1. الرئيسية
  2. East Africa
  3. Sudan

السودان: كل شيء ممكن" إذا وجهت المحكمة الجنائية الدولية اتهامات للرئيس"

[Sudan] Bashir. IRIN
Sudan's President Umar el-Bashir invited the two groups to meet in Khartoum.

سيكون إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهم الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور- وهي الاتهامات التي رفضتها الحكومة السودانية- حدثاً غير مسبوق في تاريخ العدالة الدولية. ومن المتوقع أن تتخذ المحكمة قرارها بشأن مذكرة التوقيف في الأسابيع القادمة. ولكن ما تداعيات ذلك على السودان؟ فيما يلي بعض النتائج المحتملة التي يجري مناقشتها من قبل مراقبين ومحللين اتصلت بهم شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) وكما قال دبلوماسي غربي فإن كل شيء ممكن".

تؤثر التطورات السياسية في السودان بصورة مباشرة على كل من الاحتياجات والاستجابات الإنسانية. وتقول الأمم المتحدة وشركاؤها أنهم يحتاجون إلى 2.18 مليار دولار في عام 2009 لتقديم المساعدات الغذائية لأربعة ملايين شخص، وإمداد أكثر من 1.5 مليون شخص إضافي بالمياه الصالحة للشرب، ومساعدة 54 ألف شخص من العائدين إلى ديارهم، وإلحاق أكثر من 800 ألف طفل بالمدارس، وإزالة الألغام من أكثر من 7,500 كيلومتر من الطرق، وضمان حصول أكثر من أربعة ملايين شخص على الرعاية الصحية الأساسية.

حالة الطوارئ

ويقول المحللون أنه من الممكن أن تقوم الحكومة بحل البرلمان وإعلان حالة الطوارئ. وقد نفت الحكومة أنها ستتخذ هذا النهج، ولكنها منقسمة داخلياً بين الأصوات المعتدلة والمتشددين الأكثر تطرفاً. وقال إيريك ريفز الباحث في الشأن السوداني بكلية سميث في ولاية ماساتشوستس الأمريكية أن "الأمر يتوقف في الحقيقة على صيغة نجاة حزب المؤتمر الوطني الحاكم التي ستسود في النهاية".

انقلاب

وقد انتشرت شائعات عن وقوع انقلاب، حيث ذكر عضو بارز في الحكومة أن الناس داخل الدائرة المقربة من البشير "يتآمرون ضد بعضهم البعض. فقد أصبح البشير عبئاً على الحزب ويجب عليه الرحيل".

كما يقول المحللون أن نائب الرئيس علي عثمان طه هو المرشح الأوفر حظاً لخلافة الرئيس. وهناك أسماء أخرى يجري تداولها كنافع علي نافع مستشار الرئيس والعضو البارز في حزب المؤتمر الوطني وصلاح قوش، رئيس جهاز الاستخبارات والأمن الوطني.

ولكن ريفز قال أنه ليس لدى أي من هؤلاء الدعم الكافي وجميعهم يعرف أنهم أيضاً يمكن أن يُحاكَموا من قبل المحكمة الجنائية الدولية لتورطهم في النزاع في دارفور. وكما قال الدبلوماسي الغربي "ما فائدة قيادة انقلاب أو التخلص من الرئيس إذا كنت أنت أيضاً على قائمة الاتهام؟"

هجوم المتمردين

وقد تعهدت حركة العدل والمساواة المتمردة التي شنت هجوماً غير مسبوق على العاصمة في شهر مايو/أيار 2008 بأن تقوم بتكرار الهجوم. وقد حذرت الحركة المدنيين في ديسمبر/كانون الثاني بالابتعاد عن قواعد الجيش لأن الهجوم بات وشيكاً.

وقد وعد الطاهر الفقي المتحدث الرسمي باسم حركة العدل والمساواة والمقيم في لندن بأن الحركة- وهي أقوى الحركات في دارفور- سوف تُسَلِّم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية. وقال الفقي: "إذا صدرت لائحة الاتهام سنتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية للقبض على البشير بكل الوسائل الممكنة حتى لو اضطررنا للدخول في معركة مباشرة في أية مدينة في السودان". وأضاف قائلاً: "سنبذل قصارى جهدنا لتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية. لابد وأن يواجه المحاكمة".

