كيف يمكن لقروية بسيطة تعيش في إثيوبيا تحت رحمة الأحوال المناخية الغريبة أن تدرك ماذا يحدث للمطر الثمين في منطقتها وتتعرف على أفضل الطرق للتكيف معه؟
ففي الوقت الذي بدأ فيه المناخ يؤثر بالفعل على كميات الأمطار التي تسقط على قارة أو بلد ما، أصبح توفير المعلومات على صعيد الحياة اليومية أمر بالغ الأهمية لمساعدة المجتمعات المحلية على وضع استراتيجيات للتكيف، خاصة أن معظمها يعتمد بشكل كبير على مياه الأمطار لتأمين الغذاء وسبل العيش.
وعلى الرغم من أن هذه المعلومات نادرة بل في أغلب الأحيان غير متوفرة، إلا أن الأمر قد يتغير قريباً. "فماذا عن ابتكار تقويم لهطول الأمطار للمجتمعات؟ تقول الباحثتان في مجال تغير المناخ سينتيا أور، من منظمة كير غير حكومية الدولية، وآن هاميل، من المعهد الدولي للتنمية المستدامة، ومقره كندا.
فقد قامت الباحثتان بتطوير تقويم وتجربته في قرية كالابايد في إقليم الصومال في إثيوبيا في مايو- يونيو 2009 باستخدام معلومات عن الأمطار تم استقاؤها من المجتمع نفسه بالإضافة إلى بيانات الأرصاد الجوية المتوفرة.
ويذهب التقويم إلى أبعد من مجرد تقديم فكرة عن تغير أنماط تساقط الأمطار على مر السنين، حيث قالت أور أنه "أداة" للمساهمة في تعزيز فهم المجتمع لأنماط سقوط الأمطار "ومنبر لمناقشة استراتيجيات إدارة المخاطر لمساعدة الناس على التكيف". ويوضح التقويم "تبعات تغير أنماط سقوط الأمطار على سبل العيش" ويمكنه مساعدة الباحثين وواضعي السياسات على تطوير مشاريع مناسبة.
ويتم وضع التقويم بتسجيل المجتمع أو القرية لكمية الأمطار التي سقطت شهرياً على مدى السنوات الثلاث إلى الخمس الأخيرة، "بالدقة التي يمكنهم تذكرها"، حسب أور.
كما يمكن للمجتمعات وضع بيانات عن هطول الأمطار في أسابيع أو مواسم معينة، باستخدام مقياس يتراوح بين قليل/أقل من المعتاد إلى كثيف/معتاد". ويمكنهم أيضاً الرجوع إلى سجلات الأرصاد الجوية المحلية المتاحة لجعل التقويم أكثر دقة.
وقد اكتشف القرويون في كالابايد التغيرات في هطول الأمطار بعد رسم تقويمهم، حيث أفاد الباحثون أن "بعض المواقع في المنطقة كانت تحصل على كميات أعلى نسبياً من الأمطار من غيرها في مواسم معينة، مما يزيد من تركيز الثروة الحيوانية فيها ومن إمكانية الانتشار السريع لأمراض الماشية".
الصورة: كير/المعهد الدولي للتنمية المستدامة |
تقويم للمطر أعده سكان قرية كالابايد في شرق إثيوبيا (شاهد نسخة أكبر) |
كما أفاد الرجال الكبار في السن أن السنوات العشر الأخيرة كانت الأكثر جفافاً ودفئاً في قريتهم حيث دفع التقويم المجتمع لمناقشة هذه القضايا والتفكير في استراتيجيات طويلة الأجل، تمثل أحدها في ضرورة أن تقوم الحكومة بمساعدتهم في بناء خزانات والاستفادة من المياه الجوفية المتوفرة.
وبعد التجربة الإثيوبية، ساعدت منظمة كير والمعهد الدولي للتنمية المستدامة مجتمعات محلية في أوغندا وكينيا لوضع تقويم مماثل لمساعدتهم على تحديد العلاقة بين تغير أنماط سقوط الأمطار وتوفر المراعي وإنتاجية الثروة الحيوانية ومدة الهجرات والوصول إلى الأسواق.
وقالت أور: "الوقت لا يزال مبكراً ولكن للتقويم إمكانات كبيرة".
jk/he-dah
"