داخل خيمتهم في المخيم الواقع على مشارف كويتا عاصمة إقليم بلوشستان في جنوب غرب باكستان، يقوم ميراج سينغو بمساعدة زوجته في تغطية ابنه البالغ من العمر ستة أشهر وابنته البالغة من العمر سنتين بملابس رقيقة تستخدم على نطاق واسع في إقليم السند كغطاء للرأس أو كعمامة.
وعن معاناة أطفالها، قالت ساسو بيبي زوجة سينغو لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): إنهم يصرخون من البرد طوال الليل". ولذلك يجتمع سينغو وزوجته ووالدته حول بعضهم داخل خيمتهم محاولين تدفئة بعضهم البعض.
وافاد مكتب الأرصاد الجوية الباكستاني أن درجات الحرارة انخفضت ليلاً في كويتا إلى حوالي 12 درجة مئوية وانها تتراجع إلى ما دون درجة التجمد في منتصف الشتاء.
وقال سينغو الذي نزح من منطقة جاكوب آباد في إقليم السند: "نحن معتادون على الطقس الحار معظم العام، كما لم نحضر معنا أياً من الملابس الشتوية التي كنا نرتديها خلال فصل الشتاء". وأضاف قائلاً: "لقد كان الطقس حاراً جداً عندما هربنا من الفيضانات في بداية أغسطس وقد خرجنا بملابس خفيفة فقط".
وأوضح سينغو والنازحون الآخرون من السند أن الرياح التي هبت على كويتا مع بداية دخول الشتاء "قد زادت شعورهم بالبرد القارس".
بدوره، قال صادق جان، 60 عاماً، الذي يعمل حارساً في المخيم: "نحن معتادون على درجات الحرارة القاسية. في الشتاء تصل درجة الحرارة إلى التجمد وفي الصيف تكون مرتفعة جداً، كما بدأت الرياح الباردة الجافة في الهبوب الآن. عادة ما نحتاج إلى ملابس شتوية وإلى التدفئة في غرفنا بحلول أكتوبر ولكن هؤلاء المساكين غير معتادين على مثل هذه الظروف".
الطقس البارد قد يسبب المرض
ويشعر الأطباء بقلق حيال الأثر الصحي للطقس البارد، حيث قال يوسف خان، وهو ممارس عام يعمل في عيادة خيرية بالقرب من مخيم مؤقت لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لقد استقبلت المزيد من المرضى - غالبيتهم من النازحين من السند- الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي العلوي والتي يمكن ربطها بتغير الطقس".
من جهته، أخبر بول جاروود، مسؤول الاتصال بمنظمة الصحة العالمية، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "الطقس البارد والزحام الذي ينتج عن التواجد في المخيمات يزيد فرصة انتقال جراثيم الجهاز التنفسي من شخص إلى آخر. ولذلك فإنه وعلى الرغم من أن الطقس البارد في حد ذاته لا يسبب المرض، إلا أنه قد يزيد خطر انتشار أمراض معدية معينة مثل التهابات الجهاز التنفسي الحادة والتهاب السحايا والحصبة وغيرها".
وقال كريم الله وهو من قرية قريبة من مدينة غوتكي في السند: "أصيبت زوجتي بسعال جاف بسبب قسوة الطقس والهواء البارد والأتربة هنا ولذلك لا تستطيع النوم. كما لا يستطيع أبنائي الثلاثة النوم لأنهم مرضى. نحن في أمس الحاجة إلى العودة إلى ديارنا". ولكن كريم الله لا يعلم متى سيحدث ذلك إذ "لا تزال بعض الطرق مغلقة".
وقالت نشرة الصحة الباكستانية في عددها السابع عشر أنه "من بين 5.3 مليون استشارة طبية تم إجراؤها حتى 10 سبتمبر كانت 708,891 استشارة (13 بالمائة) لحالات إصابة بالإسهال الحاد، و802,670 (15 بالمائة) لالتهابات الجهاز التنفسي الحادة و986,843 (18 بالمائة) لأمراض الجلدية و182,762 (3 بالمائة) لحالات اشتباه في الملاريا". وقد أوضحت النشرة أن التهابات الجهاز التنفسي الحادة هي من الأسباب الرئيسية لاعتلال الصحة.
مفوضية اللاجئين على أهبة الاستعداد
في أثناء ذلك، جهزت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ما يلزم لمساعدة النازحين الذين قد يظلوا في كويتا بعد دخول الشتاء.
وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قالت دنيا إسلام خان مساعدة شؤون الإعلام في المفوضية في كويتا: "لقد بدأ الناس بالفعل في العودة إلى ديارهم. وهذه العودة تتم بصورة تلقائية ولكن حكومة الإقليم تخطط لتسهيل العودة عن طريق توفير المواصلات. وتتوقع المفوضية أنه قبل اقتراب الشتاء سيكون غالبية الناس قد عادوا إلى ديارهم. مع ذلك لو اقتضت الحاجة سنستمر في دعم النازحين داخلياً الذين سيبقون في مخيمات كويتا من خلال تقديم أغطية إضافية وإمدادات الإغاثة الأخرى".
وأضافت أنه لا تتوفر بيانات محددة عن النازحين الموجودين حالياً في مخيمات كويتا إذ أن العديد منهم كانوا كثيري التنقل في الوقت الذي كانت فيه السلطات المحلية مشغولة بالعمل على استعادة خطوط السكك الحديدية والطرق بين كويتا ومناطق العودة.
وقد أشارت تقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى أن الفيضانات تسببت في نزوح 400 ألف شخص في منطقة نصير أباد في إقليم بلوشستان في منتصف سبتمبر، أكثر من نصفهم من إقليم السند المجاور.
وعن أمل العودة إلى الديار قال كريم الله: "أود فقط العودة إلى دياري. ولكن ليس لدي حتى 100 روبية (1.17 دولار) في جيبي. فكيف يمكنني تدبر أمر العودة قبل حلول الشتاء. لقد سمعنا أن الثلج يسقط في كويتا ولكن ليس هذا ما نرغب في رؤيته الآن".
kh/at/cb - hk/dvh