أكثر من 60 راكباً على متن هذه الحافلة المكتظة المتوجهة إلى وادي سوات المضطرب في باكستان هم من النازحين العائدين إلى ديارهم بعد قضاء قرابة الشهرين في المخيمات. ويغمر رحلة العودة مزاج احتفالي حذر في الوقت الذي يأمل فيه الكثير من العائدين المحملين بأكياس الطحين والأرز والسكر وغيرها من الضروريات في أن تكون معاناتهم قد ولت إلى غير رجعة.
وكان أكثر من مليوني شخص، حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قد غادروا ديارهم منذ 3 مايو/أيار هرباً من النزاع المشتعل بين الحكومة ومقاتلي طالبان.
وقد أعلنت حكومة الإقليم الحدودي الشمالي الغربي في 11 يوليو/تموز عن خطة من ثلاث مراحل لعودة النازحين بدءاً من 13 يوليو/تموز ولكن العملية قد بدأت قبل ذلك بالفعل.
ومن بين أول النازحين العائدين، إعزاز خان، البالغ من العمر 30 عاماً، والذي تحدث لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلاً: "تقول الحكومة والجيش أن منطقة سوات أصبحت آمنة حالياً. لقد كنت وأسرتي نعيش مع أقاربنا في مردان. كان المكان مكتظاً وغير مريح لذا فنحن نشعر بفرح شديد لتمكننا من العودة إلى ديارنا".
المفوضية تعيد النظر في طريقة عملها
وفي بيان لها في 10 يوليو/تموز، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن عملية "إعادة التوطين" ستتماشى مع التوجيهات الجديدة التي تم وضعها بالتعاون مع الحكومة والأمم المتحدة والمنظمات الشريكة. وجاء في البيان أن "هذه التوجيهات مبنية على مبادئ العودة الطوعية والآمنة والكريمة إذ سيتم تقييم استعداد الناس للعودة ووضع قائمة بالمرشحين لها ...كما سيتم أيضاً وضع قائمة بالأشخاص الأكثر عرضة للضرر".
المخاوف
غير أن العديد من النازحين يشعرون بالقلق حيال ما ينتظرهم لدى عودتهم إلى الديار، حيث قال محمد سليمان، البالغ من العمر 25 عاماً والذي يأمل في العودة بمجرد تمكنه من الحصول على وسيلة للمواصلات: "لقد سمعت أن العديد من المنازل والمتاجر والحقول تعرضت للدمار. كما أن أخي الذي بقي في سوات أخبرنا أن هناك نقص شديد في الغذاء بسبب بطء التوزيع الحكومي. لا ندري كيف سنعيد بناء منزلنا لأن معظمه قد تهدم".
ويخطط سليمان القادم من قرية بالقرب من مدينة كبال في سوات ترك والديه وزوجته وأطفاله الأربعة في مخيم مردان "إلى أن يقوم بالتحضيرات اللازمة لاستقبالهم وتأمين مكان يأويهم".
وقد أعلن الجيش الباكستاني سوات وبونر منطقتين خاليتين من مقاتلي طالبان. غير أن المشكلة التي تنتظر النازحين العائدين قد أصبحت واضحة. ففي الوقت الذي عاد فيه حوالي 2,500 شخص، حسب التقارير الإعلامية، إلى ديارهم بمدينة سلطانواس في إقليم بونر والتي لا يتعدى إجمالي عدد سكانها 5,000 نسمة، وجد العديد منهم ديارهم قد أصبحت أنقاضاً.
ويعيش معظم العائدين، وأغلبهم رجالاً، في الخيام. كما أن غياب الكهرباء والماء في مدينة سلطانواس وغيرها من المدن الأخرى الواقعة في المنطقة الحربية يزيد من مشاكل العائدين، حسب التقارير الإعلامية.
كما تدرك السلطات المشاكل التي تواجه العائدين، حيث أفاد الفريق نديم أحمد، المسؤول عن عمليات الجيش ضد طالبان في المناطق الشمالية، أن "كل أسرة مغادرة للمخيمات ستحصل على دعم مالي من الحكومة". كما أخبر ميان إفتخار حسين، وزير الإعلام بالإقليم الحدودي الشمالي الغربي، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه "ينبغي فعل كل ما في الإمكان لإعادة تأهيل النازحين". كما أشار إلى أن الإجراءات الأمنية المتشددة ستستمر للحيلولة دون عودة مقاتلي طالبان.
ويبقى الشعور بعدم الأمان طاغياً لدى العائدين إلى ديارهم ومن سيلحق بهم، بالرغم من كل التأكيدات والضمانات، حيث قال فاضل خان، البالغ من العمر 50 عاماً، وهو من سكان مينغورا في سوات: "كل ما نستطيع فعله هو أن نتمنى ونصلي أن يتم الوفاء بالالتزامات. لقد جعلنا هذا النزاع نفقد بيوتنا ومواشينا وأراضينا ومتاجرنا. وهناك نقص كبير في الغذاء وارتفاع كبير في الأسعار. نحن بحاجة إلى المساعدة كي نتمكن من الصمود".
"