من المرجح أن تقوم الولايات المتحدة، بعد إعلانها الأخير عن اعتزامها خفض كميات المساعدات الغذائية التي تقدمها للدول الفقيرة، بالانتقال إلى التركيز على الاحتياجات الطارئة، حسب ما أشارت إليه الوكالة الأمريكية المكلفة بتقديم المساعدات الإنسانية.
وكانت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قد أخبرت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في 25 مارس/آذار أنها بصدد إعادة النظر في خطط المساعدات الغذائية التي تقدمها لضمان تركيز مواردها على الاحتياجات ذات الأولوية القصوى".
كما أعلنت الوكالة الأسبوع الماضي أن نسبة ارتفاع سعر القمح وغيره من المواد الغذائية وصلت إلى 41 بالمائة، مما تسبب في عجز في ميزانيتها بلغ 121 مليون دولار، الأمر الذي سيضطرها لخفض كميات المساعدات الغذائية التي تقوم بإرسالها إلى الخارج.
وأفاد هاري إدواردز، المسؤول الإعلامي بالوكالة أن "تكلفة البضائع والشحن البحري ارتفعت على المستوى العالمي، كان لا بد من خفض كميات المساعدات الغذائية".
وكانت أسعار المواد الغذائية قد ارتفعت جزئياً بسبب زيادة الطلب عليها. كما تأثرت أسعار المواد الغذائية بشكل مباشر بتكاليف الشحن التي شهدت بدورها ارتفاعاً كبيراً بسبب ارتفاع أسعار الوقود.
وتبلغ الميزانية السنوية التي تخصصها الوكالة الأمريكية للمساعدات الغذائية حوالي 1.5 مليار دولار. وسيؤثر خفض المساعدات الغذائية على عملها في أكثر من 40 بلداً، حيث تعتبر الولايات المتحدة أكبر مانح للمساعدات الغذائية في العالم، إذ تساهم بحوالي 6 مليون طن من الحبوب سنوياً منذ عام 1970. كما أنها تمول نصف المساعدات التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي الذي يتكفل بحوالي 40 إلى 50 بالمائة من مجموع المساعدات الغذائية العالمية.
وبالإضافة إلى المساعدات الغذائية الطارئة، تقوم الولايات المتحدة بشراء الأغذية بأسعار مدعومة من الدول المانحة وبيعها في الدول المستقبلة لخلق ميزانيات لتمويل مشاريع التنمية. وتعتبر الولايات المتحدة واحدة من بين دول قليلة التي تقوم بذلك، إذ يقدم معظم المانحين تبرعات غذائية عينية أو يتبرعون بالمال لمنظمات الأمم المتحدة أو المنظمات غير الحكومية قصد شراء الأغذية من الأسواق المحلية أو الدولية.
وأوضح كريستوفر باريت، مدرس اقتصاد التنمية بجامعة كورنيل والمحرر في المجلة الأمريكية للاقتصاد الزراعي، أن "احتمال ارتفاع ميزانية المساعدات الغذائية بأمريكا ضئيل جداً، لذا يتوجب عليها أن تتأكد من أن الأموال الممنوحة تشغل بفاعلية وأن تقوم بترتيب أولوياتها".
إزاحة القيود
وأضاف باريت أنه "في الحالات التي تكون فيها الولايات المتحدة المانح الأساسي، عليها أن تخفف من قيودها التي لا تسمح بشراء المساعدات محلياً [في الدول المستقبلة] وإقليمياً، وتحسن توقيتها وتركز على المساعدات الغذائية الطارئة".
وتخضع كل المساعدات الغذائية التي تقدمها الولايات المتحدة للشروط الداخلية التي تقنن الشراء والمعالجة والشحن. وأشار باريت إلى أن "تكلفة الشحن تستهلك الجزء الأكبر من قيمة المساعدات الغذائية"، إذ أن كل دولار يُصرف لتوصيل المساعدات الغذائية العينية يكلف دافع الضرائب الأمريكي أكثر من دولارين.
وينص التشريع الأمريكي على معالجة وتعليب 50 بالمائة من البضائع قبل الشحن، وعلى شحن 75 بالمائة من المساعدات الغذائية التابعة للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية و50 بالمائة من المساعدات الغذائية التابعة لوزارة الزراعة الأمريكية في مركبات مسجلة في أمريكا وتحمل العلم الأمريكي.
وشرح هاري إدواردز أن "الوكالة تتطلع لفرص خفض التكاليف حيثما أمكن. فهي تحاول خفض تكاليف البضائع عن طريق العمل مع المنظمات التي تنفذ برامج المساعدات الغذائية لاستعمال البضائع قليلة التكلفة وخفض تكاليف الشحن عن طريق تجميع الطلبات الصغيرة".
وكانت صحيفة واشنطن بوست قد نقلت عن جيف بورنز، مدير برنامج الغذاء مقابل السلام بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قوله: "نحن بصدد تناول كل دولة على حدة وتحليل ارتفاع أسعار البضائع في كل منها. وبعد ذلك سنقوم بترتيب الأولويات".
ولكن باريت قال أن هذه "استجابات قصيرة الأمد، فأسعار الوقود والمواد الغذائية ستستمر في الارتفاع. أما الحل طويل الأمد فيتمثل في تحفيز المزارعين الصغار على إنتاج المزيد من الغذاء في الدول الفقيرة".
"