بدأ ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتقلص القدرة الشرائية للناس يزيد من انعدام الأمن الغذائي في مدن وحواضر باكستان التي تأوي حوالي 35 بالمائة من سكان البلاد الذين يفوق عددهم 160 مليون نسمة.
ووفقاً لتقرير سيصدر قريباً عن برنامج الأغذية العالمي، يفتقر حوالي 21 مليون شخص، من مجموع 56 مليون الذين يعيشون في المناطق الحضرية بباكستان، للأمن الغذائي.
كما تواجه حوالي 95 مقاطعة من أصل 121 مقاطعة في البلاد مشاكل انعدام الأمن الغذائي بما في ذلك سوء التغذية وعدم كفاية الغذاء والجوع والفقر، حسب الدراسة الجديدة.
وفي هذا الإطار، قال صاحب حق، مدير وحدة تحليل الاحتياجات ووضع الخرائط، والقائم على هذه الدراسة، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن الوضع ينذر بالخطر...فمع ازدياد نسبة التمدين، يبدو أن الأمن الغذائي سائر في التدهور".
نظرة على الوضع الغذائي بالأقاليم
وتكتسي هذه المشكلة خطورة خاصة في إقليم بلوشستان حيث تصنف حوالي 20 إلى 25 مقاطعة من المقاطعات الحضرية على أنها تعاني من انعدام كبير للأمن الغذائي.
أما في إقليم السند، فتوصف ستة من مجموع 17 مقاطعة حضرية على أنها تعاني من انعدام شديد للأمن الغذائي، أما في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي لباكستان، فتصنف خمسة من مجموع 20 مقاطعة فيه على أنها تعاني من انعدام حاد للأمن الغذائي.
كما أفاد تقرير برنامج الأغذية العالمي أن مجموع المنطقة القبلية الخاضعة للإدارة الفدرالية، حيث يصعب كسب القوت اليومي وتقل الأراضي الزراعية، أصبحت تعتبر الآن منطقة تفتقر للأمن الغذائي.
ويبقى إقليم البنجاب، الذي يأوي كثافة سكانية كبيرة ويعتمد على الأنشطة الزراعية بشكل كبير، الأفضل حالاً في البلاد. غير أن برنامج الأغذية العالمي يفيد أن هذا الإقليم يعاني من مشاكل الوصول إلى الغذاء، حيث لا تتمتع سوى تسع مقاطعات من بين مقاطعات الإقليم البالغ عددها 34 مقاطعة بنسب مقبولة من الأمن الغذائي.
انخفاض القدرة الشرائية
وأفاد حق من برنامج الأغذية العالمي أن "القدرة الشرائية منخفضة في العديد من المناطق... فحتى مع توفر الغذاء، يحول انخفاض القدرة الشرائية للناس دون تمكنهم من الحصول عليه". ففي 78 بالمائة من المقاطعات الحضرية بالإقليم، لا يتعدى دخل الفرد 100 دولار بالشهر، حسب التقرير.
وتأتي هذه الدراسة، بعد أخرى مشابهة لها صدرت في عام 2003 وركزت على تقييم الأمن الغذائي في المناطق الريفية. وكانت هذه الدراسة قد كشفت على أن 39 مليون شخص من سكان المناطق القروية بالبلاد يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وفي ظل انخفاض نسبة تملك الأراضي، لم يعد العمل في القطاع الزراعي يأتي أكله بالنسبة للعديد من الناس، مما دفعهم إلى مغادرة القرى باتجاه الحواضر بحثاً عن فرص عمل أفضل. وقال حق أن "بعضهم نجح في الحصول ولكن بمجرد أن ينتقلوا من المناطق الريفية إلى الحواضر فإنهم في العادة لا يعودون".
التحديات الكبرى
وفقاً للخبراء في مجال الغذاء، لا زالت الحكومة تحتاج إلى التخطيط بشكل ملائم لهذا الواقع، ليس لكمية الغذاء التي تحتاج لاستيرادها فحسب وإنما للبحث والخبرة لمعالجة المشكلة.
ومتحدثاً لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال أحد خبراء الغذاء، طالباً عدم الكشف عن هويته: "لا ينمو إنتاج الغذاء بموازاة النمو السكاني من جهة، ومن جهة أخرى فنحن لا نقوم بالتخطيط للواردات". وأضاف أن "الحكومة تقول أنها تزيد من الأراضي الزراعية ولكن البلاد لم تشهد أي تحسين للبنية التحتية للري".
ويقول تقرير برنامج الأغذية العالمي أن باكستان شهدت في السنوات الأخيرة عجزاً في إنتاج القمح باستثناء عامي 2006 و 2007 عندما تمكنت من حصاد محصول جيد بفضل تحسن الأحوال الجوية. كما حذرت الدراسة من أن العجز في إنتاج القمح، الذي يشكل العنصر الرئيسي في الاستهلاك الغذائي اليومي، سيؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي.
"