سلط تقرير جديد صادر عن شبكة الانتخابات الحرة والنزيهة، وهو ائتلاف يضم 30 منظمة من منظمات المجتمع المدني الباكستانية، على افتقار البلاد للعاملات الصحيات اللواتي يقدمن الرعاية الصحية الأولية للنساء. وأضاف التقرير أن بلوشستان كانت الأسوأ بين أقاليم البلاد الأربعة.
وأشار التقرير إلى أن ثلثي وحدات الرعاية الصحية الأساسية التي تديرها الحكومة في بلوشستان والبالغ مجموعها 554 وحدة، تفتقر للموظفات الإناث. ووفقاً للحكومة، يوجد 5,345 وحدة للرعاية الصحية الأساسية في عموم البلاد.
وأضاف التقرير أن "حوالي ربع وحدات الرعاية الصحية الأساسية التي تم رصدها لا توظف عاملات لتقديم خدمات المشورة في مجال تنظيم الأسرة وغيرها من الخدمات" وأن "حوالي 40 بالمائة منها لا تملك الأدوات اللازمة للرعاية النفاسية بينما لا تتوفر في نصفها تقريباً غرف للولادة".
وذكر التقرير أن هناك اختلافات كبيرة من منطقة إلى أخرى في البلاد "وخاصة بين إقليم البنجاب (الذي يتوفر فيه أكبر عدد من العاملين الصحيين والمرافق الصحية لخدمة النساء) وإقليم بلوشستان (الذي يوجد فيه أقل عدد من العاملين والمرافق).
ويعني عدم توفر العاملات الصحيات إحجام النساء اللواتي يعانين من جميع أنواع الأمراض عن الذهاب إلى وحدات الرعاية الصحية الأساسية.
عمليات ولادة محفوفة بالمخاطر
وقد كان الحظ حليف زمونيا بيبي وطفلها المولود حديثاً إذ بقيا على قيد الحياة بعد ولادة الطفل في عملية قيصرية في مستشفى خاص في مدينة كويتا، عاصمة إقليم بلوشستان، جنوب غرب البلاد.
كان الطفل في وضع خاطئ في رحم أمه تطلب تدخلاًُ جراحياً على الفور. ولو بقيت زمونيا في قريتها التي تبعد حوالي 30 كيلومتراً إلى الجنوب من كويتا، لربما أصبحت وجنينها الآن في عداد الأموات.
وعن الظروف في قريتها قالت زمونيا، البالغة من العمر 22 عاماً: "لا يوجد طبيبة في قريتي، وقد نصحتنا ‘الداية’ [القابلة] أخيراً بالذهاب إلى المستشفى"، مضيفة أنه على الرغم من معاناتها لمدة يومين من آلام المخاض الشديدة، إلا أنها لم تتلق أية مساعدة طبية.
ولم تخضع زمونيا لمعاينة طبية أثناء فترة حملها أو بعد عملية الإجهاض التي عانت منها قبل 18 شهراً. ومثل معظم النساء الأخريات في هذا الإقليم، لا تتوقع أن ترى طبيباً أو طبيبة في المستقبل.
وأضافت قائلة: "لم تكن والدتي أصلاً تعلم بوجود طبيبات نساء"، فقد ولدت الأم زمونيا وإخوتها الستة في المنزل كما أنجبت طفلين ميتين.
ووفقاً لتقرير صادر عن وزارة الصحة عام 2006، تموت 500 أم لكل 100,000 حالة الولادة. أما في بلوشستان، فيصل هذا الرقم إلى 673 حالة وفاة وهو الأعلى بين أقاليم البلاد.
وتشير إحصائيات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إلى أن 39 بالمائة فقط من النساء في باكستان يلدن تحت إشراف قابلة ماهرة.
"الإحراج والخجل"
وفي السياق نفسه، قالت أزرا بيبي، البالغة من العمر 40 عاماً، التي تعيش في منطقة شبه ريفية خارج مدينة كويتا، وتعاني منذ سنوات من آلام في بطنها: "لن أناقش أبداً مشاكلي الصحية مع طبيب... حتى أنني لم أخبر زوجي بهذه المشاكل فمن المحرج الحديث عن مثل هذه الأمور الشخصية".
وكالكثير من النساء اللواتي يواجهن مثل هذه المشاكل الصحية، قالت أزرا أنها تستخدم أوراق الشجر والأعشاب لمعالجة الأمراض الشائعة. وأضافت قائلة: "الأدوية باهظة الثمن، ولا نستطيع شراءها في أي حال من الأحوال".
بدورها، أوضحت سيمين أحمد، وهي واحدة من عدد قليل من الطبيبات في كويتا، أنها قدمت الرعاية الصحية لنساء "احضرن إلى المستشفى وهن على مشارف الموت" بسبب عدم توفر الرعاية الطبية في مناطقهن.
وأضافت أن "معظم النساء لا يستطعن الوصول إلى الرعاية الصحية التي تقدمها عاملات صحيات بأي شكل من الأشكال" وأن "الكثير من النساء في المناطق الريفية يعشن حياتهن بأكملها دون رؤية واحدة منهن".
ولا يمنع النقص في عدد العاملات الصحيات النساء من اللجوء إلى الرعاية الطبية فحسب، بل الأطفال كذلك لأنه عادة ما تناط مهمة رعاية الأطفال بالأمهات.
وعن ذلك قالت أزرا: "لم يسبق لي أن عرضت أطفالي على طبيب، على الرغم من أنهم حصلوا على التطعيمات من فرق طبية زائرة...ولكن إذا توفرت لدينا طبيبة، أو حتى ممرضة، فإنني لن أمانع في أن يقمن بمعاينتهم".
kh/ed/cb-foa/dvh
