بدأ ضحايا الفيضانات في مختلف أنحاء باكستان بالعودة إلى ديارهم في القرى التي تحولت فيها المنازل إلى أكوام من الطين والطوب وتعرضت مزارعها للدمار وتحولت شوارعها إلى مستنقعات.
ولكن أسرة غلاب الدين العائدة إلى منزلها في قرية بالقرب من بلدة كاشمور في إقليم السند بعد قضاء أكثر من شهر في إقليم بلوشستان المجاور، تعد محظوظة. فقد أخبر غلاب الدين، 60 عاماً، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أثناء تجمع أسرته المكونة من تسعة أفراد في منزلها: "على الأقل لدينا بعض المأوى، فما تزال غرفتان في منزلنا قائمتين".
ولكن على الرغم من عودة غلاب وأسرته إلى دارهم، لم تعد جواميسهم الثلاثة، وهذا يعني أن الأسرة التي كانت تبيع الحليب لكسب لقمة العيش، لا تملك الآن أية وسيلة لكسب الرزق.
وقال غلاب لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) واصفاً سوء حاله: "لقد اقترضت بعض المال من أحد أقاربي، ولكن 30,000 روبية [350 دولاراً] لا تفيدنا كثيراً، فالمنزل بحاجة إلى إصلاح، ويجب إعادة زراعة الخضروات وشراء بعض المواد الأساسية مثل الملابس وأدوات المطبخ. وأنا بحاجة إلى جواميس لكسب لقمة العيش، ولكن كيف سيتسنى لي الحصول عليها؟"
ولمحاولة تلبية احتياجات أسرته الماسة، يفكر غلاب في السماح لابنه البكر، مطلوب أحمد، الذي يبلغ من العمر 14 عاماً، بالعمل. وعن ذلك قال: "سيكون ذلك لفترة قصيرة فقط، حتى نتمكن من الوقوف على أقدامنا، ثم يمكنه العودة إلى المدرسة. لقد سمعت أن بعض الأشخاص زاروا المنطقة لتقديم وظائف جيدة للفتيان".
ولا يزال تقييم الأضرار مستمراً، ولكن الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث تقول أن أكثر من 1.9 مليون منزل قد أصيب بأضرار أو دمر بالكامل مما ترك أكثر من ثمانية ملايين شخص بلا مأوى.
بدورها، قالت سماراندا بوبا، رئيسة قسم حماية الطفل بمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "مشاكل حماية الطفل، مثل عمالة الأطفال، ستظهر بعد مرحلة الإغاثة، أي بعد عودة الناس إلى ديارهم بقليل. فعندما لا يملك الناس أي شيء سوى 10 أطفال، سيصبح استغلال الأطفال وارداً. وقد يتم إرسال البعض إلى دور الأيتام ويفرض العمل على البعض الأخر وهكذا".
وأضافت أن اليونيسف تشارك حالياً في عمليات تقييم وتحليل لوضع استراتيجية مع الحكومة وتحديد الاحتياجات موضحة أن "التجارب المكتسبة من الكوارث الأخرى والتحليل المنطقي يخبرانا أن هناك دائماً مشكلة [بهذا الخصوص]، بغض النظر عن مكان حدوث الكارثة".
وكانت تقارير إعلامية قد أشارت إلى أن الأطفال في المناطق التي ضربتها الفيضانات يتلقون وعوداً بوظائف مربحة، ويبعدون عن أسرهم، ومن ثم يتم استخدامهم في العمل بالجنس.
تهديد للتعليم
من جهته، قال ظهير حسن، المسؤول بجمعية حماية حقوق الطفل، التي تتخذ من إسلام آباد مقراً لها، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "بالتأكيد يوجد خطر من ارتفاع معدلات عمالة الأطفال واستغلالهم وهناك أيضاً تهديد للتعليم"، مضيفاً أنه يجري حالياً جمع البيانات حول هذه القضايا، خاصة أن التركيز حتى الآن انصب على الاحتياجات الأساسية مثل "الإنقاذ وتوفير الغذاء".
وتقول اليونيسف أنه من بين 20 مليون شخص تأثروا بالفيضانات، هناك 10 ملايين طفل، منهم 2.8 مليون دون سن الخامسة. وقد لوحظت زيادة في عمالة الأطفال بعد كوارث طبيعية سابقة مثل زلزال 2005 الذي ضرب أجزاء من شمال باكستان والشطر الباكستاني من كشمير، وهناك مخاوف من أن يتكرر هذا النمط. أضاف حسن أن "الأطفال بحاجة إلى الحماية من كل نوع من أنواع المخاطر".
وأفاد حسن علي، الذي يبلغ من العمر 40 عاماً وهو أب لثلاثة أطفال من قرية بالقرب من بلدة غوتكي في السند، "سأحتاج إلى مساعدة أولادي في إصلاح الأرض. لا أعتقد أننا قادرون على تحمل إرسالهم إلى المدارس حتى يحدث ذلك". ولكن علي لا يعلم كم من الوقت سيستغرق ذلك.
وقال أحد مسؤولي إدارة الإقليم في يعقوب أباد طلب عدم الكشف عن اسمه: "حسب فهمي للأمور، لن يكون لدى الناس أي خيار سوى تكليف كل أفراد الأسرة بالعمل، بمن فيهم الأطفال". وأضاف أنه بالرغم من قيام الحكومة بتنفيذ خطط لتعويض المتضررين، إلا أنها كانت "خاطئة ولن تساعد إلا البعض فقط".
وأشار حسن علي إلى أن الأولوية بالنسبة لأسرته وغيرها من الأسر، هي العودة إلى قدر من الحياة الطبيعية. وأضاف قائلاً: "كل شيء آخر، بما في ذلك التعليم، ليس القضية الرئيسية في الوقت الراهن".
من جهته، أخبر خرام مسعود، مدير الإعلام بمنظمة إنقاذ الطفولة – المملكة المتحدة لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) من إسلام أباد أن "هناك خطر لتشغيل الأطفال في المناطق المتضررة بالفيضانات، خاصة أن الناس فقراء للغاية في العديد من هذه الأجزاء. من المستحيل الآن تحديد حجم المخاطر، ولكن المخاطر الأخرى التي يتعرض الأطفال لها تأتي من انهيار نظام التعليم والأخطار الصحية".
kh/at/cb-ais/dvh
"