وتخشى الحكومة من أن تمنح مذكرة التوقيف المتمردين مزيداً من القوة. وقال علي صادق، المتحدث باسم وزارة الخارجية أن "المتمردين سيعتبرون هذا القرار كنوع من الدعم لهم. وربما يصعدون من نشاطهم العسكري ويستهدفون المدن مما سيؤدي إلى نوع من الفوضى".

وقد أشارت العديد من التقارير إلى زيادة تعبئة الميليشيات المتحالفة مع الحكومة في دارفور في الأسابيع الأخيرة وذكر جهاز الاستخبارات والأمن الوطني أن قواته على أهبة الاستعداد لصد أي هجوم.

التدخل العسكري الأمريكي

وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون مؤخراً أن هناك حاجة إلى "دق ناقوس الخطر" من جديد بشأن دارفور. وقد ذكرت أن الولايات المتحدة كانت تدرس عدة خيارات بما فيها فرض منطقة حظر جوي فوق دارفور والتدخل المباشر لدعم قوة حفظ السلام المشتركة للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة.

وقال كل من ريفز وأليكس دي وال، المحلل في مجلس بحوث العلوم الاجتماعية بنيويورك، أن هذا الأمر غير متوقع نظراً للالتزامات العسكرية الأمريكية في أماكن أخرى، والمدى الذي سيؤول إليه مثل هذا التدخل لتقويض قوة حفظ السلام، والخطر الذي سيضع فيه المواطنين الأمريكيين في السودان.

وهناك أيضاً احتمال فرض الولايات المتحدة للمزيد من العقوبات على السودان. 

انهيار اتفاقية سلام عام 2005

وأحد أكبر المخاوف بين المحللين والسياسيين الجنوبيين هو تأثير ذلك على اتفاقية السلام الشامل لعام 2005 التي أنهت أكثر من عقدين من الحرب بين الشمال والجنوب التي خلفت مليوني قتيل وأدت لتشريد أربعة ملايين شخص. وطبقاً لما ذكره دي وال الذي ألف العديد من الكتب عن السودان، فإن التأثير الرئيسي لتوجيه الاتهام للبشير سيكون إبطاء العملية السياسية. وقال دي وال أن "المحكمة الجنائية الدولية ستجعل من المستحيل على أية قضية أخرى أن تأخذ الصدارة أو تكون في بؤرة الأحداث في السودان، كما أنها ستقتل إمكانية رؤية سودان جديد والتحول الديمقراطي في هذا البلد".

في البداية قام الحزب المهيمن في الجنوب الذي يمثل حركة التمرد السابقة والمعروفة بالحركة الشعبية لتحرير السودان بدعوة حزب المؤتمر الوطني للتعاطي مع المحكمة الجنائية الدولية. ولكن في الآونة الأخيرة اتخذ سالفا كير، الرئيس الجنوبي ونائب الرئيس السوداني موقفاً قوياً ضد المحكمة خوفاً من انعكاسات توجيه الاتهام للبشير على جنوب السودان.

وفي تصريح له للصحافة المحلية قال كير: "المشكلة لدينا هنا في جنوب السودان هي ماذا سيحدث لاتفاق السلام الشامل إذا تم اتهام البشير من قبل المحكمة؟ وماذا عن البنود المعلقة في اتفاق السلام؟ هل سيتم تنفيذها بعد ذلك؟ هل سيكون لدينا استفتاء عام 2011؟ هذه أسئلة مهمة يجب أن ينتبه إليها الجميع".

