1. الرئيسية
  2. East Africa
  3. South Sudan

الخوف والصدمة يمنعان من العودة إلى ديارهم في جنوب السودان

A girl who has waded through mud to reach a shop in the IDP camp at the UN base in Malakal, South Sudan Stephen Graham/IRIN
يتجاهل المدنيون النازحون بسبب القتال الوحشي في جنوب السودان دعوات المسؤولين الحكوميين للعودة إلى ديارهم، ويفضلون السلامة التي توفرها قواعد الأمم المتحدة المزرية على المخاطر المتمثلة في احتمال اندلاع الصراع مرة أخرى في البلدات التي دُمرت بالفعل جراء الصراع الذي استمر لمدة ستة أشهر.

وفي خضم عملية إنسانية ضخمة، كانت وكالات الإغاثة تأمل في أن يسمح وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه في شهر مايو الماضي، لبعض السكان بالعودة وزرع المحاصيل قبل أن يبدأ موسم الأمطار الغزيرة، وبالتالي تقليل احتمال حدوث مجاعة في الأشهر المقبلة.

لكن التوتر لا يزال شديداً، وتشير المقابلات التي أجريت مع النازحين داخلياً قرب بلدة ملكال في شمال البلاد، وكذلك في العاصمة جوبا، إلى أن محادثات السلام البطيئة المنعقدة في دولة إثيوبيا المجاورة يجب أن تسفر عن نتائج ملموسة قبل أن يفكر المدنيون في العودة بشكل جماعي.

"إذا تم توقيع اتفاق سلام، وعاد المتمردون حقاً من حيث أتوا، قد نعود إلى ملكال، ولكن ليس قبل ذلك. يمكن أن أُقتل هناك،" كما أفاد بونغجاك تشول، الذي يبلغ من العمر 39 عاماً ويعمل كحارس في خدمة الحياة البرية في جنوب السودان.

وتجدر الإشار إلى أن السكان المدنيين هجروا ملكال والعديد من البلدات الأخرى في أعقاب صراع على السلطة داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان (SPLM) الحاكمة تحول فيما بعد إلى قتال عنيف بدأ في جوبا في شهر ديسمبر الماضي، ثم اجتاح شمال وشرق البلاد.

وقد أدى الصراع إلى انقسام الجيش وقتال بين الموالين للرئيس سلفا كير وأنصار نائبه السابق رياك مشار. وتلاحق القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة على حد سواء اتهامات بقتل المدنيين على أساس انتمائهم العرقي. ينتمي كير إلى قبيلة الدينكا، بينما ينتمي مشار إلى عرقية النوير.

وقد لقي آلاف الناس مصرعهم وأُجبر حوالي 1.5 مليون شخص على النزوح من ديارهم، مما أدى إلى شلل الخدمات الحكومية والنشاط الاقتصادي في معظم أنحاء أحدث بلد في العالم. وهناك حوالي 4 ملايين شخص بحاجة ماسة للمساعدة الإنسانية.

وفي حين عبر حوالي 400,000 شخص الحدود إلى بلدان إثيوبيا والسودان وأوغندا وكينيا المجاورة، يوجد ما يقدر بمليون نازح داخل جنوب السودان، من بينهم حوالي 90,000 يحتمون في قواعد بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (UNMISS)، التي تعرف الآن باسم مواقع حماية المدنيين (PoC).

وأصبح تشول واحداً من 18,000 مدني يكتظ بهم موقع حماية المدنيين في ملكال، حيث يسعى مسؤولو الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة جاهدين لتحسين الظروف المعيشية الوخيمة.

وتتراص ملاجئ مؤقتة مصنوعة من العصي والأغطية البلاستيكية معاً على جانبي طريق الدخول الرئيسي، وشبكة الصرف الصحي سيئة لدرجة أن الماء والطين يحيطان بالعديد من الأكواخ ويرتفعان في بعض الأماكن فوق مستوى الركبة، حتى قبل أن تبدأ الأمطار الغزيرة.
ويلعب الأطفال على طول الطريق بين أكوام القمامة والأسلاك الشائكة، بينما تتحرك الشاحنات التي تحمل التراب من الموقع إلى المخيم الجديد المزمع انشاؤه بصعوبة في المسافة الضيقة بين صفوف المقاهي وأكشاك الطعام. ويحوم الذباب الطنان حول الكلاب والقطط الميتة، ورائحة الفضلات البشرية حاضرة دائماً.

