في الوقت الذي يعاني فيه الشرق الأوسط من نصيبه من الكوارث الطبيعية، لا تزال فكرة الحد من خطر الكوارث فكرة جديدة على المنطقة وسط صعوبات في إقناع الحكومات بمدى جدوى رصد ميزانيات لها، حسب الخبراء.
وفي هذا السياق، أفادت لونا أبو سويرح، مسؤولة البرامج الإقليمية في الإستراتيجية الدولية للحد من الكوارث التابعة للأمم المتحدة في القاهرة، أن "المنطقة معرضة للكوارث مثل الجفاف والأعاصير والانزلاقات الأرضية والزلازل. وبينما توجد مناطق معرضة للزلزال في شمال أفريقيا ووادي الأردن تعتبر الفيضانات أيضاً إحدى المخاطر العامة التي بدأت تحدث بشكل أكثر تواتراً في السنوات الأخيرة".
وأضافت أبو سويرح أن النمو الاقتصادي والحضري السريع تسبب في تمركز السكان في المدن المعرضة للخطر دون أن يتم بذل ما يكفي من جهود لتعزيز قدرات الحد من المخاطر.
كما بدأت المنطقة تشهد تأثير التغيرات المناخية حيث أوضحت أبو سويرح أن "سوريا، على سبيل المثال، تضررت كثيراً [خلال 2008 و2009] بموجة من الجفاف لم تشهد لها مثيل من قبل. كما شهدت الإمارات العربية المتحدة في شهر أبريل/نيسان أمطاراً غزيرة ودرجات حرارة منخفضة للغاية".
ووفقاً لقاعدة بيانات الأحداث الطارئة Emergency Events Database تأثر نحو 37 مليون شخص في العالم العربي على مدى الـ 28 عاماً الماضية بسبب الجفاف والزلازل والفيضانات والعواصف في الوقت الذي خسرت فيه الاقتصاديات العربية نحو 19 مليار دولار خلال الفترة نفسها.
تقدم بطيء
وقد أفاد تقرير التقييم العالمي بشأن الحد من مخاطر الكوارث لعام 2009 الذي تم إطلاقه في البحرين يوم 17 مايو/أيار أن التقدم العالمي الذي تم إحرازه باتجاه تحقيق أولويات العمل ضمن إطار عمل هيوغو يختلف من منطقة إلى أخرى. وقالت أبو سويرح أنه على الرغم من تحقيق بعض التقدم في مجال الحد من مخاطر الكوارث في منطقة الشرق الأوسط ولكنه "ليس بالسرعة المطلوبة للوفاء بالتزاماتنا تجاه إطار عمل هيوغو بحلول عام 2015".
وقد أفادت الإستراتيجية الدولية للحد من الكوارث أن البحرين ومصر والأردن وسوريا واليمن تقوم برصد تنفيذ إطار عمل هيوغو عن كثب وتقديم التقارير المتعلقة بذلك. وأضافت أن البحرين ومصر وضعتا آليات تنسيق وطنية، في حين تعمل الأردن وسوريا واليمن مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي وجهات أخرى على رسم خرائط الأخطار وتقييم المخاطر.
من جهته، أفاد عماد الدين عدلي، المنسق العام في الشبكة العربية للبيئة والتنمية، وهي منظمة غير حكومية إقليمية تشجع على الممارسات الهادفة للحد من مخاطر الكوارث على مستوى المجتمع المحلي، أن "حجم التحرك لا يزال صغيراً مقارنة مع ما يتم التصريح به على مستوى الخطاب السياسي". وأوضح أن "الدول العربية كثيراً ما تتحدث عن فهم أهمية الحد من المخاطر والصلة بين الكوارث والتنمية المستدامة في المؤتمرات الإقليمية والدولية، ولكن ذلك لا يترجم إلى خطط على أرض الواقع".
الصورة: عادل حميد/إيرين |
فيضانات في العراق |
التحديات
ويبقى التمويل يشكل التحدي الرئيسي الذي يواجه عمال الإغاثة الراغبين في تنفيذ مشاريع الحد من مخاطر الكوارث في المنطقة حيث أفاد عبد القادر أبو عوض، المنسق الإقليمي لإدارة الكوارث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، أن "الناس الذين يعملون في هذا المجال يعرفون أنه إذا حدثت كارثة ما فإن باستطاعتهم الحصول على التمويل اللازم لمواجهتها. فعندما ضربت كارثة تسونامي مثلاً تم التبرع بمليارات الدولارات للتخفيف من آثارها وإغاثة المتضررين. ولكن إيجاد التمويل اللازم لبرنامج تنمية في مدينة السلط [وسط غرب الأردن]، على سبيل المثال، أمر صعب جداً".
وأضاف قائلاً: "عندما ذهبنا إلى مدينة السلط القديمة، مثلاً، وجدنا طرقها ضيقة للغاية. فإذا تعرضت المنطقة لزلزال – لا سمح الله - فلن تتمكن أية آلية من دخول المدينة للإغاثة وإنقاذ الضحايا".
بدوره قال محمد الخليل من البرنامج الشامل للتخفيف من مخاطر الكوارث ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا، أن "هناك مقاومة هائلة من جانب الحكومات والمؤسسات لتخصيص أموال لبرامج السلامة". وأضاف قائلاً: "لقد اقترحنا على وزارة التربية والتعليم (في سوريا) عدداً من التدابير الهامة التي تتعلق بسلامة المباني المدرسية وزيادة الوعي بين تلاميذ المدارس. وبالرغم من الضغوط التي قمنا بممارستها كانت المبالغ المخصصة غير كافية".
"