[Netherlands] ICC Prosecutor Luis Moreno-Ocampo speaking during media briefing in The Hague. [Date picture taken: 04/25/2006]
الصورة: أوليفير نيروبوجارا/إيرين
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو
وقد حذر الجنوبيون مراراً من أن انهيار الاتفاق سيعني بالضرورة العودة إلى الحرب. ولكن الحكومة وعدت بأنها ستواصل تنفيذ الاتفاق والتعاون مع بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الجنوب طالما أن الأخيرة لديها الرغبة في ذلك. وقال صادق المتحدث باسم وزارة الخارجية أنه "طالما أن بعثة الأمم المتحدة في السودان وبعثة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور لديهما الاستعداد لمواصلة العمل كالمعتاد فإن الحكومة ستكون ملتزمة بذلك".

رد الفعل العنيف ضد الأجانب

وقد ألمحت بعض التصريحات الحكومية في أواخر عام 2008 إلى أنه سيتم طرد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في حال توجيه الاتهام للرئيس البشير، على الرغم من أن الحكومة قد نفت لاحقاً تلك الاتهامات. وقد قامت السفارات والمنظمات غير الحكومية وموظفو الأمم المتحدة بتعزيز إجراءاتهم الأمنية ووضع خطط طوارئ في محاولة لضمان استمرار برامجهم إذا ما أُجبِروا على مغادرة البلاد. وقد تم أيضاً وضع خطط لإجلاء الأجانب.

وقال جون هولمز، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في مقابلة أجراها مؤخراً مع مجلة نيوزويك: "لا يمكنك أن تتخيل أن شيئاً لن يحدث".

وقد دعا أحد المحتجين في التظاهرات الأخيرة التي نُظِمَت دعماً لغزة إلى شن هجمات على الأجانب. وبعد ذلك بأيام قليلة حذر رئيس جهاز الأمن صلاح قوش من أنه لا يمكن استبعاد قيام خارجين عن القانون بشن بعض الهجمات. وقال قوش أن الحكومة ستبذل قصارى جهدها للسيطرة على الناس الذين يتوقع أن يقوموا باحتجاجات خارج مباني الأمم المتحدة وسفارات الدول التي تؤيد المحكمة الجنائية الدولية.

معضلة للأمم المتحدة

وقال دي وال أن توجيه الاتهام للبشير سيكون مشكلة كبيرة للأطراف الدولية كما هو الحال بالنسبة للسودان. فالأمم المتحدة والدول الأطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ستواجه معضلة. وقد تساءل دي وال: "كيف ستتعاون بشكل رسمي مع حكومة لديك التزام بإلقاء القبض على رئيسها؟ وكيف يمكن إرسال سفير لتلك الحكومة؟ وكيف يمكن أن يكون لديك برنامج للمعونة؟ وكيف يكون لديك اتفاقية للتعاون العسكري وهو ما يجب أن تفعله الأمم المتحدة لأن لديها قوات هناك؟ وكيف تجلس على الطرف الأخر من الطاولة مع ضباط في الجيش تم اتهام قائدهم الأعلى كمجرم حرب؟"

ويقول دي وال أن فرض الأطراف الدولية لقيود ذاتية هو الأمر الأكثر احتمالاً من الطرد القسري للأجانب.

تشديد الإجراءات ضد ناشطي حقوق الإنسان

ويقول المحللون أن النتيجة المتوقعة جداً هي تشديد الإجراءات ضد العاملين في مجال حقوق الإنسان. ففي شهر نوفمبر/تشرين الثاني، تم اعتقال ثلاثة ناشطين محليين لأنهم على حسب قولهم قاموا برفع الوعي حول المحكمة الجنائية الدولية من خلال إرسال تقارير المحكمة والدفاع عن قضية دارفور. وقال أحدهم ويدعى منعم الجاك أنه تعرض للتعذيب أثناء اعتقاله في حين ذكر آخر ويدعى أمير محمد سليمان أنه بالرغم من أن تلك الاعتقالات ليست أمراً غير عادي في السودان إلا أنها أصبحت أكثر شيوعاً منذ طلب المدعي العام إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني، مضيفاً أن "الأمر الآن أصبح حملة وأن هذا الموقف قد غير من عملنا ليصبح شديد الصعوبة".

