بعد مرور عامين ونصف على الزلزال المدمر الذي ضرب باكستان في أكتوبر/تشرين الأول 2005، مخلفا وراءه 73,000 قتيل في منطقة كشمير الباكستانية والإقليم الحدودي الشمالي الغربي، لا يزال آلاف الضحايا يفتقرون إلى مسكن لائق.
فبالرغم من تواصل أعمال إعادة الإعمار في مختلف الأنحاء المتضررة بباكستان تحت إشراف الوكالة الباكستانية لإغاثة ضحايا الزلزال وإعادة الإعمار، إلا أن السكان في بعض المناطق المتضررة (مثل مظفر أباد، عاصمة كشمير) لا زالوا ينتظرون فرصة الحصول على مسكن يأويهم، خصوصا بعد التأخر الذي شهدته عملية الإسكان بسبب عراقيل إدارية متعددة ومختلفة.
وتشكل مدينة بالاكوت، الواقعة على بعد حوالي 100 كلم شمال إسلام أباد، والتي يقدر عدد سكانها ب30,000 نسمة وتعتبر واحدة من أكثر المدن تضررا بالزلزال، مثالا على التعقيدات التي تشهدها عمليات إعادة الإعمار. فقد تسبب الزلزال في تدمير حوالي 80 بالمائة من منازل المدينة مما جعل الحكومة الباكستانية تعلنها منطقة حمراء" باعتبارها عرضة للمزيد من الهزات المستقبلية.
وكان الفريق نديم أحمد، النائب السابق لرئيس الوكالة الباكستانية لإغاثة ضحايا الزلزال وإعادة الإعمار، قد صرح مباشرة بعد إعلان بالاكوت "منطقة حمراء" أن "المدينة مقامة على خطي خطر نشطين للغاية". وبناء عليه، تقرر نقل المدينة في 2006 إلى بكريال، على بعد 25 كلم. غير أن الناس الذين عاشوا في بالاكوت لأجيال وأجيال ظلوا مترددين في مغادرتها. فمثلا، أعرب محمد وحيد، البالغ من العمر 40 عاما، عن غضبه من مخططات الحكومة لإخلاء بالاكوت متسائلا: "لقد عاش أبي وأبوه من قبله هنا ودفنوا هنا، فكيف يمكننا مغادرة مكان امتدت فيه جذورنا لقرون؟". وما حال محمد إلا مثالا على حال العديد غيره من سكان المدينة.
المساعدات السعودية
نظرا لكون الوضع يستدعي إجراء مؤقتا من نوع، فقد تدخلت الحملة السعودية الشعبية لمساندة ضحايا زلزال باكستان للمساعدة في حل الأزمة بشكل مؤقت. حيث قامت بتزويد المدينة ب 4,000 منزل مسبق الصنع بتكلفة تقدر بحوالي 18.5 مليون دولار قصد توفير المأوى المؤقت للناجين من الزلزال في بالاكوت.
وفي هذا السياق، صرح خالد العثماني، المدير الإقليمي للحملة، خلال حفل أقيم بالمناسبة في إسلام أباد، أنه تم توزيع البيوت على الأسر النازحة بسبب الزلزال، مشيرا إلى أن الشعب السعودي "بادر بتقديم العون لأشقائه في باكستان برغبة قلبية خالصة". وقد ساهمت هذه المبادرة في جمع مئات الملايين من الريال السعودي.
وقد قدمت الحملة السعودية الشعبية لمساندة ضحايا زلزال باكستان، إلى الآن، 230,000 بطانية و150,000 لحاف و12,500 خيمة صالحة للشتاء وأدوية ومواقد و100,000 حصة غذائية للمحتاجين في المناطق المتضررة بالزلزال. كما تبرعت الحملة أيضا بمبلغ 700,000 دولار لمؤسسة اقرأ READ Foundation من أجل تمويل الكتب والبدلات المدرسية والقرطاسية وغيرها من المستلزمات التعليمية.
وتقدم المنازل المسبقة الصنع بديلا لسكان بالاكوت الذين يرفضون مغادرتها والانتقال إلى بكريال، والذين لا زالوا يعيشون في خيام. خصوصا وأن البعض منهم اشتكى من كون بكريال تقع في مجرى هوائي قاس لا ينفع لإقامة مدينة جديدة، وأن سكان بكريال الأصليين أنفسهم يعارضون نقل مدينة بالاكوت إلى منطقتهم. حيث يقول محمد وحيد، مثلا: "لقد رأيت المكان. إنه موحش ومقفر، وتشتد فيه الرياح. لن أنتقل إلى هناك أبدا".
إلا أن السلطات عازمة على نقل بالاكوت، وإلى أن تتم تسوية الأمر، فإن المنازل المسبقة الصنع توفر الحل الأنجع والأمثل لضمان حصول سكان بالاكوت على مساكن أفضل.
"