لم يتسن افتتاح مستشفى القدس في مخيم عين الحلوة، الذي يعتبر من أكبر المخيمات الفلسطينية وأكثرها عنفاً، في الوقت المحدد نظراً لعدم كفاية الميزانية التي خُصِّصت لشراء الأسِرَّة وغيرها من المعدات الأساسية التي يحتاج إليها.
[شاهد عرضاً للصور عن المخيمات الفلسطينية في لبنان]
ويعتبر هذا المستشفى، الذي بلغت تكلفته 5 مليون دولار، الاستثمار الضخم الوحيد خلال الستين عاماً من عمر المخيم.
ويسعى المستشفى إلى علاج العديد من الأمراض المزمنة وأمراض القلب والسرطان والاضطرابات العصبية التي يعاني منها سكان عين الحلوة. كما يسعى إلى تخصيص جناحٍ للأطفال وجناح للعناية المركزة.
غير أن مدير المستشفى، إبراهيم مرشود، أخبر شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن المستشفى لا يزال يحتاج إلى حوالي 2 مليون دولار حتى يتم الانتهاء من تجهيزه بعد توقف المنح الدولية لمؤسسة بدر الخيرية الفلسطينية التي قامت بتمويل المستشفى.
وفي هذا الإطار، قال مرشود، وهو عضوٌ سابق في مجلس الأطباء البريطاني ومستشار طبي سابق لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا): "تنتظر مؤسسة بدر الحصول على تمويل. وفي الوقت الحالي، لا يستطيع المستشفى سوى القيام ببعض العمليات البسيطة. فلا زلنا بحاجة إلى 36 سريراً وحاضناتٍ للخُدَّج وأجهزة تصوير وأسرة كهربائية وخمسة أجهزة لغسيل الكلى".
وأوضح مرشود أن "المشاكل الصحية التي يعاني منها سكان المخيم ناتجة عن أسباب مرضية وأخرى بيئية. فالشوارع في حد ذاتها أمراضٌ بيئية، كما أن الأمراض المزمنة مثل السكري والضغط والسرطان، تنتشر بشكل كبير في المخيم".
وحسب الأونروا، يأوي المخيم حوالي 46,000 لاجئ في حين تفيد التقديرات الصادرة عن فتح، الفصيلة الفلسطينية المهيمنة على المخيم، أن عدد سكانه يصل إلى 80,000 نسمة يزدحمون في مساحة لا تزيد عن 1.5 كيلومتر مربع.
نقص الأدوية
وتدير الأونروا عيادتين طبيتين في مخيم عين الحلوة، ووفقاً لإحصاءات شهر ديسمبر/كانون الأول 2006، يخضع حوالي 3,500 شخص من سكان المخيم للعلاج من أمراض السكري وارتفاع الضغط في هاتين العيادتين.
ويسعى مستشفى القدس إلى توفير العلاج المجاني لأمراض القلب. ويقول الزعماء الفلسطينيون والأطباء في المخيم أن تكلفة جراحة القلب تبلغ حوالي 7,000 دولار، وهو مبلغ لا يستطيع أي شخص من سكان المخيم تحمله، خصوصاً في ظل البطالة التي يعاني منها حوالي 80 بالمائة منهم.
ويضم لبنان، حسب الأونروا، أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في فقر مدقع، خصوصاً في المخيمات الرسمية الإثني عشر التي تأوي أكثر من نصف اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في البلاد والذي يبلغ عددهم حوالي 400,000 لاجئ.
ويعود الفضل في فكرة هذا المستشفى، الذي استغرق بناؤه حوالي أربعة أعوام، إلى منير مقدح، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في جنوب لبنان والتي تعتبر حركة فتح إحدى أهم فصائلها، وهو كذلك أحد أبرز الزعماء الفلسطينيين في مخيم عين الحلوة.
وأشار مرشود إلى أن مقدح اضطر إلى استعمال كل النفوذ والتأثير المتاحين للحصول على تصريحٍ ببناء المستشفى، خصوصاً وأن الحكومة اللبنانية تمنع الفلسطينيين من فتح عياداتهم الخاصة – كما تمنعهم من ممارسة 70 مهنة أخرى، بالإضافة إلى أنها انتهجت طيلة عقود من الزمن سياسة حظر الواردات التي قد تساهم في تحسين الأوضاع في المخيم.
ويؤكد مرشود ومعه ياسين أبو صالح الذي يعمل كأخصائي تقني في المستشفى أن المرضى يموتون لعدم حصولهم على الأدوية الكافية، إذ لا يحصلون سوى على نصف ما يحتاجون إليه من الأونروا وغيرها من الجمعيات الفلسطينية. وقال أبو صالح أن "الناس لا يستطيعون تحمل كلفة العلاج الطبي بالخارج، كما أنهم يجدون صعوبة كبرى في تحمل تكلفته داخل المخيم".
دراسة حالة
الصورة: هيو ماكليود/إيرين |
"أردت أن أسافر للحصول على علاج أفضل ولكنني لم أستطع، فلو تمكنت من السفر خارج المخيم، قد أشفى وأصبح طبيعياً" وسام عويض، 26 عاماً |
ويقول السكان المحليون، الذين يجرأ البعض منهم على السخرية من وسام أو حتى ضربه أحياناً، أنه يتناول حبوب الأرتين يومياً وأن حركة فتح هي التي تدفع تكاليف علاجه. كما ألقوا اللوم في الحالة التي يعاني منها على قصف إسرائيل للمخيم خلال الحرب الأهلية التي مزقت البلاد في الثمانينات.
وقال وسام: "أردت أن أسافر للحصول على علاج أفضل ولكنني لم أستطع، فلو تمكنت من السفر خارج المخيم، قد أشفى وأصبح طبيعياً".
وكانت كارين أبو زيد، المفوض العام للأونروا، قد صرحت في مؤتمر صحفي عُقِد في بيروت في شهر نوفمبر/تشرين الثاني أن برنامج الأونروا لإعادة تأهيل المخيم، الذي بدأ منذ عامين بناءاً على طلب رئيس الوزراء اللبناني، فؤاد السنيورة، لن يتعرض للنسيان.
كما أوضحت أن الأونروا حصلت على مبلغ 26 مليون دولار من مجموع 50 مليون دولار التي كانت قد طلبتها من أجل تمويل برنامج إعادة التأهيل، وأنفقت إلى الآن مبلغ 8 ملايين دولار.
"