أثيرت في الآونة الأخيرة مخاوف من ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي في باكستان في حال تم التوصل إلى اتفاق لتأجير 202,342.8 هكتاراً من الأراضي الزراعية للمملكة العربية السعودية.
وتشير التقارير إلى أن المحادثات جارية بين باكستان والمملكة العربية السعودية لوضع اللمسات الأخيرة على هذا الاتفاق. وستستخدم الأراضي الزراعية التي سيتم استئجارها في أقاليم باكستان الأربعة في زراعة المحاصيل الغذائية لمساعدة المملكة العربية السعودية في تلبية احتياجاتها من الغذاء.
غير أن الاتفاق أثار بعض المخاوف بشأن أثره على باكستان، حيث قال طارق فاروق، أمين رابطة المزارعين، وهي تحالف يضم 22 منظمة من المنظمات التي تمثل الفلاحين لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لن يفيد تأجير الأراضي لشركات أجنبية أو للسعوديين باكستان بأي شكل من الأشكال بل سيؤدي إلى تفاقم أزمة الزراعة التي نواجهها حالياً".
وأضاف قائلاً: "سوف يحرم [تأجير الأراضي] الفلاحين من حقهم في الأرض ولن يحقق أي تقدم في مجال الزراعة. كما ستتعرض السيادة الغذائية للخطر إذ سيأتي الغرباء إلى باكستان لغرض واحد فقط وهو سلب مواردها الطبيعية".
وما يزيد المخاوف المتعلقة بتأجير الأراضي تفشي الجوع في باكستان حيث أفاد المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، ومقره واشنطن، في مؤشر الجوع العالمي الذي يصدره سنوياً أن مستويات الجوع في البلاد "تنذز بالخطر".
كما تحدثت منظمات أخرى عن نتائج مماثلة حيث قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في تقريرها الإقليمي الأول عن وفيات الأطفال والذي صدر في العام الماضي أن يوجد في الهند وبنجلاديش وباكستان نصف الأطفال الذين يعانون من نقص الوزن في العالم.
نضال يومي
وتخوض العديد من الأسر الباكستانية صراعاً يومياً من أجل تلبية احتياجاتها الغذائية. وفي كوخه المقام على أرض زراعية تعود ملكيتها لأحد الإقطاعيين بالقرب من مدينة باهاوالبور في جنوب إقليم البنجاب، يتقاسم حكيم مسعود الدين وزوجته وأطفاله الأربعة ثلاث قطع من خبز الروتي لوجبة العشاء التي يتناولونها مع القليل من معجون الفلفل الحار والعدس. وقال حكيم لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لم يكن لدينا أبداً ما يكفي من الطعام. يبكي أطفالي في الكثير من الأحيان بسبب الجوع".
ويقوم حكيم بحرث الأرض التي يقيم عليها مقابل أجر قليل وبعض ما تنتجه الأرض الذي غالباً ما يكون دقيق القمح. وأضاف قائلاً: "لا خيار لعائلتي سوى الاستمرار على هذا النحو. فلا يوجد لدينا بدائل أخرى ... اضطر والدي لبيع الأرض التي كنا نملكها قبل عشر سنوات لدفع تكاليف عملية جراحية في القلب لوالدتي".
من جهته، أفاد رحمن، الأمين العام للجنة حقوق الإنسان المستقلة في باكستان: "في بلد يعاني من جوع شديد ويسكنه مئات الآلاف من الفلاحين الذين لا يملكون الأرض أو الممتلكات التي تدر عليهم ببعض الدخل، يعتبر التخلي عن الأرض لأطراف أجنبية أو مؤسسات غير زراعية أو للمتقاعدين المدنيين والعسكريين العاملين في هذا الشأن جريمة إنكار لحقوق الناس ومصالحهم".
وعلى الرغم من ذلك ما تزال الحكومة ماضية قدماً في الاتفاق، حيث أخبر توقير أحمد، أمين وزارة الزراعة في الإقليم وسائل الإعلام قائلاً: "على مدى الأسابيع القليلة الماضية أجرت الحكومة السعودية محادثات معنا لاستئجار 500,000 فدان من الأراضي الزراعية، ونحن حالياً بصدد تحديد الأراضي التي يمكن أن نقدمها لهم".
وأضاف أن السعودية ستستخدم الأراضي المستأجرة لزراعة "الفاكهة والخضراوات والمحاصيل الزراعية".
ارتفاع أسعار المواد الغذائية
في الوقت نفسه، وضع ارتفاع أسعار المواد الغذائية في باكستان العديد من المواد الغذائية دون متناول عامة الناس مثل محمد عزيز، وهو ميكانيكي سيارات يتقاضى حوالي 62 دولاراً في الشهر. وحول معاناته قال عزيز: "تزداد في كل يوم المواد الغذائية التي لم نعد أنا وأسرتي نحلم في الحصول عليها مثل الفاكهة والأنواع الجيدة من اللحوم".
ووفقاً للإحصائيات الحكومية، وصل التضخم في أسعار الاستهلاك إلى 11.2 بالمائة خلال الفترة من يوليو عام 2009 مقابل 24.3 بالمائة في يوليو 2008 و13.1 بالمائة في حزيران 2009. وعلى الرغم من هذا الاتجاه نحو الانخفاض إلا أن عزيز قال أن "الأسعار ارتفعت بشكل كبير في عام 2008 ولكن الأجور لم ترتفع في المقابل ولذلك فإن الانخفاض من مستويات العام الماضي لا يعني الكثير. فالبضائع ما تزال تكلف أكثر بكثير مما كانت عليه في عام 2007 والمال الذي نكسبه هو نفسه تقريباً".
وتعتبر حيازة الأراضي الزراعية في البلدان الفقيرة من قبل الدول الغنية لتلبية الاحتياجات الغذائية للأخيرة جزء من الاتجاه العالمي الذي تمت مناقشته في مختلف المحافل الدولية بما في ذلك اجتماع دول الثمانية الذي عقد في يوليو من هذا العام.
وقد خلق التسارع في بيع الأراضي واستئجارها بعض القلق حيث تحدث جاك ضيوف، المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة العام الماضي عن مخاطر بزوغ نظام "الاستعمار الزراعي الجديد".
ولكن الحكومة الباكستانية قالت أن لا نية لديها لتأجير أراضيها لبلدان أخرى غير المملكة العربية السعودية.
kh/at/cb - dvh
"