص أو المنظمات غير الحكومية، يشكل الحصول على مدرسات بارعات تحدياً كبيراً، نظراً لعدم وجود نساء كثيرات تقبلن بالعمل في المناطق الريفية".

sj/eo/cb-ais/bb

"
Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join