1. الرئيسية
  2. Middle East and North Africa
  3. Iraq

العراق: مر عام والنزوح ما يزال مستمراً

Walid, a 46-year-old handyman from Bartella, a small town on the outskirts of Mosul. He lives in Harshm IDP camp in Erbil, Kurdistan. Pictured here with his two sons and four daughters. Other family members live nearby in the camp. The family is Shia Shab Florian Neuhof / IRIN
أخذ بشار البالغ من العمر 46 عاماً نفساً من سيجارته وهو يفكر في الرد على السؤال، ثم قال نعم، الحياة في المخيم أسهل الآن بعد استبدال الخيام بكبائن.

وهذا يعني قدراً من الراحة، على الأقل بالنسبة لنحو 300 أسرة (حوالي 1,800 شخص) يعيشون في مخيم هرشم، وهو رقعة متربة من الأراضي الزراعية في ضواحي أربيل، عاصمة إقليم كردستان المتمتع بحكم شبه ذاتي في العراق.

ولكن على الرغم من تحسن الظروف المعيشية، لا تزال مشاكل عديدة تواجه هذا الشرطي القادم من الموصل، الذي فر من المدينة عندما توغلت الجماعة التي تطلق على نفسها اسم تنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة قبل عام واحد - في شهر يونيو الماضي.

اقرأ أيضاً: بعد مرور عام على سقوط الموصل: تفاقم أزمة النزوح في العراق

يكافح بشار، هو واحد من ما يقرب من ثلاثة ملايين عراقي نزحوا من ديارهم في الأشهر الـ18 الماضية، من أجل إعالة زوجته الشابة وأطفاله الثلاثة. اعتاد بشار على الحصول على دخل منتظم، ولكنه الآن يعتمد على المنح النقدية المقدمة من برنامج الأغذية العالمي الذي يخصص 19,000 دينار عراقي (16 دولاراً) لكل فرد من أفراد الأسرة كل شهر.

كما يوفر مخيم هرشم، الذي يتكون سكانه بشكل رئيسي من النازحين من الموصل والقرى المحيطة بها، تعليماً بدائياً ودورات تدريبية ورعاية طبية أولية. فالمخيم يعاني دائماً من نقص التمويل والمنظمات الإنسانية التي توفر مواد الإغاثة ليست قادرة على تلبية جميع الاحتياجات.

اقرأ أيضاً: خفض المساعدات المقدمة للعراق بسبب نقص التمويل

لا أحد يعرف هذا أفضل من بشار وزوجته صبرة البالغة من العمر 27 عاماً، إذ تعاني ابنتهما هديل البالغة من العمر سبع سنوات من الصرع، ومنذ وصولهما إلى المخيم، لم يتمكنا من تحمل نفقات علاجها.

"لقد أصبحت نوبات الصرع أكثر تواتراً، وحتى سلوكها أصبح أكثر اضطراباً بكثير الآن،" كما قال بشار في حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين). وأضافت صبرة وحزن الأم القلقة يكسو وجهها: "إن حالتها العقلية تتدهور".

مستهدفون من قبل تنظيم الدولة الإسلامية

وعلى الرغم من أن بشار مسلم سني مثل تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أنه يقول أنه كان عضواً في الحزب الديمقراطي الكردستاني، ونظراً لخوفه من أن يجعله هذا هدفاً للمتشددين، فر مع أسرته من الموصل بمجرد وصول تنظيم الدولة الإسلامية.

في البداية، أقاموا في بيت أحد الأقارب في أربيل، وبعد ذلك استأجروا غرفة في فندق. ولكن بعد فترة قصيرة، نفدت أموالهم ولم يعودوا قادرين على تحمل الإيجار، ولا مبلغ الـ 150,000 دينار عراقي [130 دولاراً] اللازم لشراء أدوية ابنتهما كل شهر.

وإذا ألقيت نظرة على مخيم هرشم ستجد أن محنة هذه الأسرة قد تكررت مرات عديدة. وفي الشهرين الأولين بعد سقوط الموصل، فر 730,000 شخص من المدينة والمناطق المحيطة بها، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة.

اقرأ أيضاً: كيف وصل العراق إلى هنا؟

وصلت الأسرة بعد موجة الهجرة السابقة من محافظة الأنبار في غرب البلاد وسبقت عدة موجات أخرى رفعت العدد الإجمالي للنازحين في مختلف أنحاء البلاد، وفقاً لأحدث احصاء، إلى ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص.

ويعيش الكثيرون منهم في مخيمات مثل هرشم، ولكن لا تزال أعداد غفيرة تقيم في مستوطنات غير رسمية. ويتعرض النازحون لشتاء بارد وصيف قائظ، وليست لديهم سوى فرص محدودة للحصول على الرعاية الصحية والتعليم.

