تم طرح قضية معقدة وهامة في محادثات الأمم المتحدة لتغير المناخ في بون بألمانيا، وهي ايجاد مقياس يحدد مدى ضعف الدول النامية تجاه خطر تغير المناخ الأمر الذي سيساعد على تخصيص التمويل اللازم للتكيف على نحو لائق.
وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال جان كوالزيج من منظمة أوكسفام وهي منظمة تنموية مقرها المملكة المتحدة أنه يجب الاتفاق على الحاجة إلى مؤشر يقيس مدى التعرض للخطر من حيث المبدأ لأن ذلك يمثل "حلقة الوصل بين التكيف وآليات التمويل".
وأضاف أنه يجب قبول الفكرة من جانب جميع الدول وإدراجها في اتفاقية المناخ العالمي النهائية التي سيتم التوصل إليها في كوبنهاجن في ديسمبر. وستصبح الاتفاقية سارية المفعول بعد عام 2012 بعد انتهاء المرحلة الأولى من بروتوكول كيوتو الخاص بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة.
وقد تم طرح مسألة قياس ضعف الدول في الاستجابة لتغير المناخ في اليوم الثالث من محادثات بون من قبل ممثل صندوق البيئة العالمية وهو الآلية المالية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ والذي قال أن المرفق يدرس إمكانية استخدام مؤشر الضعف من أجل توزيع الموارد بصورة عادلة.
ويقوم صندوق البيئة العالمية بإدارة صندوقين خاصين من خلال اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وهما صندوق الدول الأقل نموا والصندوق الخاص بتغير المناخ وكلاهما يقوم بصرف الأموال لمشروعات التكيف.
ولكنه من المتوقع أن تأتي المبالغ الكبيرة من صندوق التكيف والذي ستتم إدارته أيضا من قبل صندوق البيئة العالمية الذي سيقوم بجمع المال من ضريبة قيمتها حوالي 2 بالمائة على ديون الانبعاثات طبقاً لآلية التنمية النظيفة التي تم إنشاؤها في إطار بروتوكول كيوتو.
وتسمح الآلية للدول الصناعية باكتساب وتبادل أرصدة الانباعاثات عن طريق تنفيذ مشروعات في الدول المتقدمة أو الدول النامية واستخدام تلك الأرصدة لتعويض قصورها في الوصول للحد المستهدف لانبعاثات الغازات الدفيئة.
أي المؤشرات أفضل؟
قال سليم الحق رئيس مجموعة تغير المناخ في المعهد الدولي للتنمية والبيئة ومقره لندن أن "المبدأ جيد لأنك تحتاج إلى طريقة لوضع أولويات التمويل". ولكن هناك العديد من المؤشرات للاختيار من بينها.
"ومن الممكن أن يصبح غاية في الصعوبة: فمن الممكن أن تكون هناك مناقشات على سبيل المثال حول ما إذا كان يجب إعطاء الأولوية للبلدان التي توجد فيها أعداد كبيرة من الناس المتضررين مثل الهند أو لدولة مثل توفالو (جزيرة في المحيط الهادي) حيث الأعداد صغيرة ولكن البلاد معرضة بدرجة كبيرة لخطر ارتفاع مستوى سطح البحر".
قالت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ وهي جهة علمية دولية في تقرير التقييم الرابع لها أن ضعف مجتمع ما تجاه الأخطار المتعلقة بتغير المناخ يتأثر بالمسار التنموي لذلك المجتمع وتوزيع موارده ومؤسساته الحكومية والاجتماعية.
وأشار تقرير اللجنة إلى أن "جميع المجتمعات لديها قدرات كامنة للتعامل مع تغيرات معينة في المناخ ولكن قدرات التكيف غير موزعة بالتساوي سواء بين البلدان أو داخل المجتمعات".
وقد قال الخبراء أن الرقم القياسي للضعف البيئي Environmental Vulnerability Index الذي وضعته لجنة العلوم الأرضية التطبيقية لجنوب المحيط الهادئ وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة وشركاؤهم يمكن أن يستخدم لهذا الغرض.
ويستخدم الرقم القياسي للضعف البيئي 50 مؤشراً تغطي العديد من الجوانب مثل الفترات الجافة والرياح العاتية والنزاعات والسكان لتحديد أهم العوامل المؤثرة في تعرض الدول للخطر ووضع أولويات للإجراءات اللازمة للتعامل مع النطاق الكامل للمخاطر الطبيعية والبشرية التي يمكن أن تؤثر على البيئة.
وقال أورسولا كالي الذي يعمل في مشروع الرقم القياسي للضعف البيئي أن المشروع لديه مؤشر فرعي لتغير المناخ. ولو تم استخدام ذلك لقياس تعرض بلد ما للخطر "فإنه لن يتطلب أي تعديل بخلاف تحديث البيانات- لقد تم تصميم الرقم القياسي للخطر البيئي على أساس إعادة حسابه كل خمس سنوات وقد تم آخر حساب في نهاية عام 2004".
ما هو الضعف؟
وقد وصف تقرير التنمية البشرية لعام 2007 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للتنمية "الضعف" في سياق تغير المناخ بأنه "عدم القدرة على إدارة المخاطر بدون الاضطرار إلى القيام بخيارات تعرض سلامة الإنسان للخطر بمرور الوقت".
ومصطلح "الضعف" أو Vulnerability أصله كلمه لاتينية معناها "يجرح" سواء معنويا أو جسديا.
وقال سليم الحق رئيس مجموعة تغير المناخ في المعهد الدولي للتنمية والبيئة أن النقاش حول أي من المؤشرات العديدة يجب استخدامه يمكن أن يأخذ منعطفا سياسيا. وقد علق كوالزيج من منظمة أوكسفام قائلاً: "هذه قضايا فنية يمكن التعامل معها بعد كوبنهاجن".
"