منذ ساعات الصباح الباكر وحتى مغيب الشمس لا يتوقف الدخان الأسود المتصاعد من مداخن مصانع الطوب في منطقة سورخ رود الواقعة في إقليم نانجارهار الشرقي في أفغانستان، حيث تضم المدينة حوالي 60 مصنعاً من هذا النوع تنتج معظم الطوب الأحمر الذي يستخدم في أعمال البناء في الإقليم المكتظ بالسكان.
وفي إحدى هذه المصانع يعمل راحة الله، 7 أعوام، مع والده وأخيه الأكبر حبيب الله، 12 عاماً، لأكثر من 12 ساعة في اليوم.
وقال الطفل الذي بدا جسده نحيلاً ومال لونه إلى السمرة الشديدة بسبب تعرضه المستمر لأشعة الشمس: أشعر بالغيظ عندما يوقظني والدي الساعة الرابعة فجراً كل يوم للذهاب إلى العمل. أشعر بألم مستمر في ظهري وقدماي، فساعات عملنا طويلة جداً وأشعر بالنعاس في كثير من الأحيان".
وبسبب انخراطهما في العمل، لم يذهب راحة الله وحبيب الله أبداً إلى المدرسة، ولكنهما عبرا عن رغبتهما بالالتحاق بمقاعد الدراسة كبقية الصبية، حيث قال الأخ الأصغر: "عندما أرى أولادً وبنات في نفس عمري يذهبون إلى المدرسة أرغب فعلاً في الانضمام إليهم، ولكننا فقراء وعلي أن أعمل".
يعمل أكثر من 5,000 طفل في نانجارهار
وتقول جمعية "أنقذوا الأطفال" ومقرها السويد أن ما يزيد عن5,000 طفل يعملون في مصانع الطوب في إقليم نانجارهار، حيث أشار حنيف الشنواري الذي يعمل لدى الجمعية في الإقليم بأن " هنالك ما بين 20-25 عائلة تقطن داخل المصانع ويعمل أطفالها مع ذويهم تحت ظروف قاسية".
وأضاف أن الأطفال يواجهون مخاطر عدة خلال العمل ويتعرض بعضهم لإصابات مثل كسور في العظم وغيرها.
الفقر
وينظر إلى الفقر على أنه السبب الرئيس الذي يدفع الآباء إلى إرسال أبنائهم للعمل. فعبد محمد الذي يعمل هو الآخر في أحد المصانع مع ابنتيه شانو، 8 أعوام، ومينو، 10 أعوام يرى أنه من المستحيل أن يتمكن من توفير القوت لعائلته المكونة من ثمانية أفراد دون مساعدة الطفلتين.
وقال محمد: "حتى لو عملت لعشرين ساعة في اليوم، لن أحصل على أكثر من 200 أفغاني [حوالي 4 دولارات] وهي غير كافية لسد حاجاتنا الأساسية، لذا لا يوجد خيار أمامي سوى طلب المساعدة من ابنتاي وأنا لا أشعر بالرضا حيال ذلك".
ميثاق الأمم المتحدة
وقالت مفوضية حقوق الإنسان المستقلة في أفغانستان بأن الدولة وقعت على ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الطفل وغيرها من الاتفاقيات التي تحظر عمل الأطفال ولكن هنالك غياب للآليات المؤسسية التي تترجم الالتزامات الرسمية إلى أفعال مناسبة.
وقال نجيب الله، مفوض حقوق الطفل في مفوضية حقوق الإنسان المستقلة في أفغانستان: "هنالك أيضاً جهلٌ مستشرٍ حول حقوق الطفل يزيد من تفاقمه غياب القدرة على فرض القانون".
وفي محاولة للتخفيف من معاناة هؤلاء الأطفال، تدرس منظمة اليونسيف فكرة إنشاء مدارس بالقرب من مصانع الطوب في سورخ رود.
وحول ذلك قال سعيد محمد سعيد، مدير مكتب اليونسيف في نانجارهار: "من الجلي أن اليونسيف لا تستطيع وحدها حل جميع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها الآباء الذين يرسلون أبناءهم للعمل في مصانع الطوب ولكن لدينا خطط لبناء مدارس في سورخ رود ومناطق أخرى لتسهيل حصول هؤلاء الأطفال على خدمات التعليم".
"