توعد منصور داد الله لدى خروجه من سجن بول الشرخي، في شهر مارس/آذار، بقتال حكومة الرئيس الأفغاني حامد كرزاي ببندقيتي كلاشينكوف والكثير من الكراهية.
وكانت الحكومة الأفغانية قد قايضت داد الله وأربعة سجناء آخرين من طالبان بدانيال ماستروجياكومو، الصحافي الإيطالي الذي كان قد تعرض للاختطاف على يد مقاتلي طالبان في إقليم هيلمند يوم 6 مارس/آذار.
وتم تعيين داد الله مؤخراً على رأس قوات طالبان كبديل لأخيه الراحل، ملا داد الله، الذي كان قائداً أعلى لقوات طالبان، ومقاتلاً شرساً بساق واحدة اشتهر بعدم تورعه عن قطع رأس أيٍ كان دون تمييز.
ويتولى منصور الآن قيادة مقاتلي طالبان جنوب أفغانستان حيث لقي الآلاف من الأشخاص بمن فيهم المدنيين حتفهم خلال العام 2007.
وأخبر أحمد الله، 23 عاماً، من إقليم هيلمند غير المستقر، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) بأن الوقوف في صف طالبان ضد حكومة حامد كرزاي الضعيفة وحلفائها الغربيين أصبح بالنسبة له أمراً غير قابل للنقاش.
وشرح السبب في ذلك قائلاً: لقد فقدت عائلتي في إحدى الهجمات الجوية على قريتنا في شهر أبريل/نيسان من هذا العام". وقد أعرب أحمد الله عن تذمره لعدم استجابة الحكومة لمطالب قبيلته بإجراء تحقيق في مقتل عائلته.
أما عبد البكري، 27 عاماً، والمقيم بمنطقة غيرشك بإقيلم هيلمند في الشمال، والذي لم يذهب أبداً إلى المدرسة، فقد أوضح السبب وراء قراره الانضمام إلى طالبان قائلاً: "هذه الحكومة حكومةُ فاسدة، تمتهن القمع وتسمح لنفسها بأن تكون لعبة في أيدي الأمريكيين. إن واجبي الإسلامي يحتم علي أن أقف في وجهها. وإذا كسبنا الحرب، فإننا سنقيم الحكم الإسلامي في البلاد أما إذا استشهدت فإنني سأنعم بالجنة".
ومن جهته، قال هاشم وطنوال، وهو عضو برلماني من إقليم أورزوغان، بأنه لا شك لديه في أن العديد من الناس، وخصوصاً البشتون في جنوب وغرب وشرق البلاد، لا يؤيدون حكومة كرزاي. وأضاف بأنه "لم يعد لدى الناس أي خيار آخر سوى الانضمام إلى طالبان". كما بيّن السبب الذي يدفع البشتون إلى التقرب من طالبان بقوله: "لقد ازدادت حياة الناس في أوروزغان سوءاً بعد تولي كرزاي، حيث انعدم الأمن وتفشى الفساد وغاب الإعمار وإعادة التأهيل وانتشر الفقر ولم يعد الناس يحصلون على أبسط الخدمات التي يحتاجونها".
الخوف
وكان المجتمع الدولي قد وعد مباشرة بعد سقوط طالبان عام 2001 بتقديم الدعم لإعادة إعمار وتأهيل أفغانستان. ويرى المحللون بأنه بالرغم من التقارير التي تفيد بصرف ما يزيد عن 10 مليار دولار من أموال المساعدات على البلاد منذ عام 2002، غير أن الحكومة الأفغانية ظلت عاجزة عن فرض سيطرتها على مناطق شاسعة من البلاد خصوصاً في الجنوب والشرق.
ففي غياب حكومة مركزية وإقليمية قوية للعمل على فرض تطبيق القوانين وحماية المدنيين من العصابات الإجرامية، وجد العديد من القرويين أنفسهم منقادين وراء مقاتلي طالبان الذين عادوا إلى الساحة. وعن ذلك قال أحد السكان المحليين في إقليم هيلمند حيث عاد المتمردون للعمل من جديد: "إذا تحدينا طالبان ولم ننصع لأوامرهم، لن نجد أحداً لحمايتنا من شر غضبهم". وتفيد التقارير بأن المقاتلين قاموا مرات عدة بقطع رؤوس من يشكون في موالاته للحكومة وتجسسه لصالحها.
دعاية فعّالة
وأخبر قاري يوسف أحمدي، الناطق المزعوم باسم قوات طالبان، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) على الهاتف بأن المسلمين في جميع أنحاء العالم يناصرون طالبان في جهادها ضد الغزاة الأمريكيين والبريطانيين في أفغانستان، حيث قال: "لقد أوصانا الله في القرآن بالقتال والتضحية بالنفس ضد الغزاة وأعوانهم".
تمكنت طالبان من خلط مختارات من الشريعة الإسلامية، والعادات الأفغانية والبشتونية، والسياسة لتحسين صورتها وتطوير دعاية أكثر فعالية من شعار "القلب والعقل" الذي يردده المسؤولون الأمريكيون |
وقالت شكرية بركزاي، وهي ناشطة في البرلمان الأفغاني بأن "طالبان قد تمكنت من خلط مختارات من الشريعة الإسلامية، والعادات الأفغانية والبشتونية، والسياسة لتحسين صورتها وتطوير دعاية أكثر فعالية من شعار "القلب والعقل" الذي يردده المسؤولون الأمريكيون".
سلطة طالبان
وتفيد التقارير الإعلامية بأن أكثر من 8,000 شخص قد لقوا حتفهم خلال الأشهر السبعة الماضية في المناطق التي يندلع فيها القتال بسبب عودة المتمردين، منهم 1,000 شخص من المدنيين.
وكانت الحكومة الأفغانية قد اعترفت بسيطرة طالبان على عدد من المناطق في أقاليم هيلمند وقندهار وأوروزغان وزابول وغازني. أما في باقي مناطق البلاد، فقد وسع المتمردون من حملاتهم عن طريق العمليات الانتحارية والاختطافات والدعاية.
واتهم مراقبو حقوق الإنسان والأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الأخرى قوات طالبان بارتكابها العديد من جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
ومن جهة أخرى، أدى انعدام الأمن وتصاعد العنف إلى فقدان العديد من الأفغان للأمل الذي كان يراودهم في أن يعم الأمن وتكتمل عملية إعادة البناء التي أعلن عنها في بون بألمانيا منذ ستة أعوام.
ويبقى السؤال الذي يردده العديد من الأفغان اليوم: ماذا سيحصل لو استعاد مقاتلو طالبان السلطة في البلاد؟
"