وتجدر الإشارة إلى أن الشكوى الأكثر شيوعاً بين النازحين في العاصمة الكردية، وخاصة أولئك الذين ابتعدوا عن ديارهم لمدة عام أو أكثر، هي الصعوبة البالغة في العثور على عمل وكسب أي أموال.

وبحسب تقارير المنظمة الدولية للهجرة، استقبل إقليم كردستان 1.9 مليون نازح داخلياً، بالإضافة إلى 240,000 لاجئ سوري يستضيفهم بالفعل.

الضغوط الاقتصادية

وكان الاقتصاد المحلي يتباطأ بالفعل بسبب النزاع على الميزانية مع الحكومة المركزية في بغداد عندما دشن تنظيم الدولة الإسلامية توغله وبدأ النزوح الجماعي. ولم تكن المعركة ضد هذه الجماعة المتمردة رخيصة بالنسبة لحكومة إقليم كردستان، كما كان لتدفق الناس الذين يحتاجون إلى خدمات ويغرقون سوق العمل تأثير سلبي.

اقرأ أيضاً: إقليم كردستان العراق على حافة الانهيار

"في الماضي، كان الناس يحصلون على 50,000 دينار عراقي [42 دولاراً] مقابل العمل ليوم واحد. أما الآن، فإنهم سيكونون سعداء إذا وجدوا عملاً مقابل 15,000 دينار عراقي [12.60 دولاراً]،" كما أفاد وليد المقيم في مخيم هرشم، وهو عامل ماهر يبلغ من العمر 46 عاماً ويأتي من ناحية برطلة، وهي بلدة صغيرة على مشارف الموصل.

يتقاسم وليد مقطورة مع زوجته وولدين وأربع بنات. وقد تم ترتيب كبائن أخرى قريبة ضمن مجموعة كبائن لاستيعاب أسر ابنته وولديه المتزوجين.
ووليد مسلم شيعي ينتمي إلى طائفة الشبك، وهي مجموعة عرقية دينية صغيرة من سهول نينوى، في القرى التي تقع شرق الموصل، لكن تنظيم الدولة الإسلامية، الذي يدعو إلى تفسير متشدد للإسلام السني، لا يتسامح على الإطلاق مع أتباع الديانات الأخرى، ويعتبر الشيعة على وجه الخصوص من المرتدين عن الإسلام. نتيجة لذلك، قررت الأسرة الهرب بسرعة عندما اقترب التنظيم من بلدتهم في شهر يونيو الماضي.

في البداية، استأجروا غرفتين مع 20 شخصاً آخرين، ولكن بعد وقت قصير لم يعودوا قادرين على تحمل الإيجار الشهري البالغ 35,000 دينار عراقي [300 دولار]، فانتقلوا إلى مخيم هرشم في شهر أغسطس الماضي.

ولا يزال المال يمثل مشكلة. ويقول وليد أنه إذا أسعد الحظ ولداه فإنهما يحصلان على عمل ليوم واحد في الأسبوع. وفي كثير من الأحيان، لا يحصلون على شيء. ومثل العديد من سكان المخيم، يتوجهان كل صباح إلى السوق في وسط أربيل للانضمام إلى العشرات من الرجال الآخرين الذين يحاولون الحصول على عمل يدوي.

يدفع الشقيقان 3,000 دينار عراقي [2.50 دولاراً] لتقاسم سيارة أجرة في الذهاب أو الإياب، ولذلك فإنهما في كل يوم يفشلان في العثور على عمل يتكبدان خسارة صافية.

وقد حولت القيود المالية التي تعاني منها الأسرة في الآونة الأخيرة ما كان من المفترض أن يصبح مناسبة سعيدة إلى أمر يدعو للقلق.

ديون الرعاية الصحية

فعندما أنجبت وفاء ابنة وليد مولودها الشهر الماضي، كانت بحاجة إلى عملية قيصرية، لكن المستشفى العام الذي ذهبوا إليه لم يتمكن من إجرائها، وبالتالي، تم نقل السيدة البالغة من العمر 24 عاماً إلى عيادة خاصة تقاضت منهم 800,000 دينار عراقي [670 دولاراً] لإجراء العملية.

واضطرت الأسرة إلى الإسراع باقتراض المال من الأصدقاء والأقارب، وأصبح هذا الدين الإضافي الآن يشكل عبئاً كبيراً فضلاً عن مشاكلهم المالية الحالية.

