غادر كراد، البالغ من العمر16 عاما، العراق مع أسرته هربا من العنف الدائر هناك إثرالغزو الأمريكي للبلاد عام 2003، واستقرت الأسرة في سوريا عام 2005. وبالرغم من أن الحكومة السورية توفر للأطفال العراقيين التعليم المجاني في مدارسها الحكومية، إلا أن كراد وأخاه علي الذي لم يتعد عمره 12 عاما توقفا عن الذهاب إلى المدرسة بسبب توليهما مهمة إعالة أسرتهما. وقد تحدث كراد لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عن حالته قائلا:
أتيت إلى سوريا عام 2005 بصحبة والديَّ وإخواني الثلاثة. كنا نتلقى تهديدات مستمرة بالقتل باعتبارنا شيعيين مقيمين في حي سني، مما أجبرنا على مغادرة العراق. كان والدي يعمل في قوات الأمن العراقية، وقد ذهب في زيارة للعراق عام 2007 ثم اختفى بعدها. عدنا إلى الديار بحثا عنه ولكننا فشلنا في معرفة حقيقة ما حصل له.
كنت في الصف السادس عندما غادرنا العراق عام 2005، ومنذ ذلك الحين لم أعد إلى المدرسة قط. اضطررت للقيام بعدة أعمال في سوريا. حيث عملت في البدء في أحد المصانع ثم بعدها في أحد المطاعم ثم في محل تجاري وفي الكثير من الأماكن الأخرى. ولست الوحيد الذي أعمل. إذ يشاركني في ذلك أيضا أخي علي البالغ من العمر 12 عاما.
بعد فترة من استقرارنا في سوريا والتحاقي وأخي بالعمل، بدأت أدخل في مناقشات ومواجهات مع أمي لرغبتها في إخراج أخينا الثالث حسين من المدرسة وإجباره على العمل أيضا. كنت أرفض ذلك رفضا مطلقا. فعمره لم يتجاوز العشرة أعوام بعد، وليس هناك من سيقبل بتشغيله علاوة على أنه أصغر من أن يستطيع القيام بأي عمل. كنت أريده أن يواصل دراسته.
غضبت والدتي وقررت هجرنا. اصطحبت أخانا الصغير محمد البالغ من العمر 6 سنوات وغادرت البيت في مارس 2009. واتصلت بنا هاتفيا بعد شهرين لتخبرنا أنها في اليونان وبعدها توقفنا عن سماع أخبارها.
أعيش مع علي وحسين في هذا البيت. ليس لدينا أقارب ولا أحد يسأل عنا بما في ذلك أهلنا في العراق. أعمل وعلي في مكتب عقاري في الوقت الذي يواصل فيه حسين الذهاب إلى مدرسته. أعمل من التاسعة صباحا حتى التاسعة مساء مقابل 3,000 ليرة سورية [ حوالي 65 دولار] شهريا. أما علي فيعمل من الساعة التاسعة صباحا حتى الساعة السابعة مساء مقابل 2,000 ليرة سورية [حوالي 43 دولار] شهريا. أزاول العمل نفسه منذ عام ونصف. وبالرغم من طول ساعات العمل إلا أنني سعيد بعملي لأن الناس طيبون ويعاملوننا معاملة حسنة. نقضي يومنا في التنظيف وتحضير الشاي والقهوة للموظفين.
نحصل على 8,500 ليرة سورية [184 دولار] شهريا من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ونخصص هذا المبلغ لتغطية قيمة الإيجار وفاتورة الكهرباء والمياه.
أتمنى لو أستطيع العودة إلى المدرسة. ولكن كيف سنتمكن من البقاء إذا توقفت عن العمل؟ لم أفكر قط في ما أتمنى أن أكون في المستقبل. كل ما أفكر فيه هو كيفية الاعتناء بأخويَّ.
لقد عانينا كثيرا إثر تخلي أمنا عنا. فنحن شديدي الارتباط بأخينا الصغير محمد. كل ما نتمناه الآن هو أن نتمكن من إعادة الاستقرار في بلد ثالث. إذ يبدو أنه لا يوجد أي مستقبل لنا في سوريا أو في العراق".
dvh/at/mw - az