ويخضع الآن محمد الساري إبراهيم للمحاكمة بزعم محاولته تمرير وثائق حساسة حول دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية بعدما أن تم تسريبها بواسطة أحد معارفه في جهاز الشرطة السوداني. وينفي إبراهيم قيامه بذلك. كما تم أيضاً اعتقال حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض في الرابع عشر من يناير/كانون الثاني بعدما حث البشير على الاستقالة وتسليم نفسه إلى المحكمة لمصلحة السودان. وقد ذكرت التقارير الإعلامية أن الترابي يمكن أن يخضع أيضاً للمحاكمة.

تقلص الحيز الإنساني

وتواجه المنظمات غير الحكومية بالفعل صعوبات كبيرة في الحصول على تأشيرة دخول لموظفيها وتصاريح للسفر. وقال أحد عمال الإغاثة أنه "حتى لنقل الوقود تحتاج في كل مرة إلى نصف دستة توقيعات". وقد قام مسؤولون من لجنة المساعدات الإنسانية بمداهمة مكاتب عمال الإغاثة وطلبوا منهم الإطلاع على رسائل البريد الإلكتروني وملفات سرية، على الرغم من أن الحكومة تنفي تلك الاتهامات.

Women recently displaced by fighting in North Darfur have settled in a camp for displaced people in Zamzam, south of El-Fasher.
الصورة: هبة علي/إيرين
نساء مشردات في مخيم بشمال دارفور: تخشى الجهات العاملة في المجال الإنساني من أن توجيه الاتهام للرئيس السوداني من قبل المحكمة الجنائية الدولية لن يؤدي سوى إلى جعل عملهم أكثر صعوبة
وتخشى الجهات العاملة في المجال الإنساني من أن توجيه الاتهام للرئيس السوداني لن يؤدي سوى إلى جعل عملهم أكثر صعوبة. وقال عامل إغاثة: "لا أعتقد أنه سيكون هناك عنف في الشارع. أعتقد أنه سيكون هناك المزيد من التضييق على الحيز الذي تعمل فيه الوكالات الإنسانية. وأعتقد أن حدوث ذلك مضمون بدرجة كبيرة".

العمل كالمعتاد

ومع ذلك قال دي وال أنه من غير المرجح حدوث أسوأ السيناريوهات، مضيفاً أن "أكثر النتائج توقعاً هي أن الحكومةلن تقوم في الواقع بفعل شيء وستستمر على نهجها السابق - إما لأنها غير قادرة على الاتفاق داخلياً أو لأنها تعتقد أن هذا أفضل ما يمكن القيام به ".

وأشار دي وال إلى استبعاد السودان من صندوق النقد الدولي منذ سنوات قائلاً: "أعتقد الجميع أن هذه هي نهاية المطاف بالنسبة للموارد المالية السودانية. ولكن الأمر لم يكن كذلك".

وتؤيد جميع الدول العربية والأفريقية تقريباً السودان ضد المحكمة الجنائية الدولية قائلين أنها أداة سياسية منحازة تستهدف فقط الأفارقة وتنتهك سيادتهم. ومن المرجح أن يتمكن البشير من التنقل بحرية في المنطقة دون خوف من الاعتقال ويمكنه، على حد قول دي وال، الاستمرار في الحكم إلى ما لانهاية بالرغم من صدور مذكرة توقيف ضده.

وقد اتخذت الحكومة من جانبها موقفاً متحدياً. ويقول صادق: "لن نعير اهتماماً لقرار المحكمة الجنائية الدولية ولن نتعاون معها. لن نفكر في تسليم الرئيس. سنكون مشغولين جداً بالقضايا الداخلية وسوف ننسى أمر المحكمة الجنائية الدولية".

وقال ريفز أنه حتى في حالة حدوث انقلاب وتولي قيادة جديدة لن يتحسن الأمر سوى قليلاً في دارفور.

وقد كتب ريفز في صحيفة الجارديان في ديسمبر/كانون الأول قائلاً: "للأسف يوجد سبب ضعيف لافتراض أن اتهام البشير بالإبادة الجماعية سيكون فرصة لجميع أنواع الإجراءات التي من شأنها حماية 4.7 مليون مدني تضرروا من هذا الصراع ولا يزالون تحت رحمة عصابة من الجزارين في الخرطوم".
"
Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join