أخبر رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جاكوب كيلينبورغر، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن مقاتلي طالبان وافقوا شفهيا على فسح ممر آمن للجنة لتوصيل المساعدات الطبية الإنسانية للمجتمعات المتضررة بالنزاع في أجزاء من جنوب أفغانستان.
وجاء في تصريح كيلينبورغر لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن مقاتلي طالبان قالوا أنهم ينظرون بشكل جد إيجابي لأنشطتنا الطبية، وأخبرونا أننا نستطيع أن نوسع رقعة تغطيتنا لتشمل الجنوب أيضا، إلا أنني شرحت لهم حاجتنا للحصول على ضمانات أمنية موثوقة، وكان ردهم إيجابيا".
وتماشيا مع سياسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لم يكشف كيلينبورغر عن هوية ممثلي طالبان الذين تباحث معهم في الموضوع ولا عن مكان أو زمان المباحثات.
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة وغيرها من منظمات الإغاثة الدولية قد عبرت مراراً عن قلقها حيال "تقلص" المجال الإنساني في أفغانستان وتأثير هذا التقلص على قدرة عمال الإغاثة على الوصول إلى مناطق شاسعة من البلاد.
وأوضح كيلينبورغر أنه تمكن خلال الزيارة التي أجراها إلى أفغانستان، والتي استغرقت سبعة أيام، من إجراء محادثات مع كل أطراف النزاع. كما عبر عن قلقه حيال قضية المدنيين وأوضاع المعتقلين.
ووفقا للأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة، لقي 40 عاملا إنسانيا حتفهم (منهم 34 عاملاً أفغانياً وستة عمال أجانب)، وتعرض 76 عاملا للاختطاف (منهم 44 عاملاً أفغانياً و25 عاملاً أجنبيا)، في حين تعرضت 55 قافلة إنسانية و45 مرفقا من المرافق التابعة للمنظمات الإنسانية للهجوم خلال الفترة من يناير/كانون الثاني حتى أكتوبر/تشرين الأول 2007.
من جهتها أفادت بعثة الأمم المتحدة لمساندة أفغانستان (يوناما) أن القيود الأمنية ساهمت بشكل كبير في إعاقة جهود منظمات الأمم المتحدة وقدرتها على الوصول لأكثر من 77 مقاطعة من المقاطعات الواقعة في المناطق الجنوبية والشرقية والجنوبية الشرقية من البلاد، وذلك منذ بداية عام 2007.
القانون الإنساني الدولي
أفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن ميزانيتها المخصصة لأفغانستان لعام 2008 شهدت الزيادة الأكبر من بين جميع ميزانياتها المخصصة هذا العام لعشرة عمليات إنسانية عبر العالم.
وأشار رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر في 14 أبريل/نيسان في كابول أن الكوارث الطبيعية وأعمال العنف الناتجة عن النزاعات زادا من الحاجة للمساعدات الإنسانية، كما ارتفع عدد جرحى النزاعات بشكل ملحوظ خلال السنتين الماضيتين.
وشددت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على ضرورة تمييز الأطراف المتحاربة في أفغانستان بين المدنيين والمقاتلين واستعمالها للقوة العسكرية المتناسبة وضمان تطبيق الإجراءات الاحترازية للتخفيف من تأثير الحرب على غير المقاتلين.
وأشار كيلينبورغر إلى أن هناك خرقاً للقانون الإنساني الدولي في أفغانستان، الشيء الذي يلحق أضرارا بالمدنيين في البلاد، حيث أوضح أن "النزاع يجبر المزيد من الناس على الهروب من ديارهم".
المستقبل الغامض
سمحت القوات الأمريكية في أفغانستان لرئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة بعض المعتقلين في مراكز الاعتقال الرئيسية التابعة لها والواقعة في القاعدة العسكرية الجوية بباغرام، شمال كابول.
وعن هذه الزيارة، قال كيلينبورغر: "أجريت حوارا جيدا في باغرام... وقد أولى المعنيون هناك آذانا صاغية لتوصياتنا". وأضاف أنه متفائل بشأن تحسن معاملة المعتقلين في مراكز الاعتقال التابعة للقوات الأمريكية، بالرغم من أنه لا تزال هناك العديد من القضايا العالقة بالنسبة لمعتقلي باغرام. فهم، حسب تصريح كيلينبورغر للصحفيين في كابول في نهاية زيارته "لا يعلمون سبب وجودهم في مراكز الاعتقال، ولا ما يخبئه لهم المستقبل، ولا كم ستطول مدة اعتقالهم أو ما ستكون شروط الإفراج عنهم".
وفي هذا الإطار، قامت القوات الأمريكية في أفغانستان مؤخرا بتأسيس جهاز أطلقت عليه اسم "مجلس مراجعة أوضاع مقاتلي العدو". وتم تكليف هذه الهيئة بالنظر في أوضاع المعتقلين كل ستة أشهر، حسب تصريح كيلينبورغر الذي طالب الحكومة الأفغانية أن تقوم هي الأخرى بتحسين أوضاع المعتقلين في مراكز الاعتقال التابعة لها.
من جهة أخرى، كانت منظمات حقوقية، مثل اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان، قد طالبت طالبان مرارا بالالتزام بالقانون الإنساني الدولي وتفادي إلحاق الضرر بالمدنيين. كما انتقدت هذه المنظمات أيضا عمليات قطع الرؤوس التي تقوم بها قوات طالبان.
"