في الوقت الذي لا تظهر فيه بوادر لوقف إسرائيل لهجومها على غزة الذي بدأ منذ أكثر من أسبوعين، أخذ صبر الأشخاص الذين ينتظرون للدخول إلى القطاع من مدينة رفح المصرية ينفذ. ويعتبر معبر رفح نقطة الوصل الوحيدة التي تربط الفلسطينيين في غزة بالعالم الخارجي ولا تسيطر عليها إسرائيل.
وفي كل يوم يتجمع الأطباء المحليون والأجانب والممرضون وسائقو الشاحنات والصحفيون وينتظرون على الجانب المصري من الحدود للحصول على فرصة الدخول إلى غزة خلال ساعات التهدئة الثلاث.
وأخبر صحفي مصري من صحيفة حكومية محلية فضل عدم الكشف عن هويته شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلاً: "لقد أصبح ذلك أمراً روتينياً. نأتي إلى هنا وننتظر لأن يحدث شيء".
وتمر الحدود بين الأرض الفلسطينية المحتلة ومصر في وسط مدينة رفح. وبالقرب من المعبر الحدودي على الجانب المصري، يتجمع الأشخاص على الرصيف القريب من الشارع الرئيسي ويتبادلون أطراف الحديث بانتظار أن تفتح البوابة. وهناك نجح كشك قديم ومهترئ في كسب مال سريع من بيع الشاي والبسكويت للتجمعات اليومية بعد مرور أشهر من السكون بسبب الإغلاق التام للمعبر.
وقد خرق جلسة تبادل الأحاديث والشاي انفجار عنيف هز الطرف الآخر من الحدود. وبعد أن هدأ الغبار المتناثر في الجو بدأ المنتظرون يسألون أسئلتهم المعتادة: "متى ستتوقف إسرائيل عن القصف؟ متى سيتم فتح المعبر؟ من سيدخل اليوم ومن لن يتمكن من ذلك؟" كلها أسئلة لم يكن لدى أي منهم إجابات عنها.
عبور الأطباء
وفي 9 يناير/كانون الثاني، سمحت السلطات المصرية أخيراً لمجموعة من الأطباء من اتحاد الأطباء العرب بدخول غزة بعد أن حضر 46 منهم إلى الحدود قبل يومين على أمل العبور لتقديم خدماتهم في القطاع. وفي 10 يناير/كانون الثاني، تم السماح للمزيد منهم بالعبور، من بينهم 11 طبيباً مصرياً وثلاثة أطباء أردنيين وطبيب بلجيكي، وفقاً للتقارير الصحفية.
كما تحضّر المزيد من الفرق الطبية لبعثات إلى رفح بهدف الاستجابة إلى النداءات لمساندة الأطباء الفلسطينيين داخل غزة. ولكن هذه الدعوات تأتي وسط تباطؤ في العمليات الإنسانية في غزة بعد مقتل عمال إغاثة وتدمير مؤسسات تابعة للأمم المتحدة على يد الجيش الإسرائيلي.
ولا يمكن سوى للشاحنات المحملة بالمستلزمات الطبية المرور عبر معبر رفح حيث تقوم السلطات المصرية بتفتيش دقيق لجميع المركبات هناك. وفي طريق عودتها، تُستَخدم الشاحنات في بعض الأحيان لإخلاء الجرحى من سكان غزة إلى المستشفيات في مدينة العريش المصرية.
ولا يُسمح للمساعدات الغذائية وغيرها من المواد الإغاثية بالمرور عبر معبر رفح ولذلك ترسل عادة عبر معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم) الذي يبعد 4 كيلومترات عن رفح وتسيطر عليه إسرائيل.
وأخبر طارق المحلاوي، وكيل وزارة الصحة شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن مصر تقوم ما في وسعها لتسهيل العمل الإنساني عبر الحدود. وأضاف قائلاً: "المشكلة الرئيسية ليست في معبر رفح وإنما في [نقطة تفتيش] مفرق الشهداء على بعد 15 كلم من رفح في غزة حيث يتم السماح بإخلاء بعض الجرحى إلى مصر في حين ترفض إسرائيل مرور بعضهم الآخر لأسباب سياسية".
تحميل الحكومة المصرية المسؤولية
الصورة: ReliefWeb |
خريطة للأرض الفلسطينية المحتلة تبين موقع معبر رفح |
وقال أنيس لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) غاضباً: "يجب أن تصل حمولة الشاحنات لسكان غزة في الوقت المناسب. إنها ليست لنا. إنها لهم. يجب أن تمنح لهم".
وكان معبر رفح يخضع لهيئة المطارات الإسرائيلية حتى عام 2005 عندما انسحبت إسرائيل التي كانت تحتل القطاع. وتم تسليم المعبر بعد ذلك إلى بعثة الإتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية في رفح وكان مغلقاً لمعظم الوقت خلال عام 2006 لأسباب أمنية ومغلقاً بشكل كامل خلال عام 2007 بعدما استولت حركة حماس الإسلامية على القطاع.
"