بدأ صندوق التكيف مع تغير المناخ الذي أنشأته الأمم المتحدة لمساعدة البلدان الفقيرة على التكيف مع تغير المناخ العمل أخيراً. ففي الأسبوع الماضي، وافق مجلس إدارة الصندوق على مشروعين للتكيف، أحدهما في السنغال المهددة بارتفاع مستوى سطح البحر وانخفاض مستويات هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة والآخر في هندوراس التي تواجه نقصاً متزايداً في المياه.
ولا يشكل المشروعان اللذان تصل قيمتهما الإجمالية إلى حوالي 14 مليون دولار أول ما توافق عليه إدارة الصندوق فحسب، وإنما يعتبران أيضاً أول مشروعين يحصلان على الأموال مباشرة من الصندوق. وكانت الدول النامية تمارس ضغوطاً من أجل الحصول على الأموال مباشرة وقد حصلت الآن على فرصة التحكم في إنفاق الأموال. ويشكل هذا القرار خبراً ساراً قبل انعقاد المزيد من المحادثات الأممية حول تغير المناخ في ديسمبر في المكسيك.
وسوف يتم استخدام الأموال الخاصة بمشروع السنغال لتنفيذ خطة العمل الوطنية للتكيف في روفيسك وسالي وجوال وغيرها من المناطق على طول الساحل الغربي للبلاد وستشمل الإجراءات اللازمة لحماية المنازل من الفيضانات والانجراف وارتفاع مستوى سطح البحر. كما يهدف المشروع إلى مساعدة مزارعي الأرز والصيادين في المنطقة على التكيف مع زيادة الملوحة.
أما هندوراس فسوف تستخدم الأموال لتحسين إدارة المياه في العاصمة تيغوسيغالبا، ومن المتوقع أن يستفيد من ذلك ما لا يقل عن 13,000 أسرة.
الوصول المباشر
وحسب سليم الحق، المؤلف الرئيس للفصل الخاص بالتكيف في تقرير التقييم الرابع الصادر عن الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، يعد الوصول المباشر للأموال "إجراءً إيجابياً ومبتكراً" آخر للصندوق.
وأضاف سليم الحق الذي يرأس المجموعة الدولية لتغير المناخ في المعهد الدولي للبيئة والتنمية، وهي عبارة عن مؤسسة فكرية مقرها المملكة المتحدة، أن القرار يضاف إلى القائمة المتنامية من "الأوجه الإيجابية والمبتكرة" لصندوق التكيف. وأوضح أن ذلك يشمل "مصدر التمويل المبتكر والفريد الخاص به الذي يأتي من خلال فرض ضريبة للتكيف، وهيكله الإداري - الذي يعد فريداً أيضاً - حيث تشكل الدول النامية غالبيته ومجلسه القائم على المشاركة".
وبالإضافة إلى المساهمات المباشرة من البلدان المتقدمة، يجمع الصندوق الأموال من خلال فرض ضريبة نسبتها 2 بالمائة من الأرصدة الناتجة عن آلية التنمية النظيفة Clean Development Mechanism التي تم إنشاؤها بموجب بروتوكول كيوتو الذي يعمل بدوره ضمن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
وتسمح هذه الآلية للدول الصناعية بكسب أرصدة الانبعاثات وتبادلها من خلال تنفيذ المشاريع في البلدان المتقدمة أو النامية. ويمكن بعد ذلك استخدام هذه الأرصدة في تحقيق أهدافها الخاصة بانبعاث الغازات الدفيئة.
وقال سفين هارميلينغ، الرئيس المشارك لمجموعة التكيف لدى الشبكة الدولية للمناخ Climate Action Network International وهي عبارة عن تحالف عالمي من المنظمات غير الحكومية، أن إدارة الصندوق "أظهرت أن الجهد الجماعي الذي يضم خبراء من الدول المتقدمة والنامية، حتى مع وجود غالبية من ممثلي الدول النامية، قد تمكن من إنشاء صندوق موحد كان عليه مواجهة العديد من القضايا المعقدة والجديدة والذي تمكن من التعامل مع العديد من المخاوف المتعلقة بالمعايير الائتمانية من أجل الوصول المباشر للأموال".
وأضاف قائلاً: "ينبغي على الدول النامية أن تبذل الآن قصارى جهدها لكي تثبت حقاً أنها تريد الاستفادة من فرصة الحصول مباشرة على الأموال وتثبت أنها على استعداد لتولي المسؤولية المترتبة على ذلك".
