وفي هذا الإطار، قالت إميليان دي ليون، عضو مجلس إدارة الشبكة الدولية للصناديق النسائية (INWF) لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "نحن بحاجة إلى منظمة جامعة ترعى حقوق نشطاء البيئة وتكون بوضع يمكنها من القيام بعمل سريع لمساعدة الأشخاص الذين وقعوا في مشكلة، بشكل يشابه ما نراه مع المؤسسات الإعلامية. وتتمثل مهمة الشبكة الدولية للصناديق النسائية في تعزيز القدرة السياسية والمالية للصناديق النسائية لتمكين النساء والفتيات، وإعادة توزيع الموارد لتغيير حياتهم ومجتمعاتهم".
فخلال الأسبوع الأول أغسطس، اجتمع النشطاء والمانحون والباحثون في جزيرة بالي الإندونيسية، في أول قمة دولية في العالم عن المناخ والنساء؛ وقد تركز جلّ النقاش حول الهجمات على الناشطين في مجال حماية البيئة.
وأضافت دي ليون قائلة: "سنقوم بإعداد وثيقة لطرح توصياتنا على المانحين وغيرهم بخصوص رؤيتنا المستقبلية، ونأمل أن نكون قادرين على تفعيل هذه التوصيات عاجلاً وليس آجلاً." وأوضحت أن الخطة الأولية تنطوي على شراكة ثلاثية بين منظمة المنح العالمية الخضراء Global Green Grants (وهي منظمة لدعم الاستدامة البيئية والعدالة الاجتماعية)، والشبكة الدولية للصناديق النسائية، وصندوق التمويل الطارئ لحقوق المرأة.
وقد أصبحت الحاجة إلى تشكيل استجابة عالمية أكثر وضوحاً مع زيادة توثيق الهجمات.
فقد وجد تقرير منظمة الشاهد العالمي Global Witness، وهي منظمة دولية تحقق في ادعاءات الفساد والتدهور البيئي، أنه بين عامي 2002 و2013 قتل ما لا يقل عن 903 مواطنين ناشطين في مجال حماية البيئة، وهو رقم قريب من عدد الصحافيين الذين قتلوا في نفس الفترة الزمنية والبالغ 913 صحافياً.
ووصفت منظمة الشاهد العالمي قضية العنف والتهديدات ضد دعاة حماية البيئة بأنها "مسألة لا يتم الإبلاغ عنها بالشكل المفترض"، وأوضحت في تقريرها الصادر بعنوان "البيئة القاتلة" أن "معدل الوفيات يشير إلى معدل أكبر بكثير من العنف غير الفتاك وأعمال الترهيب"، وأشارت إلى أن "عدد الأشخاص الذين قتلوا في 2012 يبلغ ثلاثة أضعاف عدد الذين قتلوا قبل 10 سنوات، مع ارتفاع معدل الوفيات في السنوات الأربع الماضية بمعدل ناشطَين اثنين أسبوعياً".
وأشارت المقررة الخاصة المعنية بالمدافعين عن حقوق الإنسان مارغريت سيكاغيا في تقريرها الذي قدمته في عام 2011 إلى مجلس حقوق الإنسان، أن دعاة حماية البيئة قد يكونون عرضة بشكل خاص لسوء المعاملة، ودعت إلى زيادة الاهتمام بمحنتهم قائلة: "يعد المدافعون العاملون في قضايا الأراضي والبيئة في وضع غير مواتٍ بشكل خاص بسبب معرفتهم المحدودة في الغالب بخصوص حقوقهم ونقص المعلومات عن كيفية المطالبة بتلك الحقوق، والموارد الشحيحة وضعف القدرات التنظيمية".
ومع ازدياد الاهتمام تدريجياً وظهور المزيد من الهجمات للعلن، يدعو الخبراء إلى إنشاء آلية لتنسيق الاستجابة العالمية لحماية نشطاء "البيئة".
وقال تيري أوديندال، المدير التنفيذي في منظمة المنح العالمية الخضراء أن "الهجمات آخذة في الارتفاع وكذلك أثرها على العمل الذي يجري تنفيذه على الأرض".
اعتداء مستدام
وقالت أليتا باون، وهي ناشطة من جزيرة تيمور الأندونيسية والتي قامت بحملة على مدى العقد الماضي ضد شركات التعدين، أن التهديدات وحوادث الترهيب لم تكن حوادث فردية ولكنها كانت جزءاً من اعتداء متواصل ومستدام.
