أصبح وضع الصحفيين في الصومال مقلق بشكل متزايد حيث تكافح البلاد من أجل طي صفحة سنوات الفوضى التي أعقبت الانتخابات الأخيرة الناجحة للرئيس الجديد. وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال عبد الرشيد ديل، العضو البارز في الاتحاد الوطني للصحفيين الصوماليين أنه "تم قتل 13 صحفياً وإصابة 19 آخرين هذا العام، ويمكن أن تتواصل عمليات القتل إذا لم يتم القيام بشيء حيال ذلك بسرعة"، مشيراً إلى أن التحولات السياسية غالباً ما تزيد من حدة المخاطر الأمنية بالنسبة للصحفيين في الصومال.
وقد قُتل صحفيان آخران مؤخراً على يد رجال مسلحين في مقديشو وفقاً لما ذكرته التقارير، الأمر الذي أكده الاتحاد الوطني للصحفيين الصوماليين. وكان من بين الصحفيين القتلى صحفي رياضي يعمل لصالح الموقع الإلكتروني ciyaarahamaanta.com ومراسل تابع لوكالة الأنباء اليمنية سبأ. ويتم إلقاء اللوم بشكل كبير في مقتل الصحفيين في الصومال– في الاغتيالات المستهدفة والتفجيرات– على مسلحي حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة. وقال ديل أن "حركة الشباب قد تكون جزءاً من المشكلة، ولكنني لا أستطيع أن أجزم أنهم المسؤولون لأننا لسنا المحكمة التي تقرر ماذا حدث. فهناك حاجة إلى المزيد من التحقيقات للتأكد من المتورطين، ولماذا يحدث ذلك بمثل هذا المعدل المقلق". وأضاف ديل أنه "على الرغم من أننا نعتقد أن الحكومة ليست متورطة في ذلك، إلا أن المسؤولية الأمنية تقع على عاتقها لأن حماية أرواح الناس هي إحدى الوظائف الرئيسية للحكومة".
المكان الأكثر خطورةً
وفي 20 سبتمبر، لقي ثلاثة صحفيين مصرعهم وأصيب خمسة آخرون بعدما قام شخصان انتحاريان باستهداف مطعم شعبي في حي هامر واين في مقديشو. وفي اليوم التالي، تم قتل الصحفي الإذاعي، حسن يوسف أبسوج رمياً بالرصاص بالقرب من مكاتب المحطة في حي ياقشيد في مقديشيو. وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال حسين عبد الله محمد، وهو صحفي إذاعي: "لقد فكرت في أن أترك وظيفتي أو أرحل عن البلاد إلى مكان أكثر أمناً مثل نيروبي أو هرجيسا (عاصمة أرض الصومال التي أعلنت نفسها جمهورية) ولكنني غيرت رأيي بعد أن نصحني زملائي بالبقاء. تخيل فقدان أربعة صحفيين خلال يومين!" وأضاف حسين: "عندما يقتل أحد زملائك يكون السؤال الأكبر: من التالي؟"
وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال عبد الله محمد علي، المعروف أيضاً بإسم سولدان، أنه سيواصل العمل كصحفي في مقديشو رغم تعرضه للإصابة وفقدانه لأصدقائه المقربين، مضيفاً أن "الموت أمر حتمي ولكل شخص أجل مقدر (أن يموت فيه) سواء كنت في واشنطن أو في مقديشو".
وقد صنفت لجنة حماية الصحفيين الصومال بأنه أخطر مكان يعمل فيه الصحفيون في إفريقيا. وقال سولدان: "نحن لا نعرف عدونا. فإننا نبدو تماماً مثل الأغنام المحاصرة في حظيرة. فيأتي أحدهم في الوقت المناسب له ويذبح الأغنام الواحد تلو الآخر"، مضيفاً أنه لا يمكن رؤية مستقبل الإعلام في الصومال بمعزل عن مستقبل البلاد. وقال سولدان أنه "لا يمكن أبداً أن يكون هناك فرع أخضر على شجرة إن لم يكن لتلك الشجرة ساق".