وقال بيتر غوني البالغ من العمر 52 عاماً وهو أحد زعماء قبيلة النوير: "لا يمكن أن يكون أحد سعيداً هنا بين الماء والتراب. إنهم ينتظرون فقط تحقيق السلام بين الحكومة والمعارضة. ولكن لا يوجد سلام".

وعلى الجهة الجنوبية من القاعدة، والتي تقع على بعد بضعة أميال (كيلومترات) إلى الشمال من البلدة، تقوم الجرافات بتسوية مساحة ضخمة سيتم نقل معظم النازحين إليها في الأشهر المقبلة. وقد بدأ النازحون ينتقلون إلى العشرات من الخيام البيضاء النظيفة التي أقيمت في القسم الأول. كما قامت منظمات الإغاثة ببناء نقاط مياه ومراحيض، وتعمل قوات الأمم المتحدة على حراسة محيط المخيم، الذي تمت إحاطته بالسواتر الترابية والأسلاك الشائكة.

ووصفت نياميت نييبونغ، وهي جدة تقول أنها شهدت مقتل ابن أختها وأختها أثناء القتال، المنشأة الجديدة بأنها تحسن كبير.

"كان الناس يصابون بالمرض وينامون على الأرض الرطبة. أما هنا، فيوجد متسع وبعض الرياح التي تمكنني من التنفس،" كما أخبرت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، وهي تجلس على كرسي منخفض خارج خيمة جديدة تتقاسمها مع زوجتي أخويها وغيرهما من الأقارب. لكنها قالت أنها تشعر بإحباط بسبب خمولها القسري.

وأضافت قائلة: "في القرية، كنا نزرع الذرة والفاصوليا في هذا الوقت. أما هنا، فإننا نجلس من الصباح حتى الليل دون عمل، ولا نعرف ما إذا كان هذا الوضع سيتحسن".

وقد أقنعت الصعوبات الكائنة في القاعدة بعض الناجين بالبحث عن ملاذ آمن في مكان آخر.

وعبر نهر النيل الأبيض القريب، ذهب 60,000 شخص إلى قرية الصيد واو شيلوك، وانتشرت المستوطنات العشوائية على ضفاف النهر الواسع، وتحول حقل خلفها إلى موقع شاسع للتغوط في العراء.

وقال توماس أمون، وهو صاحب متجر يبلغ من العمر 33 عاماً، أن اثنين من أقاربه قُتلا لرفضهما تسليم الأموال والهواتف لمقاتلي المعارضة الذين اقتحموا ملكال في شهر ديسمبر. وكان أمون وعائلته من بين الآلاف الذين لجؤوا إلى مستشفى ملكال التعليمي.

"جاء مسلحون للبحث عن أعدائهم هناك. وكانوا يعدمون الناس بشكل عشوائي،" كما أفاد.

وعندما استعادت القوات الحكومية السيطرة على البلدة، التي تبادل الطرفان السيطرة عليها مراراً وتكراراً، أحضر أمون عائلته على متن قارب إلى واو شيلوك، بدلاً من التوجه إلى موقع حماية المدنيين. وقد أعاره بعض أصدقائه بقرة وباع لحمها لجمع الأموال اللازمة لإعادة فتح متجره.

وأفاد أمون أنه يكسب ما يكفي لشراء الطعام لأسرته، ولكنه غير متأكد من أنه سيعود إلى ملكال على الإطلاق. وقال في حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "رأيت الكثير من الأشياء هناك التي كانت سيئة للغاية بالنسبة لي، ولا أريد أن أعود حتى أتمكن من إخراجها من ذهني".

والجدير بالذكر أن ملكال كانت مركزاً إقليمياً مهماً قبل اندلاع القتال بها في الأونة الأخيرة، فهي عاصمة ولاية أعالي النيل وكانت موطناً لكثير من المكاتب الحكومية. كما كانت محوراً مهماً للتجار الذين يجلبون البضائع على ضفاف النيل الأبيض أو من دولة السودان المجاورة.

وعندما قمت كمراسل بجولة في البلدة، كانت الشوارع مهجورة إلى حد كبير. وكان عدد قليل من المتاجر الصغيرة يقدم الشاي والوجبات الخفيفة للجنود وعدد قليل من موظفي الخدمة المدنية الذين تلقوا أوامر بالعودة إلى العمل. وكان بعض الأشخاص الذين يعيشون في قاعدة بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان يتفقدون منازلهم - أو منازل جيرانهم - بحثاً عن أي شيء لم يتعرض للنهب. كما تم إحراق العديد من المنازل والمحال التجارية تماماً.

