تعد مريم* واحدة من عشرات اللاجئات اللواتي تعرضن للعنف الجنسي أو الأسري وللنبذ من قبل أسرهن، وهي تعيش الآن في ملاذ آمن داخل مخيم في كاكوما، شمال غرب كينيا.
وقد انتقلت مريم، وهي متزوجة وأم لطفلين، إلى كاكوما في أوائل عام 2009 من مخيم داداب، وهو مخيم آخر للاجئين يقع على الجانب الآخر من كينيا. وكانت قد عادت هي وأسرتها إلى ديارها بعد اتفاق السلام في السودان عام 2005، إلا أن والدها أرغمها على العودة مجدداً إلى كينيا. وقد تحدثت لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عن تجربتها قائلة:
يعاني والدي من مشاكل عقلية منذ مدة طويلة. وبينما يبدو طبيعياً في أوقات معينة، إلا أنه يصبح فجأة عدوانياً جداً ولا يمكن السيطرة عليه، إذ يبدأ بالصياح وبضرب كل من حوله. يخاف الناس حينها منه ولا يجرؤ أحد على الاقتراب منه أو ردعه.
كنت أشعر بالرعب كلما اقترب مني، متسائلة عما إذا كان حينها هادئاً أم أنه سيثور ويصرخ ويبدأ بضربي.
عندما كنت في الثالثة عشرة من عمري، قام بحرقي بقطعة من الخشب مما ترك ندوباً في صدري وفي الجزء الأمامي من رقبتي.
اعتقدت أنه بمجرد زواجي سيتغير كل شيء، ولكنني كنت على خطأ. فقد اعتاد والدي أن يأتي إلى منزلي ويجبرني على أن أرافقه أينما ذهب. كنت أخشى أن يضربني أو يقتلني، فكنت أفعل ما يريد. وبعد أن يجرني وراءه من مكان إلى آخر لبضعة أيام ويجعلني أنام في الأدغال يعيدني إلى البيت في نهاية المطاف.
عندما وصلنا نحن الخمسة إلى داداب، بدأ والدي يتناول بعض الأدوية التي وصفتها له الوحدة الطبية. عندها بدأت الأمور بالتحسن وأعتقدت أنني لن أخاف مجدداً من ردود أفعاله. ولكنني كنت على خطأ. فقد توقف عن تناول الأدوية قائلاً أن الناس يريدون تسميمه. وعدت مجدداً لانتظار اللحظات التي يثور فيها ولا يمكن لأحد أن يسيطر عليه.
في يوم من الأيام أجبرني على الابتعاد عن زوجي وأرغمني على السير إلى كاكوما. قام بسحبي من شعري وتوسلت إليه أن آخذ أطفالي معي فوافق على طلبي.
قبل ثلاثة أشهر تقريباً كنت جالسة على صخرة أغسل الملابس وكان أطفالي جالسين حولي. جاء والدي وحاول قتلي بخنجر. وعندما هرع الناس إليه محاولين وقفه بدأ يصرخ ويدفعهم بعيداً عنه. ثم ركض بعيداً وهو يصرخ ويقول بأنه سيعود مرة أخرى الى السودان. لا أحد يعرف الآن أين هو ولم أره منذ ذلك الحين.
ومنذ ذلك الوقت قام الاتحاد اللوثري العالمي بضمي إلى برنامج الحماية التابع له وأنا أشعر بأمان هنا. فلدينا كل ما نحتاج إليه، بما في ذلك خدمات الحراسة للمجمع الذي نسكن فيه. وعندما نخرج إلى خارج المجمع نكون دائماً بصحبة حراس. ولكنني لا أستطيع أن أتخيل أنني سأضطر للعيش كسجينة بسبب حالة والدي.
أتمنى لو أنني مع زوجي ولكن بسبب كل ما حدث، لانزال بعيدين عن بعضنا البعض.
من الجيد أن أعيش مع نساء أخريات مررن بتجارب مماثلة، فنحن نتحدث كثيراً فيما بيننا ونساعد وندعم بعضنا البعض لنتخطى تجاربنا المريرة. ولكنني لا أزال أخشى أن يجدني والدي ويؤذيني
* ليس اسمها الحقيقي
cp/am/mw-foa/amz dvh