فر مئات الآلاف من السوريين إلى تلك المنطقة وهم يعيشون الآن في مستوطنات مؤقتة ويتخلصون في أغلب الأحيان من القمامة الخاصة بهم بأنفسه. وينتهي المطاف بالكثير منها في خنادق، وهو ما يلوث إمدادات المياه التي يستفيد منها اللاجئون واللبنانيون على حد سواء.
"إذا لم يكن الماء نظيفاً، يضطر المزارعون إلى ضخ المزيد من المياه من البئر، وهذا يكلفهم الكثير،" كما أوضح محمد معذوب، ممثل البلدية المحلية.
ولذلك، يقوم عطايا وسبعة من زملائه السوريين بالتقاط القمامة من آلاف الأميال من المزاريب. إنهم يعملون لدى البلدية، ولكن منظمة ميرسي كور (Mercy Corps)، وهي منظمة غير حكومية، تدفع غالبية أجورهم وتختار العمال الأكثر احتياجاً - فعطايا نفسه يعول 10 من أفراد أسرته وكان عاطلاً عن العمل معظم الوقت منذ فراره من سوريا قبل عامين.
لكن السوريين يشكلون نصف القوة العاملة فقط - والنصف الآخر هم من اللبنانيين. وقال معذوب أنه حتى بضع سنوات مضت، كان من المستحيل تقريباً العثور على لبنانيين يقبلون القيام بمثل هذا العمل مقابل 15 دولاراً في اليوم، ولكن لم يعد الأمر كذلك الآن.
وتجدر الإشارة إلى أن مدى التأثير الاقتصادي كان موضوع الكثير من النقاشات، لكن التقييم الأكثر سلبية الذي أعده البنك الدولي يشير إلى احتمال وقوع ما يقرب من 170,000 لبناني في براثن الفقر جراء الأزمة السورية. وفي حين تمت مؤخراً زيادة القيود على عملهم، إلا أن العديد من السوريين لا زالوا يعملون في لبنان - في كثير من الأحيان بأجور أقل من الموظفين اللبنانيين.
وفي حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، أشار جورج أنطون، المدير القطري لمنظمة ميرسي كور في لبنان، إلى وجود توترات متزايدة بين المقيمين اللبنانيين واللاجئين. يشكو السوريون من المعاملة العدائية من قبل الشعب اللبناني، في حين تم حرق مخيم واحد على الأقل. لذا من الضروري، وفقاً لأنطون، أن تكون جميع برامج المساعدات مصممة لمساعدة كلا المجتمعين بشكل عادل قدر الإمكان.
وأضاف أن "اللاجئين يختارون العيش في المجتمعات الفقيرة معظم الوقت لأن الإيجارات بها أرخص. وكانت هذه المجتمعات تعاني بالفعل من نقص الخدمات العامة - سواء المدارس أو العيادات الصحية أو الطرق أو مرافق المياه. ثم طرأ هذا الضغط الإضافي على النظام - ولهذا السبب بدأ تصاعد التوتر".
وتنفذ لجنة الإنقاذ الدولية (IRC)، وهي منظمة غير حكومية، البرامج التي تساعد كلاً من السوريين واللبنانيين.
وفي وقت سابق من هذا العام، دشنت مشروع سرفيس اينفو (ServiceInfo) التجريبي، وهو مشروع مبتكر يشبه خدمات مثل موقع تريب أدفايزور (TripAdvisor) الذي يسمح للمستخدمين بالبحث عن الفنادق والمطاعم ومن ثم تقييم هذه الخدمات، ولكن تم تصميمه لمساعدة اللاجئين على العثور على أقرب الأطباء ومحلات السوبر ماركت والمنظمات غير الحكومية.
وفي حين أن السوريين هم الهدف الأساسي للمشروع، أوضحت جوسلين نايت، منسقة الحماية في مكتب لجنة الإنقاذ الدولية في لبنان، أنه يمكن أن يصبح مفيداً بنفس القدر للسكان المحليين.
ففي لبنان، غالباً ما يتم إعطاء التوجيهات بناءً على القرب من المعالم المحلية، بدلاً من أرقام المنازل وأسماء الشوارع المعروفة، ولذلك فإن استخدام النظام لرسم الخرائط من خلال برنامج تحديد المواقع (GPS) يمكن أن يساعد البلاد على تطوير شبكة معلومات أكثر موثوقية.
وأضافت نايت أن "الفكرة كلها هي أنه يجعل العثور على الخدمات التي يحتاج إليها مستخدمو الخدمة أكثر كفاءة، سواء كانوا من اللاجئين أو المجتمع المضيف".
"في بلد مثل لبنان، هذا أمر مهم حقاً. إن مجرد الحصول على معلومات عن المكان الذي يتوجب الذهاب إليه للحصول على الخدمات الأساسية يمكن أن يكون صعباً للغاية،" كما أفادت.
حان الوقت للدمج
ومثل هذه البرامج هي جزء من فهم متزايد للحاجة إلى تنسيق أفضل لمساعدات التنمية الطويلة الأجل والمساعدات الإنسانية القصيرة الأجل. كما أنه موضوع ساخن في أوساط العاملين في التنمية، فقد كان النظامان تاريخياً مستقلين إلى حد كبير.
ولكن مع ظهور أزمات اللاجئين المطولة مثل الأزمة السورية، أصبح هناك اعتراف متزايد بأن الحلول القصيرة المدى ليست مستدامة. وقد اضطرت الوكالات الإنسانية إلى تقليص المساعدات الغذائية المقدمة إلى السوريين بشكل كبير، وبالتالي فإن العثور على عمل لهم هو أمر شديد الأهمية.
في مزرعة طماطم على بعد بضعة كيلومترات في سهل البقاع، يعمل 10 سوريين لدى المزارع اللبناني مرشد، الذي قال أن المطر كان شحيحاً في العام الماضي ولم يحصد أي محصول تقريباً.
وقال أنه زرع سلالة جديدة من الطماطم هذا العام بمساعدة منظمة ميرسي كور تبُاع بضعف الثمن وهي أكثر ملاءمة لتربته. وبعد جني الأرباح، تمكن من التوسع وزيادة عدد العمال مرة أخرى.
وأضاف أنطون أن "السوريين لن يرحلوا في المستقبل القريب، ولذلك نحن بحاجة إلى التفكير في البنية التحتية وتوفير الخدمات. أحب أن أضرب مثالاً بالمياه. نحن لا زلنا ننقل المياه بالشاحنات لفائدة اللاجئين ولكن بتكلفة باهظة، بدلاً من إصلاح شبكات المياه في المجتمعات المحلية".
ولكن في ظل النقص الشديد في التمويل، يمكن أن يشكل الابتكار تحدياً. وقال أنطون أن الجهات المانحة لا تزال مترددة في دعم حلول طويلة الأجل لأزمات قصيرة الأجل.
وأوضح قائلاً: "بالنسبة للعديد من الجهات المانحة، تعتبر هذه مشاريع إنمائية، وهي تريد التركيز على البرامج المنقذة للحياة - أي الغذاء والصدقات. هذا أمر ضروري ولكنه ليس مستداماً".
jd/ag-ais/dvh