ففي أغسطس 2013، عين الرئيس ماهيندا راجاباكسا لجنة رئاسية خاصة تتكون من ثلاثة أعضاء للتحقيق في اختفاء المفقودين خلال زمن الحرب. وفي يوليو 2014، عضد هذه اللجنة بتشكيل فريق خبراء دولي يتكون من خمسة أعضاء لتوجيه هذه العملية. وفي أغسطس 2014، وافق على تمديد ولاية اللجنة والفريق لمدة ستة أشهر تنتهي في فبراير 2015.
ومن المتوقع أن تقوم اللجنة، التي تلقت حتى الآن أكثر من 20,000 شكوى عن حالات اختفاء، بتقديم تقريرها في عام 2015 الذي سيشمل عدد المفقودين وتوصيات بالإجراءات الواجب اتخاذها، ولكن الحكومة التزمت الصمت تاريخياً بشأن خطتها للتصرف بناءً على هذه المعلومات.
ورداً على سؤال وجهته شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) خلال لقاء مع الصحفيين في مقر إقامته في 19 أغسطس حول ما إذا كانت الحكومة ستنشئ آلية تتبع لإجراء تحقيق كامل في اختفاء المفقودين بمجرد اكتمال تقرير اللجنة، قال راجاباكسا: "علينا أن ننظر في هذا الأمر، ولكنه عمل ممل".
وقال سكرتير الرئيس، ليث ويراتونغا، سيتم تحديد مسار عمل الحكومة القادم بشأن المفقودين بناءً على تقرير اللجنة، ورأى أن الحكومة تبذل خطوات حقيقية لمعالجة محنة أسر المفقودين. وأضاف أن "مثل هذه الحالات التي تتعلق بالمفقودين ينبغي دراستها والتحقيق فيها".
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة منحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) في شهر أغسطس إذناً غير مسبوق لتقييم احتياجات المفقودين، وأخبر مسؤولو اللجنة الدولية شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنهم أيضاً متفائلون بأن آلية التتبع ستكون متاحة بعد اكتمال دراستهم الاستقصائية في أوائل عام 2015.
مع ذلك، يحذر نشطاء من أن هذه التحركات تأتي في أعقاب وعود متكررة من قبل الحكومة، ورفض جديد لإجراء الأمم المتحدة تحقيقاً في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت خلال الحرب.
"بعد سنوات من المماطلة والوعود الكاذبة، من الواضح أن الحكومة غير راغبة وغير قادرة على إنهاء الإفلات من العقاب أو التحقيق في انتهاكاتها المزعومة بشكل مستقل وفعال،" كما أفاد ريتشارد بينيت، مدير منظمة العفو الدولية في آسيا والمحيط الهادئ، خلال حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، لافتاً إلى رفض الحكومة للتعاون مع التحقيق الذي دشنه مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان (OHCHR) في مارس 2014.
تعداد مثير للجدل
ولا تزال قضية المفقودين، وخاصة أولئك الذين فقدوا خلال السنة الأخيرة من القتال، مثيرة للجدل.
وقد سجل مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان 5,671 حالة اختفاء مبلغ عنها ومتعلقة بزمن الحرب، وهذا لا يشمل الأشخاص المفقودين في سريلانكا في المراحل النهائية من القتال في عامي 2008 و2009.
وتقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنها تلقت تقارير عن 16,000 حالة لأشخاص مفقودين يعود تاريخها إلى تسعينيات القرن الماضي. وفي عام 2010، شكلت الحكومة السريلانكية لجنة الدروس المستفادة والمصالحة (LLRC)، التي أوصت بعد عام بإنشاء قاعدة بيانات مركزية عن الأشخاص المفقودين.
ولكن اللجنة الاستشارية التي أنشأها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رأت أن رد لجنة الدروس المستفادة والمصالحة على المزاعم بشأن المفقودين لم يكن كافياً. وأشارت اللجنة في تقريرها لعام 2011 إلى أن "دراسة النصوص العامة للشهادات التي أدلى بها الأفراد الذين عانوا من أذى شخصي كشفت أن أكثر من 80 بالمائة من الضحايا [الذين أدلوا بشهاداتهم في جلسات استماع لجنة الدروس المستفادة والمصالحة] أثاروا قضايا تتعلق بأقارب مختفين أو مفقودين".
وبغض النظر عن دقة الأرقام، يقول نشطاء أن عملية التحقيق في حالات فردية تأخرت كثيراً.
المحلية مقابل الدولية
فقد "مضت خمس سنوات منذ انتهاء الصراع ولم تتحقق العدالة بعد لعشرات الآلاف من الضحايا، الذين سقطوا على أيدي كل من القوات الحكومية ونمور التاميل،" كما أشار بينيت.
مع ذلك، أكد راجاباكسا ومسؤولون آخرون أن الحكومة لن تتعاون مع بعثة مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أو تعترف بها.
وقال وزير الخارجية غاميني لاكشمان بيريس، في إشارة إلى لجنة التحقيق الدولية "نحن لا نعترف بولايتها، ومن واجبنا تعزيز اللجنة المحلية".

ووصف بينيت من منظمة العفو الدولية رفض الحكومة بأنه "متوقع تماماً"، موضحاً أن هذه الخطوة "تتبع نمطاً مألوفاً للغاية لرفض السلطات السريلانكية أي محاولات دولية لتحقيق العدالة الحقيقية لعشرات الآلاف من ضحايا النزاع المسلح".
وباستثناء السماح للجنة الدولية بالبدء في دراستها الاستقصائية، لم تقدم الحكومة أي تفاصيل حول مسار عملها القادم. ويقترح البعض أن على سريلانكا أن تحاكي آلية التتبع نفسها المطبقة في نيبال، حيث تقوم المنظمات غير الحكومية وجمعية الصليب الأحمر النيبالي بالبحث عن تفاصيل عن أكثر من1,400 مفقود خلال الحرب الأهلية التي استمرت 10 سنوات والتي انتهت في عام 2006.
في الوقت نفسه، اتهمت الخدمة الدولية لحقوق الإنسان، التي تتخذ من جنيف مقراً لها، في 25 أغسطس الحكومة بالفشل في حماية الناشطين المحليين من "نمط واضح من العمليات الانتقامية الممنهجة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والضحايا في سريلانكا الذين يسعون إلى التعاون مع الأمم المتحدة".
وأكد بينيت أن تعقب المفقودين يجب أن يتم جنباً إلى جنب مع تطبيق آليات عدالة فعالة.
وأضاف أن "إيجاد آلية فعالة لتعقب عدة آلاف من الناس في عداد المفقودين أمر ضروري وعاجل، وكذلك إظهار الحقيقة وتحقيق العدالة لضحايا الاختفاء القسري والانتهاكات الأخرى".
ap/kk/cb-ais/dvh"