هذا ولم تنجُ من تلك الهجمات مؤسسات الإعلام التي تديرها الحكومة. وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال الصحفي عبد الفتاح ضاهر جيتي: "لقد عانينا من فترة أكثر خطورةً بكثير عندما كنا بالكاد نستطيع التنقل لأن حركة الشباب كانت تحكم معظم أجزاء العاصمة. لقد كنت على دراية تامة بالمخاطر التي كنت أواجهها عندما انضممت إلى العمل بإذاعة مقديشو. فأنا أتيت إلى هنا لأنني أردت منبراً يمكنني من خلاله مساعدة البلاد".
تحدي الترهيب
يحث عبد القادر محمد عبد الله- الصحفي في إذاعة جوبجوج التي انطلقت مؤخراً- الصحفيين في الصومال على البقاء على الحياد أثناء العمل في بيئة معادية حيث القصص المهمة محفوفة بالمخاطر الكبيرة. وذكر عبد القادر أن "هناك علامة استفهام كبيرة حول مستقبل الإعلام في الصومال لأن الخط الفاصل بين الحياد والانحياز غير واضح المعالم بصورة متزايدة. فتقول لنا الحكومة أنه لا يمكننا البقاء على الحياد عندما يتعلق الأمر بقضايا المصلحة الوطنية، في حين أن حركة الشباب تقول لنا أنه لا يمكننا أبداً أن نكون محايدين بين الحق والباطل. فالوقت الذي كان يمكن فيه للصحفي أن يكتب عن جميع جوانب القصة بات يختفي تدريجياً".
وأثناء احتلال حركة الشباب لمقديشو تم منع المذيعين من بث الموسيقى، وهي الفتوى التي ردوا عليها ببعض السخرية. ورغم إعلان عام 2011 بانسحاب حركة الشباب من مقديشو، ظلت العاصمة الصومالية مكاناً خطراً. ولكن ذلك لم يؤثر على قطاع الإذاعة والصحافة النشط هناك، حيث تعمل 20 محطة إذاعية على الأقل في مقديشو وحدها.
الإفلات من العقوبة
رداً على أعمال القتل الأخيرة، حثت منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) في بيان لها مؤخراً الحكومة الصومالية الجديدة على اتخاذ تدابير توفر حماية أفضل للصحفيين. وقالت ليزلي ليفكو، نائب مدير قسم إفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش أن "الصحفيين الصوماليين قد تصدروا لفترة طويلة القوائم المستهدفة من جميع الأطراف أثناء الحرب الأهلية القاسية في البلاد. ويمكن للرئيس الصومالي الجديد العمل على وضع نهاية لهذا النمط المروع عن طريق إعطاء أوامر بإجراء تحقيقات سريعة وجادة في حوادث القتل تلك". وطبقاً لما ذكرته منظمة هيومن رايتس ووتش، فقد قالت حركة الشباب لوسائل الإعلام أن مؤيديها نفذوا هجمات 20 سبتمبر ولكنها ادعت أن الحركة لم تصدر أوامر بتلك الهجمات.
وقال وارسامي محمد حسن، نائب عمدة إقليم بنادير للشؤون الأمنية أن "الصحفيين من بين المواطنين العزيزين الذين نفقدهم بسبب حركة الشباب وسوف نقوم بكل ما نستطيع فعله ليس لحماية الصحفيين فحسب ولكن أيضاً لحماية جميع المواطنين الصوماليين". هذا ولم تتم محاكمة أي مجرم لقتل صحفي في الصومال. وقد صنف مؤشر الإفلات من العقاب- الصادر عن لجنة حماية الصحفيين- الصومال بأنه من بين البلدان "التي يُقتل فيها الصحفيون ويبقى فيها القاتل طليقاً".
amd/aw/rz-hk/bb
This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions