بالرغم من الارتفاع المفاجئ في أعمال العنف مؤخراً في مختلف أنحاء العراق إثر انسحاب القوات الأمريكية من المناطق الحضرية، إلا أنه يبدو أن أيام إقبال الشباب على ظاهرة الوشم للتعريف عن هويتهم في حال تعرضهم لموت رهيب وتشويه قد ولت.
وفي هذا السياق، قال عبده، أحد فناني الوشم في بغداد، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) شريطة التستر على اسمه مخافة تعرضه للأذى، أن "عدداً قليلاً فقط من الناس كانوا يرغبون بالحصول على الوشم التجميلي خلال الأعوام 2005 و2006 و2007 لأن الكثيرين كانوا يرغبون بدل ذلك في الحصول على علامات تميزهم وتساعد ذويهم على التعرف على جثتهم في حال العثور عليها مشوهة".
وقد اختلفت المعادلة اليوم حيث يلجأ عدد قليل من الرجال فقط إلى عبده قصد الحصول على وشم يميزهم لنفس الأسباب السابقة، مقابل العديد من الشباب الذين يقصدونه للحصول على الوشم التجميلي. ويتقاضى عبده ما بين 10 و200 دولار لوضع جميع أنواع الوشم كصور التنين والأفعى والنمر والصقر أو القلب.
ومع ذلك، يستمر عبده في البقاء بعيداً عن الأنظار مخافة تعرضه لهجوم من قبل المتطرفين الذين يرون أن طبيعة عمله حرام في الإسلام وأنها متمادية في التشبه بالغرب.
ويقول عبده، وهو مسيحي يبلغ من العمر 28 عاماً تعلم فن الوشم خلال وجوده كلاجئ في لبنان عام 2004، أن "نسبة الإقبال [على الوشم] مرتفعة، ولكن عملنا لا يزال يقتصر على الأصدقاء المقربين والأشخاص الذين نثق بهم". وقد قرر عبده بعد عودته إلى العراق عدم فتح محل وشم خاص به وفضل العمل من محل خياطة خاص بصديق له.
موجة العنف
ووفقاً لإحصائيات وزارة الداخلية، لقي حوالي 450 مدنياً عراقياً حتفهم في يونيو/حزيران، وهو ضعف عدد القتلى في الشهر السابق في ظل قيام المتمردين بتنفيذ سلسلة من التفجيرات في الأسواق والمساجد والأماكن العامة المزدحمة. وكانت أكثر الهجمات دموية الهجوم الذي وقع في 20 يونيو/حزيران حيث تم تفجير شاحنة ملغومة مما أودى بحياة 82 شخصاً قرب مسجد للشيعة في محافظة كركوك، على بعد حوالي 300 كلم شمال بغداد.
وكانت الموجة الأخيرة من أعمال العنف قد أثارت مخاوف بشأن قدرة القوات العراقية على حفظ الأمن إثر انسحاب القوات الأميركية في 30 يونيو/حزيران من المدن العراقية إلى قواعد نائية في إطار خطة انسحاب جميع القوات الأمريكية بحلول نهاية عام 2011.
ويتوقع مسؤولون عراقيون ومحللون أمنيون أن يواصل المتمردون ارتكاب اعتداءات عنيفة لإحراج الحكومة العراقية وقوات الأمن خاصة مع قرب الانتخابات المزمع عقدها في 30 يناير/كانون الثاني، حيث أفاد سعد علي، وهو محلل شؤون أمنية ببغداد سبق وخدم لمدة 30 سنة في الجيش العراقي السابق، أن "النزاعات بين الإيديولوجيات المختلفة وبين المتنافسين على السلطة السياسية لا تزال متأججة في البلاد ...ولن تهدأ الأوضاع إلا عندما يتم حل كل الأمور العالقة".
"