"لقد انتهى كل ما عملنا من أجله طوال هذه السنوات، ولم يعد لدينا شيء هنا،" كما أفاد وليد بنبرة تعكس اليأس الذي يشعر به العديد من النازحين في هذا المخيم.

وإدراكاً للأثر النفسي لهذه الخسارة، قامت وكالة التعاون التقني والتطوير (أكتيد)، وهي المنظمة غير الحكومية الفرنسية التي تدير مخيم هرشم بالنيابة عن الحكومة المحلية، بتنظيم دورات لتعليم المهارات تتراوح بين الحياكة ومحو الأمية في مجال تكنولوجيا المعلومات.

وقد تم تصميم هذه البرامج لخدمة وظيفة مزدوجة وهي رفع الروح المعنوية وتحسين فرص الحصول على عمل، ولكن سوق العمل متشبع بشكل كبير وحتى بعد اكتساب المهارات الجديدة، لا يستطيع سوى أشخاص قلائل العثور على عمل منتظم أو بأجر جيد.

ونظراً لصعوبة العثور على وظائف، فقد قرر البعض تولي زمام الأمور بأنفسهم.

لقد انتهى كل ما عملنا من أجله طوال هذه السنوات، ولم يعد لدينا شيء هنا
فر عبد الجبار، وهو مسيحي من قرية قرقوش قرب الموصل، مع عائلته الكبيرة في شهر يونيو الماضي، وأقام كشكاً لبيع الفواكه والخضار في عينكاوة، وهو الحي المسيحي في المدينة. فقد وصل الرجل البالغ من العمر 46 عاماً إلى أربيل مفلساً تقريباً، ولكن شقيقه الذي يعيش في السويد أرسل إليه 1,500 دولار [1.79 مليون دينار عراقي]، واستخدم عبد الجبار المبلغ كرأس مال لبدء مشروعه التجاري.

وقال عن الفجوة التي لمحها في السوق: "عندما جئنا إلى هنا، كانت جميع المحلات تبيع الخضار بأسعار باهظة. نحن لسنا مضطرين لدفع إيجار، ولذلك يمكننا الإبقاء على الأسعار منخفضة، والناس يأتون إلينا".

كان عبد الجبار مزارعاً يربي الماشية وتلقى تدريباً في البداية لكي يصبح كاهناً. وليس لدى عبد الجبار أبناء لأنه لم يتزوج ولذلك يساعده أبناء أخيه في العمل بالكشك. ولا يدر هذا العمل دخلاً كبيراً، كما يقول، ولكنه يكفي لتوفير الاحتياجات الأساسية لـ42 فرداً في عائلته الممتدة.

أسر مقسمة

وأحياناً تؤثر عواقب غزو تنظيم الدولة الإسلامية للموصل على الذين فروا بطرق شخصية أكثر من ظروف المعيشة والمشاكل المالية.

أتم حسن البالغ من العمر 21 عاماً خطبته قبل أسبوع واحد من اجتياح المسلحين للمدينة. وبعد شهرين، هرب مع والدته وشقيقته للانضمام إلى والده، جابر، في أربيل. ولكنه اضطر لترك خطيبته. ويحاول حسن جاهداً إحضارها لتنضم إليه في هرشم، ولكن حتى الآن استحال إخراجها من الموصل. ويقول أنهما لا يزالان على اتصال منتظم ببعضهما البعض، وأنها تشكو بمرارة من الأوضاع المعيشية في المدينة.

إن وضعنا يشبه تماماً وضع شخص مريض. سوف أتناول دوائي، وإن شاء الله سوف تتحسن حالتي
وفي بعض الأحيان، يتمكن جابر من التحدث مع بناته الثلاث الكبار اللاتي بقين أيضاً في الموصل. ولكن معظم الأخبار القادمة من المدينة كئيبة: فقد انهار الاقتصاد ويقول السكان أن تنظيم الدولة الإسلامية غير قادر على جلب امدادات كافية لإطعام الناس.

ويتم فرض ضرائب باهظة على أي دخل، والقوانين الجديدة الصارمة تهدد بفرض عقوبات قاسية حتى على الجنح الصغيرة.

"عندما أسمع هذه الأشياء أُصاب بحزن شديد، ولكن ليس هناك شيء يمكنني القيام به حيال ذلك،" كما قال جابر. ومثل العديد من النازحين الآخرين، لا يزال يأمل في أن يتمكن من العودة في وقت قريب.

وأضاف: "إن وضعنا يشبه تماماً وضع شخص مريض. سوف أتناول دوائي، وإن شاء الله سوف تتحسن حالتي".

اقرأ أيضاً: كيف نزح 2.9 مليون عراقي في 18 شهراً


fn/lr/ag-ais/dvh"
Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join