وأخبرت باون شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنها تعرضت للاعتداء للمرة الأولى عندما كانت تقوم بتنسيق حملة لعدة أيام تشارك فيها نساء الشعوب الأصلية في إغلاق الطريق المؤدي إلى منجم رخام من خلال الجلوس في موقع العمل وحياكة ملابسهن التقليدية. وقد نصب لها مجموعة تزيد عن 30 رجلاً كميناً في طرف ناءٍ من الجزيرة وأحاطوا بها.
وتابعت باون حديثها قائلة: "في لحظة من اللحظات كانوا يناقشون إذا كانوا سيقتلونني أم يغتصبونني"، وأووضحت أنهم قرروا أن القتل غير قابل للتطبيق لأن هناك الكثير من الشهود الحاضرين. ولكنهم "قرروا عدم اغتصابي أيضاً بسبب وجود عدد كبير جداً من الرجال لانتظار دورهم"، مضيفة أنه في نهاية المطاف قاموا بطعنها في ساقيها وأخذوا كل ما لديها من مال.
واعتقلت السلطات الرجال المسؤولين عن الهجوم وقامت بمحاكمتهم. ولكن باون قالت أن مثل هذه الإجراءات القانونية لم تصل إلى صميم القضية باعتبار أن المحرضين على الاعتداء أي أولئك الذين دفعوا المال للمهاجمين لتنفيذ الهجوم لم توجه لهم أية تهمة على الإطلاق.

القوة بالعدد
وقالت سورياماني بهاجات الناشطة في حركة حفظ غابات جهارخاند، وهي حملة شعبية في ولاية جهارخاند شرق الهند أن أكثر الأشخاص استمراراً في تعذيبها هم مسؤولو الغابات الحكوميون.
وقالت بهاجات: "هم يريدون استخدام الغابات لأغراض تجارية، ولكن بالنسبة لنا الغابة هي جزء من أسلوبنا في الحياة" مضيفة أنها واجهت عدة تهديدات من مسؤولي الغابات وتعرضت للمضايقة على يد الشرطة. وتمكنت هي وشريكاتها من الناشطات، وهن في الغالب من النساء المزارعات، من تجنب الاعتقال من خلال اظهار التضامن مع بعضهن البعض في مواجهة تهديدات الشرطة.
وتابعت حديثها قائلة: "في إحدى المرات أبلغت الشرطة أننا سنأتي جميعاً إلى مركز الشرطة طوعاً، ولكننا سنحضر معنا أيضاً أولادنا ومواشينا، لأنه لن يكون هناك أحد في المنزل لرعايتهم إذا تم القبض علينا".
واستطردت قائلة: "أتأكد دائماً من العمل مع عدد كبير من النساء اللواتي يمكن أن يقفن معي إذا كان هناك أي تهديد".
ولكن المهاجمين استمروا في أعمالهم واضطرت باون إلى الفرار من منزلها ولجأت إلى نفس الغابة التي كانت تنشط لحمايتها، لتبقى في منفاها الاختياري لمدة عام.
وشرحت قائلة: "لقد عنى البقاء هناك للحفاظ على سلامتي أنني لا أستطيع توفير التدريب العملي على القيادة في الحملة ضد عمليات التعدين"، مضيفة أنه في حين استمرت الاحتجاجات ضد المناجم، فقد افتقرت الحركة إلى زعيم واضح بعد غيابها.
واستطاعت في نهاية المطاف العودة والانضمام من جديد إلى زميلاتها الناشطات، ولكنها قالت: "لولا الهجمات والتهديدات، لربما استطعنا إخراج مجموعات التعدين في وقت أبكر من ذلك بكثير".
ويستمر الإحباط من مواجهة المزعجين: وقال بهاجات أنه بسبب قلقها المتواصل من مسؤولي الغابات الذين يقومون بإزعاجها أو تقديم الشكاوى ضدها والتي يمكن من تؤدي إلى إيداعها في السجن، فهي تقضي نصف وقتها في التعامل مع المخاوف أو التهديدات.
وأوضحت قائلة: "يستغرق التعامل مع التحرش والإيذاء الوقت الذي كان يمكن أن أقضيه على بناء الوعي المجتمعي. والآن لا بد لي من قضاء المزيد من الوقت في محاولة إصلاح الأضرار التي تسببها مسؤولو الغابات،" مضيفة أن التهديدات الكثيرة والمستمرة لا تشجع المزيد من الناس على الانضمام إلى الحملات.
وختاماً قالت دي ليون أنه بالإضافة إلى تنسيق آلية حماية سريعة للنشطاء المعرضين للخطر، فإن المنصة العالمية ستوفر الضغط على الجهات المانحة وصناع القرار لرفع الوعي حول المخاطر المستمرة التي تواجه دعاة حماية البيئة.
ap/kk/cb-ais/dvh
This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions