لا يهدد الحظر الذي فرضته إسرائيل على دخول الورق إلى قطاع غزة بحدوث نقص كبير في الكتب في القطاع فحسب، ولكنه يتعدى ذلك إلى تسليط الضوء على ما يعتبر مساعدات إنسانية شرعية.
فإسرائيل تسمح بعبور الغذاء والدواء والبنزين على أنها من أساسيات المساعدات الإنسانية على عكس الورق، بالرغم من أن العديد منا يعتبر التعليم أمراً حيوياً يحتاج إلى كل الدعم الذي يمكن الحصول عليه.
وقال جون جينغ، مدير مكتب الأونروا بغزة، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): سيتوافد حوالي 200,000 طالب على فصولنا الدراسية في الأول من سبتمبر/أيلول ولن يجدوا الكتب التي يحتاجون إليها".
وكان هذا النقص قد نتج عن رفض إسرائيل السماح لخمس شاحنات محملة بالورق بالدخول إلى غزة، بالرغم من أن القطاع كان بحاجة ماسة إليها في طباعة الكتب. وكانت إسرائيل قد شددت الخناق على الحدود مع غزة بعد سيطرة حماس عليها، مما تسبب في عرقلة وأحياناً توقف حركة الصادرات والواردات من وإلى القطاع باستثناء المواد الإنسانية الأساسية.
ويعتبر التطور الأخير الذي شهده الوضع في غزة مؤشراً على الاختلاف الحاصل في وجهات النظر بين إسرائيل من جهة والمنظمات الإنسانية من جهة أخرى حول ما يمكن اعتباره "مساعدات إنسانية" ضرورية.
وفي الوقت الذي أكد فيه شادي ياسين، من وحدة التنسيق بالجيش الإسرائيلي، التزام الدولة بالسماح للمساعدات الإنسانية بالدخول إلى القطاع، حيث لا يزال الغذاء والدواء وحتى البنزين يدخلون القطاع، يستمر الحظر على العديد من المواد الأخرى.
مشاريع الصحة العامة
وأوضح سيباستيان كوستر من منظمة كير الفرنسية بأن منظمته لازالت تحاول إدخال المواد الخام إلى غزة ولكن دون جدوى، مضيفاً بأن هذه المواد بما فيها الأنابيب والإسفلت والإسمنت اللازمة لمشاريع المياه والصرف الصحي تعتبر مواد إنسانية كذلك، لأنها ضرورية لضمان حصول السكان في غزة على المياه. غير أن إسرائيل تصر على أن السماح بمرور هذه المواد سيقفل الطريق أمام مرور المؤن الأساسية، إذ صرح مسؤول أمني إسرائيلي بأن "الأولوية الآن هي لإدخال الغذاء إلى القطاع"، مضيفاً بأن إسرائيل لن تنسق مع حماس على الطرف الآخر من الحدود لأنها تعتبرها مجموعة إرهابية. وفي غياب أي حل لهذا المأزق، ستبقى الحدود مقفلة.
من جهته، شدد جينغ من الأونروا على ضرورة إيجاد حل للأزمة، قائلاً: "إننا لا نستطيع إدخال المواد الحيوية مثل متطلبات البناء للبيوت والمدارس"، موضحاً بأن مخطط البناء يشمل أيضاً العيادات الصحية.
وكانت العديد من مشاريع المياه والصرف الصحي التابعة للأونروا قد توقفت نتيجة الحظر الذي تفرضه إسرائيل على الاستيراد، وهذه حسب جينع "مشاريع تخص الصحة العامة" وتكتسي أهمية إنسانية قصوى، إذ لا يمكن لشعب من الشعوب أن يحافظ على استمراره بالغذاء فقط.
الورق والتطرف
وحتى لو تمكنت الشاحنات المحملة بالورق من دخول القطاع فإن السنة الدراسية ستبدأ من غير كتب. فقد أوضح مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بأن طباعة ما يزيد عن 350,000 كتاب التي تحتاجها الأونروا يتطلب من المطابع العمل بتواصل لفترة تتراوح من 20 إلى 25 يوماً "مع افتراض أن الكهرباء ستظل تعمل بشكل جيد وبدون انقطاع".
من جهتهم، أوضح مسؤولون بإسرائيل فضلوا عدم الكشف عن هويتهم، بأن الدولة قلقة من أن يتم استعمال الورق في طباعة كتب تروج لأفكار حماس. غير أن غيرشون باسكن، المدير الإسرائيلي للمركز الفلسطيني الإسرائيلي للبحث والمعلومات، الذي يقود حملة لإدخال الورق إلى القطاع، أكد بأن حماس لا تنوي، إلى الآن، تغيير المنهج الدراسي. وبالرغم من أنه يشعر بأن احتمال وقوع ذلك "يثير القلق" إلا أنه يتساءل قائلاً: "هل سيؤدي عدم السماح لهم بالطباعة إلى القضاء على أفكارهم ومعتقداتهم؟ إن أرادوا تعليم التطرف، فبإمكانهم تحقيق ذلك بدون كتب". وختم باسكن حديثه بالقول بأن منع دخول الورق هو "حرمان للأطفال من حقهم في التعليم".