قامت الحكومة الأردنية بوضع استراتيجية طوارئ للتعامل مع النقص الحاد في المياه ولتلبية الاحتياجات المائية المتزايدة لحوالي 5.7 مليون شخص من سكان المملكة ومئات الآلاف من اللاجئين الذين يعيشون على أرضها.
وسيتم تطبيق خطة لتقليل كمية المياه التي تضخ إلى المنازل تتضمن توفير المياه عبر الشبكات مرة واحدة أو مرتين في الأسبوع على أن تتراوح مدة الضخ بين ثلاث وخمس ساعات في المرة الواحدة.
كما أفاد عدنان الزعبي، الناطق الإعلامي باسم وزارة المياه، أن كمية المياه التي ستضخ للمزارع من أجل الري ستُخفض بنسبة 50 بالمائة على الأقل ولن يسمح بزراعة سوى المحاصيل التي لا تحتاج لكميات كبيرة من المياه.
وأضاف الزعبي أن الوزارة تعمل حالياً على حساب كمية المياه التي سيتم ضخها في الفترة من يونيو/حزيران إلى سبتمبر/أيلول، مشيراً إلى أن القرار بخصوص ذلك سيتخذ خلال أسبوع تقريباً.
وكانت الوزارة قد ضخت 170 مليون متر مكعب من المياه خلال العام الماضي إلى المدن الرئيسية و40,000 متراً مكعباً إضافياً لمدينة عمان التي تنتظر استقبال قرابة النصف مليون سائح خلال فترة الإجازة الصيفية حسب التوقعات. ولكن يخشى المسؤولون من أن تكون كمية المياه التي سيتم ضخها أقل من تلك التي ضُخت العام الماضي.
وقال الزعبي أن وزارة المياه ستنظم حملات مكثفة بالتعاون مع المنظمات المحلية والدولية لتشجيع المواطنين على الترشيد في استخدام المياه.
ويعتمد الأردن على مياه الأمطار خلال موسم الشتاء لتزويد سكانه باحتياجاتهم المائية، إذ لا تحتوي المملكة على أي بحيرات طبيعية أو أنهر رئيسية سوى نهر الأردن الذي انخفض جريانه بشكل كبير بسبب الاستخدام المكثف لمياهه من قبل إسرائيل عند أعلى النهر.
ويخشى المسؤولون من أن تكون كمية مياه الأمطار في هذا الموسم أقل بكثير من الكميات اللازمة لسد الحاجات المائية في البلاد، إذ لم تحصل بعض المناطق مثل المناطق الجنوبية ومنطقة غور الأردن - وهي مصدر الإنتاج الزراعي الرئيسي في المملكة - سوى على 60 بالمائة من كميات الهطول المتوقعة.
ووفقاً للزعبي، تحتوي السدود العشرة الرئيسية في الأردن - والتي تبلغ سعتها الإجمالية 327 مليون متر مكعب – على 110 مليون متر مكعب فقط، وهي بذلك تقل بمقدار 30 مليون متر مكعب عن إمداد المياه الذي تحتاجه المملكة لمواجهة صيفها الحار والجاف".
ومن المتوقع أن يرتفع العجز المائي للمملكة والمقدر بأكثر من 500 مليون متر مكعب سنوياً، بحيث يصل إلى 30 بالمائة بالنسبة لمياه الشرب و50 بالمائة للمياه المخصصة للري، وفقاً لوزارة المياه.
اللاجئون يزيدون المشكلة تفاقماً
وقد أدى تدفق حوالي نصف مليون لاجئ إلى الأردن خلال السنوات الخمس الماضية إلى تفاقم مشكلة المياه في الأردن. كما تفيد إحصاءات وزارة الداخلية إلى أن المملكة تحتضن أكثر من 300,000 عامل مصري و200,000 سوري وعدد من المغتربين العرب والأجانب.
وفي نفس الإطار، طالب مسؤولون في وزارة التخطيط بدعم دولي لبناء المزيد من السدود وتنفيذ عدد من مشاريع الصيانة لشبكات المياه وإعادة إحياء أنظمة تزويد المياه في المدن. ويفيد المسؤولون في وزارة المياه أن 45 بالمائة على الأقل من المياه التي يتم ضخها تهدر في الشبكات.
وقد أوضح ناصر الشريدة، أمين عام وزارة التخطيط، في اجتماع عقد مؤخراً بين الدول المضيفة للاجئين أن الأردن بحاجة إلى 430 مليون دينار أردني (606 مليون دولار) لتنفيذ مشروعات تساهم في زيادة مخزون المملكة من المياه.
ويعتبر الأردن من أفقر عشر دول في العالم من حيث مصادر المياه إذ يقدر استهلاك الفرد من المياه سنوياً بحوالي 170 متراً مكعباً مقارنة بحوالي 1,000 متر مكعب للفرد في دول أخرى.
وتشير الأرقام الصادرة عن المنظمات الدولية ومن ضمنها البنك الدولي إلى أن الفرد الأردني يستهلك 100 لتر من الماء في اليوم بينما يصل استهلاك الفرد الإسرائيلي على الجهة المقابلة من الحدود إلى 900 لتر يومياً – وهو نفس المعدل الذي يستهلكه الفرد في الولايات المتحدة. أما في أوروبا فيصل معدل استهلاك الفرد اليومي من المياه إلى 250 لتراً.
مياه من إسرائيل وتركيا
وبالرغم من أن إسرائيل تواجه نفس الجفاف الذي يواجهه الأردن، إلا أن المسؤولين الأردنيين يأملون في أن تقوم الدولة العبرية بضخ المياه إلى الأردن ضمن اتفاقية وادي عربة التي تم توقيعها عام 1994.
وكان مسؤولون إسرائيليون قد أفادوا هذا الأسبوع أنه على الرغم من مشاكل نقص المياه في إسرائيل، إلا أنهم سيضخون المياه إلى الأردن، ولكن لم يتضح بعد كمية هذه المياه.
وقد أعلن الأردن مؤخراً عن مشروعات كبيرة الحجم للتعامل مع النقص المزمن في المياه، من بينها قناة البحرين التي تتراوح تكلفتها بين 2 - 4 مليار دولار والتي تسعى لتوفير 850 مليون متر مكعب من المياه الصالحة للشرب.
كما وقعت الحكومة اتفاقية مع شركة جاما التركية الصيف الماضي لضخ المياه الجوفية من منطقة الديسي في الجنوب بتكلفة تصل إلى 600 مليون دولار. وسيزود هذا المشروع مدينة عمان والمحافظات الجنوبية بحوالي 170 مليون متر مكعب من المياه سنوياً ومن المتوقع أن ينتهي العمل به بحلول عام 2020.
"