على الرغم من التقدم البطيء في زيادة عدد القابلات الماهرات المشرفات على الولادة، استطاعت بنجلاديش أن تحقق تقدماً كبيراً في خفض معدل الوفيات النفاسية عبر تطوير تعليم الفتيات.
فوفقاً لدراسة حديثة نشرت في مجلة ذا لانسيت الطبية البريطانية، انخفض معدل الوفيات النفاسية إلى أكثر من النصف في أقل من عقد من الزمن، وذلك من 724 حالة وفاة لـكل 100,000 ولادة حية في عام 1990 إلى 338 حالة وفاة لكل 100,000 ولادة حية في عام 2008. وعلى سبيل المقارنة، وصل معدل الوفيات النفاسية في الهند خلال العام نفسه إلى 254 حالة وفاة لكل 100,000 ولادة حية و47 حالة في تايلاند و7 حالات في اليابان.
وفي هذا السياق، أفاد شمس العارفين، وهو أحد كبار العلماء في المركز الدولي لأبحاث أمراض الإسهال في مدينة دكا في بنجلاديش، أنه "لا بد من القيام بالمزيد من الجهود وإلا لن نتمكن من تحقيق الهدف الإنمائي للألفية القاضي بخفض الوفيات إلى 144 بحلول عام 2015". ولكنه أشار إلى أنه "من الضروري متابعة هذا الانخفاض الملحوظ والتقدم المحرز ومواصلة تحقيقه".
النساء والفتيات المتعلمات
وقد شكل تحسين تعليم المرأة عاملاً رئيسياً في خفض معدل الوفيات النفاسية. ففي عام 2001، بدأت حكومة بنجلاديش بتوفير التعليم المجاني للبنات حتى الصف الثاني عشر بالإضافة إلى تقديم حوافز مجانية أخرى لتشجيع تعليم الفتيات مثل برامج الغذاء مقابل التعليم. ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسف)، ارتفع معدل التحاق الفتيات بالمدارس الثانوية من 1.1 مليون في عام 1991 إلى 3.9 مليون عام 2005.
كما أظهر المسح الصحي الديموغرافي في بنجلاديش أن نسبة الفتيات والنساء غير المتعلمات بدءاً من سن السادسة في المناطق الريفية قد انخفض من 50 بالمائة في عام 1993 إلى 32 بالمائة في عام 2007. أما في المناطق الحضرية فقد انخفض العدد من 34 بالمائة في عام 1993 إلى 23 بالمائة في عام 2007.
وكان لزيادة فرص الحصول على التعليم نتائج مرضية في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية وكذا مجال الحد من الوفيات النفاسية. وعلق اشتياق مانان من منظمة إنقاذ الطفولة على هذا التحسن بقوله: "بدأت الفتيات بارتياد المدارس والحصول على تعليم أفضل وفرص عمل أكبر فتأخر سن إقدامهن على الزواج. إن الأمر في منتهى البساطة".
كما أن النساء الأكثر اطلاعاً ووعياً يلعبن دوراً مهماً في خيارات تنظيم الأسرة. وقد أظهر المسح الصحي الذي أجرته الحكومة أن نسبة النساء المتزوجات اللواتي يستعملن وسائل منع الحمل الحديثة مثل حبوب منع الحمل أو الواقيات أو الطرق التقليدية مثل الامتناع قد ارتفعت بشكل كبير من 8 بالمائة عام 1970 إلى 45 بالمائة عام 1993 وزاد ارتفاعها ليصل إلى 56 بالمائة عام 2007.
علاوة على ذلك، أصبحت النساء المتزوجات تنجبن عدداً أقل من الأطفال، حيث انخفض معدل الأطفال الذين تنجبهم المرأة الواحدة من 6.3 طفلاً في عام 1970 إلى 3.4 طفلاً في بداية التسعينيات ثم تقلص المعدل ليصل إلى 2.4 طفلاً خلال الفترة التي شملها المسح والممتدة بين عامي 2004 و2006.
وعلى الرغم من أن النساء يخترن في العادة الولادة في المنزل بسبب عدم شعورهن بالارتياح للتعامل مع عاملين صحيين ذكور، إلا أن الكثير من النساء بدأن يعين مخاطر الإنجاب في المنزل وأصبحن يملن أكثر للولادة في المرافق الصحية. ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسف)، يشكل نقص الطبيبات التحدي الأساسي الذي يواجه نظام الرعاية الصحية في بنجلاديش.
وعلى الرغم من أن 15 بالمائة من الولادات خلال عام 2007 تمت في مرافق صحية مقارنة بـ 4 بالمائة فقط في بداية التسعينيات، إلا المسح الحكومي أشار إلى أن 85 المائة من الأطفال لا زالوا يولدون في المنازل.
وعلق محمد عبد القيوم، وهو باحث مشارك في المركز الدولي لأبحاث أمراض الإسهال في بنجلاديش، على ذلك بقوله: "من الصعب تغيير عادة متجذرة في المجتمع بين عشية وضحاها. التعليم فقط هو الذي من شأنه أن يحقق ذلك".
الانقطاع عن المدرسة
وحذر الخبراء من أن معدل الانقطاع عن التعليم يمكن أن يقف حائلاً دون الحد من معدل الوفيات النفاسية. وقد أظهر مسح للتعليم الابتدائي أجرته مديرية التعليم الابتدائي أن معدل الانقطاع عن المدارس بالنسبة للبنين والبنات ارتفع من 33 بالمائة في عام 2002 إلى 47 بالمائة في عام 2006 بسبب ضعف المرافق المدرسية ونقص المدرسين.
وعلقت كوثر أفاسانا، مساعدة مدير الصحة لمنظمة براك غير الحكومية الواقع مقرها في مدينة دكا، على الموضوع بقولها: "إذا كنا نريد أن يستمر انخفاض نسبة الوفيات النفاسية، فعلينا أن نستثمر في تعليم المرأة وتوفير فرص العمل لها. وهذا مشروط بدوره بتدخلات أخرى مثل توفير إمكانية الوصول لخدمات تنظيم الأسرة وخدمات التوليد الطارئة".
as/at/he-foa/amz/dvh
Our ability to deliver compelling, field-based reporting on humanitarian crises rests on a few key principles: deep expertise, an unwavering commitment to amplifying affected voices, and a belief in the power of independent journalism to drive real change.
We need your help to sustain and expand our work. Your donation will support our unique approach to journalism, helping fund everything from field-based investigations to the innovative storytelling that ensures marginalised voices are heard.
Please consider joining our membership programme. Together, we can continue to make a meaningful impact on how the world responds to crises.