في مكان ضيق خارج مخيم الشيخ منصور بالقرب من بلدة صوابي في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي في باكستان جلست مجموعة صغيرة من النسوة يقشرن الخضراوات وفي الوقت نفسه يحاولن تلطيف الجو المحيط بهن بمراوح يدوية. فمع انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من ساعتين وارتفاع درجات الحرارة في صوابي إلى حوالي 40 درجة مئوية، تجد النساء المكان غير محتمل بتاتاً خصوصاً مع الشال السميك التشادر" والبرقع اللذين لا بد من ارتدائهما.
وقالت زرينه بيبي، 40 عاماً، التي هربت مع أسرتها من القتال الدائر في منطقة بونر: "الجو خانق هنا حتى مع دوران المراوح. نحن معتادون على درجات حرارة أقل من التي نشهدها هنا. كما لا يوجد خصوصية للنساء في هذا المكان ولذلك لا نستطيع خلع التشادر".
ويزداد الحر داخل الخيام المصنوعة من الأقمشة وتشتكي النساء من أن أطفالهن لا يستطيعون النوم جراء ذلك.
وقالت خديجة خان، 25 عاماً، وهي أم لطفلين: "إنه وضع بائس. لقد أصبنا جميعاً بطفح حراري أو بثور بسبب الأوضاع هنا".
وقد أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن الجهود مستمرة لتوفير "مآوي كافية ومقبولة ثقافياً" للأشخاص الذين نزحوا مؤخراً في باكستان. وأضاف المكتب أن المآوي ستضم غرفاً خاصة للنساء.
في أثناء ذلك، بدأت الحكومة ومنظمات الإغاثة بإقامة مآوي مجتمعية مظللة في المخيمات.
مليونا نازح تقريباً
ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، تعرض قرابة المليوني شخص للنزوح منذ بدء الأعمال العدائية بين القوات الحكومية والمقاتلين في مايو/أيار. كما فر الآلاف من المدنيين العالقين من المنطقة مستفيدين من فترة رفع حظر التجول الأخيرة في دير السفلى وسوات وبونر المتأثرة بالنزاع.
ووفقاً لأحدث تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) يعود بعض النازحين في بونر إلى منازلهم خلال النهار لحصاد محصول القمح ثم يعودون ليلاً إلى المخيمات.
وأفادت وحدة الاستجابة للطوارئ في حكومة الإقليم الحدودي الشمالي الغربي أن 265,122 نازحاً يعيشون حالياً في 21 مخيماً، أما الباقون فيعيشون مع أصدقائهم أو أقاربهم.
ومع دخول القتال شهره الثاني، يشعر العديد من النازحين بالقلق حيال مستقبلهم ولكنهم يقولون أن الظروف تتحسن ببطء في المخيمات.
وقال محمد حسين، وهو متطوع من صوابي بدأ بزيارة المخيمات في المنطقة منذ إنشائها في أوائل مايو/أيار: "بدأت الأوضاع تتحسن، فقد أقيمت مراحيض ونقاط توزيع مياه كما تحسنت جودة الخيام وتم توفير مستلزمات الطبخ. ولكن هناك المزيد مما يجب فعله".
النازحون لدى الأسر المضيفة
ويرى البعض أن بقاء النازحين مع أسر مضيفة بات صعباً للغاية، حيث قال أياز كولريز من سوات لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "نشعر بأننا نشكل عبئاً على مضيفينا. من الصعب عليهم تحمل ثمانية أشخاص إضافيين لفترة غير محددة".
وبينما أقيمت مراكز للغذاء ونقاط لتوزيع المساعدات، تبقى المشكلة الرئيسية بالنسبة للنازحين هي السكن، حيث قال كولريز: "من الصعب جداً أن يسكن ستة أشخاص أو أكثر في غرفة واحدة لفترة طويلة وخاصة في الحر الشديد".
الصورة: شابير حسين إمام/إيرين ![]() |
مع ارتفاع درجات الحرارة لأكثر من 39 مئوية، يقول النازحون في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي أن خيامهم أصبحت أشبه بالأفران |
ومع تحسن التنظيم والمرافق في المخيمات قد يفكر المزيد من النازحين بالانتقال إليها. ويمكن أن يحدث ذلك فقط إذا استمرت الأموال لمساندة الاستجابة الإنسانية بالتدفق حيث أعلنت الأمم المتحدة بأن هناك حاجة ماسة للتمويل. وقد أصدرت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر مناشدات للحصول على المزيد من الأموال.
في أثناء ذلك، يتأمل الناس في أن يتمكنوا من العودة إلى منازلهم قريباً. وقال ميان افتخار حسين، وزير الإعلام في الإقليم: "نحن نعمل على خطة لمساعدتهم عندما يحدث ذلك".
غير أن النازحين أفادوا أن البنى التحتية في مناطقهم الأصلية قد دمرت وتحتاج إلى وقت لإعادة بنائها من جديد. وتساءل فضل خان قائلاً: "لقد دمرت الطرق ولا يوجد ماء أو كهرباء. كما تعرض منزلنا أيضاً للدمار، فكيف يمكن لنا أن نعود؟".
"