من جهته، قال مايكل بيترز، وهو رئيس فريق البحث المعني بالمحاصيل العلفية في مركز الأبحاث الياباني الدولي للعلوم الزراعية، ومقره كولومبيا، أن هذه الآلية معروفة باسم آلية "مثبطات النترتة الحيوية". والجدير بالذكر أن مركز الأبحاث الياباني الدولي للعلوم الزراعية هو عضو في تحالف المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية (CGIAR).
وقد أخبر بيترز شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن العشب ينتمي إلى سلالة البراكيارا التي توجد عادة في شرق ووسط أفريقيا، منشأها الأصلي في المنطقة. وتنتج الحيوانات التي تتغذى على هذا العشب كميات أعلى من الحليب كما أن السماد الحيواني الناتج عنها يتسبب في انبعاث كميات أقل من أكسيد النيتروز.
وقد وجد علماء المركز الياباني أيضاً أن محصول الذرة الذي يتبع زراعة نوع معين من عشب البراكيارا ينتج غلة لا بأس بها في حين أنه يستخدم نصف الكمية المعتادة فقط من الأسمدة النيتروجينية، وذلك لبقاء نسبة أكبر من النيتروجين في التربة، مما يقلل بالتالي من انبعاثات أكسيد النيتروز ورشح النترات. ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، يتسبب قطاع الثروة الحيوانية في 65 بالمائة من انبعاثات أكسيد النيتروز.
وبالنسبة للدرجة التي يمكن أن يقلل بها عشب البراكيارا الانبعاثات في حالة المحاصيل والماشية " فتعتمد ... على الأسمدة المستخدمة"، لكن "مثبطات النترتة الحيوية تؤدي إلى الحد من النترتة وخفض انبعاثات أكسيد النيتروز بنسبة من 30 إلى 50 بالمائة في المراعي، " كما أفاد بيترز.
البدايات الصغيرة
وقال بيترز أن "عملنا على مثبطات النترتة الحيوية بدأ بالرصد الميداني الذي قام به أحد علمائنا في الثمانينيات - وحينها لم يكن الأمر أكثر من مجرد حلم. ولكن أصبح للحلم الآن خطة عمل وبات يستند إلى إنجازات علمية ملموسة."
ولا توجد بيانات حتى الآن حول واقعة محددة لخفض انبعاثات أكسيد النيتروز المتحقق من خلال زراعة العشب قبل محاصيل مثل الذرة. وتشكل نماذج أبحاث مثبطات النترتة الحيوية جزء من مبادرة أكبر يشار إليها بلايف ستوكبلس LivestockPlus تهدف إلى توفير منافع كبيرة للفقراء والبيئة من خلال البحوث المبتكرة عن الأعشاب والبقوليات العلفية الاستوائية.
وقد أظهرت أبحاث أخرى أن عشب البراكيارا عميق الجذور ومثمر ويمكنه التقاط غاز الكربون في الغلاف الجوي على نطاق مماثل للغابات الاستوائية، ولذلك يمكنه أن يكون إضافة ايجابية في مجال التخفيف من حدة تغير المناخ.
وأوضح بيترز قائلاً: " يوفر إنتاج المواشي سبل العيش لمليار شخص، ولكنه يسهم أيضاً بما يقرب من نصف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناجمة عن الأنشطة الزراعية. وآلية مثبطات النترتة الحيوية هي تقنية نادرة وثلاثية المنافع فهي مفيدة لتحسين سبل العيش في الريف فضلاً عن منافعها بالنسبة للبيئة والمناخ على المستوى العالمي. كما أنها تتصدى للمفهوم المنتشر على نطاق واسع بأن الثروة الحيوانية تعتبر من الخسائر عند حساب تقديرات الأمن الغذائي والبيئة.
التخفيف من الآثار في البلدان المهمة
وعلى الرغم من أن المنشأ الأصلي لأعشاب البراكيارا هو أفريقيا، إلا أنها تُزرع حالياً وعلى نطاق واسع في أمريكا الجنوبية. وقد صرح بيترز لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه قد تم جلب السلالات التي ينتجها المركز الياباني إلى أفريقيا ولكنها تغطي حالياً ما لا يزيد عن 10,000 هكتار وتشمل بضعة آلاف فقط من المزارعين.
والجدير بالملاحظة أن إفريقيا تتسبب بنسبة ضئيلة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بما في ذلك تلك الناجمة عن القطاع الزراعي، في حين تعد البلدان المتقدمة مثل الولايات المتحدة والاقتصادات الناشئة في آسيا، حيث تُمارس الأنشطة الزراعية على نطاق أكبر بكثير، هي المسؤولة عن نسبة أكبر بكثير من الانبعاثات.
وقال بيترز أن عشب البراكيارا يتمتع بإمكانات تكيف جيدة في نطاق واسع ومتعدد من البيئات، طالما أنها بيئات استوائية. وأضاف أن "هذا يمكن أن يتضمن جنوب الولايات المتحدة وأجزاء كثيرة من آسيا الاستوائية. وبوجه عام، تعتبر إدارة عشب البراكيارا أمراً سهلاً إلا أن تحسين الإدارة يحسن الأداء. فهي أعشاب مراعي جيدة وبالتالي تنتشر بسهولة".
وقد دأب علماء بارزون آخرون مثل بيترز ثورنتون من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية على الدعوة لوضع لوائح من أجل تحسين إدارة المخلفات الحيوانية في العالم النامي، وهو ما يمكنه أن يقلل من انبعاثات أكسيد النيتروز.
jk/he-mez/dvh
"