وكان قرار إنشاء الصندوق قد اتخذ قبل 10 سنوات تقريباً ضمن إطار بروتوكول كيوتو. وقد تم منح الدول الضعيفة والمعرضة للخطر خيار الحصول على المال مباشرة من خلال مؤسساتها الوطنية المسؤولة عن تنفيذ المشاريع. وقد تمت الموافقة على إنشاء أول هيئة من هذا القبيل في السنغال - والتي سميت بمركز المتابعة الإيكولوجية في السنغال – في إبريل 2010.
أوجه الشبه مع الصندوق العالمي
وأكد هارميلينغ أن نهج الوصول المباشر الذي يتبعه الصندوق يعتبر "فريداً من نوعه في الإدارة البيئية الدولية"، مشيراً إلى أن المثال الوحيد المشابه له هو الصندوق العالمي لمكافحة فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز والسل والملاريا والذي استقى منه صندوق التكيف فكرته. وعلق على ذلك بقوله: "الصندوقان هما الوحيدان اللذان يسمحان للدول النامية بالوصول مباشرة إلى الموارد، وأنا أرى أن الصندوق العالمي قد أثبت أنه يشكل نهجاً عملياً بإمكانه زيادة إحساس البلدان النامية بالملكية ... وبطبيعة الحال، ليس بالإمكان مقارنة حجم الصندوقين لأن الصندوق العالمي يدير عدة مليارات من الدولارات".
وتساءل هارملينغ، وهو أيضاً مستشار بارز في منظمة جيرمان واتش لحماية البيئة، قائلاً: "إذا اعترف المانحون بتقديم مليارات الدولارات من خلال صندوق للصحة يسمح بالوصول المباشر للأموال لماذا لا يقدمون أموالاً للصندوق الدولي للمناخ ؟"
عدم كفاية التمويل
من جهتها، أخبرت مارسيا ليفاجي، مديرة أمانة مجلس إدارة صندوق التكيف، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، أن الصندوق لا يملك سوى 150 مليون دولار، وهو مبلغ أقل بكثير من المبلغ المطلوب، وفقاً لتقديرات مختلفة. فحسب تقديرات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ ستحتاج الدول الفقيرة ما بين 28 و59 مليون دولار سنوياً بحلول عام 2030 من أجل للتكيف، مقابل 20 إلى 100 مليون دولار حسب تقدير البنك الدولي، و10 إلى 24 مليون دولار سنوياً بحلول عام 2020، وفقاً لتقدير مفوضية الاتحاد الأوروبي. أما تقديرات المجموعة الإفريقية لمفاوضي تغير المناخ فتفيد بأن الدول الفقيرة ستكون بحاجة إلى أكثر من 67 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2020.
وأشار سليم الحق إلى أنه بالرغم من "توفر المال لمشاريع أولية على المدى القصير"، إلا أنه من الممكن أن تكون هناك اختناقات مع ازدياد المصادقة على المزيد من هيئات التنفيذ الوطنية في العديد من البلدان وتقديم مقترحات للمشاريع".
نموذج للمستقبل
ويرى هارملينغ أنه لا يزال هناك الكثير لنتعلمه ونبني عليه بالنسبة لصندوق التكيف الذي قد يشكل "نموذجاً للمستقبل" بالنسبة لغيره من آليات التمويل المتعلقة بالمناخ. واقترح محاكاة آليات التنسيق القطري للصندوق العالمي مثل المنتدى الذي يعمل على فرز المقترحات وتقرير ما يقدم منها.
وجاء في ورقة أصدرها هارملينغ بالاشتراك مع ألفا عمر كالوغا، أحد أعضاء الوفد الغيني في المحادثات الإطارية بشأن تغير المناخ، أن صندوق التكيف يحتاج للاستفادة من مخزونه من الهيئات الوطنية المنفذة "قدر الإمكان مع ضمان عدم إضعاف معايير الإدارة الائتمانية".
لكن لا تزال هناك مسألة خلافية تتعلق بمعايير اتخاذ القرارات بخصوص أولوية حصول المشاريع على التمويل. وقد كانت هناك مناقشات ساخنة في مختلف محادثات اتفاقية تغير المناخ حول كيفية تقييم مدى تأثر كل من البلدان النامية بتغير المناخ مما يسمح بتوزيع عادل للأموال.
وعلقت ليفاجي على ذلك بقولها أنه كان من السهل تخصيص أموال لمشروعي السنغال وهندوراس لأنهما كانا المقترحين الوحيدين الكاملين المطروحين. ويعتقد هارملينغ أنه سيكون من الأفضل تخصيص التمويل على أساس إقليمي لأنه ليس من الواضح ما إذا كان كل بلد من البلدان النامية سيتقدم بمشروع خاص به.
jk/cb-amz/dvh