وكان الوجود البشري الأكثر وضوحاً هو مجموعة من 26 أسرة كانت قد وصلت قبل ثلاثة أيام سيراً على الأقدام وأقامت في مدرسة البعثة التي تعرضت للنهب. ويلعب الأطفال في ساحة المدرسة بين أكوام من الكتب المدرسية المتناثرة. ويوجد حطام متفحم لخمس سيارات في مجمع مجاور.

من جانبه، قال بيتر بول، وهو مزارع يبلغ من العمر 34 عاماً، أن المتمردين الذين أجبروا على الانسحاب من ملكال يغيرون على قريته والقرى المجاورة التابعة لقبيلة الدينكا في مقاطعة بانييكانغ.

وقال: "إذا لم تعطهم ما يريدون، فإنهم يهددونك. وقد كانت هناك حالات اغتصاب وضرب".

وأضاف بول، الذي فقد مخزونه من الذرة والذرة الرفيعة و30 رأس ماشية، أنه قاد مجموعة إلى ملكال على أمل العثور على المساعدة، وأن القوات الحكومية نصحته بعدم الذهاب إلى القاعدة بسبب الظروف المروعة هناك.

مع ذلك، لا تزال قواعد بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان نقطة جذب للمدنيين الخائفين في سلسلة من البلدات الأخرى، بما في ذلك جوبا.

وفي سياق متصل، عاد ما يشبه الحياة الطبيعية في العاصمة، حيث تكتظ مركبات الدفع الرباعي في الشوارع المتربة. مع ذلك، لا تزال أحياء سكنية عديدة بلا سكان من عرقية النوير. ويزدحم جزء من مجمع الأمم المتحدة الذي يقع بجوار المطار بالآلاف من المفقودين، في حين فر آخرون إلى خارج البلاد. وقد قام العديد من المواطنين الأكثر ثراءً من جميع الأعراق بإجلاء أطفالهم إلى البلدان المجاورة.

وفي أوائل شهر يونيو، شاهد الصحفي النازحين من مجمع الأمم المتحدة يحمّلون حقائب وصناديق مربوطة بحبال على حافلتين صغيرتين ستنقلانهم إلى كاكوما، وهو مخيم للاجئين داخل الحدود الكينية.

وقالت ماري نيالاوك، التي تبلغ من العمر 48 عاماً، أنها أمضت بالفعل خمس سنوات في كاكوما خلال الحرب الأهلية في السودان، التي أدت في نهاية المطاف إلى حصول الجنوب على الاستقلال في عام 2011.

وقالت نيالاوك قبل الصعود إلى الحافلة: "جئت للعيش في جوبا لأنها كانت عاصمة دولتنا الجديدة. والآن أنا ذاهبة إلى كاكوما لأن الحكومة تعادي قبيلتي. إنهم يقتلوننا، ويقتلون الأطفال أيضاً، ولم يعد البقاء هنا آمناً".
وأكدت أن 23 من أقاربها قتلوا في جوبا في ديسمبر الماضي، وقد قطعت رؤوس بعضهم. وقالت أن الباقين على قيد الحياة من أفراد الأسرة ذهبوا بالفعل إلى كاكوما.

وعلى الصعيد السياسي، تقود منظمة الإيغاد الضغوط الدولية على قادة جنوب السودان لإنهاء الحرب. وقد وقع كير ومشار على اتفاق وقف إطلاق النار يوم 9 مايو تحت رعاية هذا التجمع الإقليمي، ووعدا باتخاذ "قرارات جريئة" لتحقيق السلام والمصالحة، بما في ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية.

مع ذلك، استمر القتال في عدة مواقع ولم يحدث أي تقدم سياسي ملموس. ومن غير الواضح متى تخطط الإيغاد بالضبط لنشر قوة الحماية الإقليمية والردع المكلفة بحماية المراقبين العسكريين التابعين للمنظمة.

من جهته، شكا رئيس الوزراء الإثيوبي هيلي ماريام ديسالين خلال مؤتمر قمة إقليمي حضره كير ومشار في أديس أبابا في 10 يونيو من أن "هناك اتجاه متزايد لمواصلة الحرب".

sg/am-ais/dvh

This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join