1. الرئيسية
  2. Americas

هايتي: الجراح الكامنة تحت السطح

A women covers her mouth as she walks past quake debris UN Photo/Marco Dormino

ألحق الزلزال المدمر الذي ضرب هايتي في يناير الماضي أضراراً جسدية بنحو 300,000 شخص، ولكن حتى بعد انقضاء يوم الحداد الوطني الذي أقيم بعد مرور شهر واحد على الكارثة، لا يزال مدى الضرر النفسي الذي يعاني منه الناجون غير واضح في هذا البلد الذي يفتقر إلى أبسط البنى التحتية للصحة النفسية.

وفي هذا السياق، قالت روسلين بينجامين، وهي واحدة من أربعة أخصائيين نفسيين فقط في هايتي وتعمل كمسؤولة تنسيق لدى الحكومة للصحة النفسية لمرحلة ما بعد الكارثة "وللخدمات النفسية والاجتماعية": "نحن نواجه مهمة ضخمة. فقبل الزلزال كان مجتمع الأخصائيين النفسيين لدينا يعاني من ضغط كبير، أما الآن فإن الحاجة إلى خدماته تتضاعف أكثر فأكثر".

الضغط الكبير

وإلى جانب أخصائيي علم النفس الأربعة هناك طبيب نفسي واحد في هايتي. كما أن مستشفى الطب النفسي الوحيد الموجود بالبلاد - وإن نجا من الزلزال - كان حتى قبل وقوعه يرزح تحت ضغط ثلاثة أضعاف طاقته الاستيعابية. وفي ظل الظروف الراهنة، زاد الضغط على المستشفى بشكل أكبر لاستقباله الأشخاص بمختلف الإصابات وحتى المشردين بسبب عدم وجود مرافق طبية أخرى عاملة.

من جهتها، أخبرت أماندا ملفيل، وهي أخصائية حماية أطفال لدى منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) تعمل حالياً على تنسيق مجموعة من منظمات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية العاملة في خدمات الصحة العقلية والنفسية والاجتماعية في هايتي، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن عمال الإغاثة يواجهون مهمة شاقة. وجاء في قولها أن "حجم الكارثة غير مسبوق. فقد كانت هناك كوارث فيما قبل ولكن ليس على هذا المستوى أو بهذا الحجم من الدمار".

وأضافت أن "هذه هي المرة الأولى في هايتي، أو ربما في العالم أجمع، التي اجتمعنا فيها معاً على نفس الطاولة لمناقشة هذه المواضيع... ولكننا لم نتوصل إلى اتفاق".

وتعمل اليونيسف مع وزارة التربية والتعليم لبث رسائل إذاعية حول التأقلم وطلب المساعدة لمواجهة الآثار النفسية للزلزال. وتعمل منظمة الهيئة الطبية الدولية International Medical Corps على تقييم تدريب العاملين في مجال الصحة الأولية والثانوية حول علاج المرض النفسي وحالات الحزن الشديد.

وقد جاء هذا الزلزال في أعقاب سلسلة طويلة من الاضطرابات السياسية والكوارث الطبيعية ساهمت كلها في تقويض الصحة النفسية بالبلاد. فعلى سبيل المثال، لاحظت شركة غيسكيو، وهي أكبر مزود لخدمات مكافحة فيروس نقص المناعة البشري في هايتي، ارتفاعاً في وتيرة العنف المبني على النوع الاجتماعي بعد كل موجة من الاضطرابات السياسية. ووفقاً لجامعة لوفان البلجيكية، أودت الكوارث الطبيعية في هايتي بحياة حوالي 8,000 شخص خلال الفترة بين عامي 1980 و2008.

التعايش والقدرة على الاستمرار

وفي ظل غياب الخدمات الحكومية لحالات ما بعد الكوارث، تشكل الجماعات الدينية والمجتمعية والأسرية والمرونة الثقافية أهم مصادر الدعم بعد وقوع الكوارث، وفقاً "للدليل الدولي للشفاء النفسي: طقوس وممارسات الصمود بعد الصدمات الشاملة".

غير أن ميلفيل من اليونيسف، أخبرت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن القدرة على التكيف ليست كافية. وأضافت أن "هناك دائماً وجهان للعملة الواحدة: التعايش مع المأساة والحزن مع المثابرة والرغبة في الاستمرار في العيش ... قد يقول الناس أنهم جميعاً بخير ولكن عندما تنبش ما تحت السطح تكتشف أن هناك حزناً وأسىً عميقين".

من جهتها، أفادت لين جونز، خبيرة الطب النفسي لدى الأطفال بمنظمة الهيئة الطبية الدولية أنه في الوقت الذي يلجأ فيه بعض العاملين المحليين في مجال الصحة إلى استعمال المهدئات لمعالجة الزيادة في أعراض القلق والاكتئاب والتوتر في مرحلة ما بعد الصدمة إلا أنه لا ينبغي أن تشكل الأدوية خط الاستجابة الأول.

وجونز عضو في اللجنة المشتركة الدائمة بين الوكالات المعنية بالصحة النفسية والدعم النفسي التي أصدرت المبادئ التوجيهية لخدمات الطوارئ. وقد أخبرت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه "إذا كان الناس يأتون إلى المراكز الطبية وهم يشكون من الآلام والأوجاع المتصلة بالإجهاد النفسي دون أن تكون لديهم أسباب عضوية لذلك، فإن إعطاؤهم الأدوية فقط سيجعلهم يعودون دائماً للحصول على الأسبرين أو الفيتامينات دون أن يتم حل مشكلتهم". وأضافت أن الأولوية ينبغي أن تنصب على مساعدة الناس على إعادة إنشاء شبكات اجتماعية لتجنب العزلة وإعطائهم وقتاً مناسباً للتعبير عن الحزن والحداد.

الحداد المعقد

وأضافت جونز أنه "من السهل جداً الإفراط في تشخيص الاكتئاب في حالات الحداد المعقدة". فإذا لم يتم تكريم الوفاة بالشكل المناسب عبر دفن الجثث وتنظيم مراسيم العزاء، فإن ذلك يحرم الناس من فرصة تقبل الموت والتصالح مع الخسارة. وكانت جثث العديد من ضحايا الزلزال قد جمعت من الشوارع من قبل فرق البناء ووضعت في عشرات من المقابر الجماعية في مختلف أنحاء العاصمة.

وفي الوقت الذي تمكن فيه أقارب ضحايا كارثة تسونامي في إندونيسيا عام 2004 من الحداد بفضل مساحات التأمل التي تم تنظيمها، إلا أن العدد الكبير من المكلومين والمنكوبين في هايتي لم يحصلوا على مثل هذا النوع من الدعم. وعلقت جونز على هذا بقولها: "بدلاً من اعتبار الشخص الذي يعاني بشدة على أنه مريض، نحن بحاجة لإعطائه فرصاً للتعبير عن الحزن".

pt/am - amz/dvh


This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join