يقول سكان مخيم عايدة للاجئين الذي يأوي حوالي 5,000 شخص أن حياتهم تضررت كثيراً بسبب القيود التي فرضتها إسرائيل على التنقل بشكل عام وجدار الفصل الذي تم بناؤه حول المدينة بشكل خاص.
وقال محمد، 44 عاماً والمسجل لدى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): أنا أعمل في إسرائيل منذ 15 عاماً، ومنذ سنتين فقدت تصريحي. كنت في البداية أتسلل إلى إسرائيل عبر الوديان وغيرها من الطرق غير الشرعية أما الآن فالجدار لا يسمح لي بالدخول أبداً".
ويحتاج كل فلسطينيي الأرض المحتلة إلى تصريح خاص من السلطات الإسرائيلية للتمكن من الدخول إلى إسرائيل.
وتُرجِع إسرائيل الفضل إلى الجدار في توقف العمليات الانتحارية بالرغم من أن بعض المسؤولين أشاروا إلى أن عدداً من الأشخاص الذين نفذوا هذه الهجمات في الآونة الأخيرة أتوا من بيت لحم. أما الفلسطينيون فيقولون أن الجدار يخنق المدينة.
تقييد التنقل يزيد من حدة البطالة
وأضاف محمد: "عندما كنت أعمل في إسرائيل، كنت أكسب حوالي 1,000 دولار في الشهر". أما الآن، يقوم محمد بأعمال بناء متفرقة في المخيم: "لا أستطيع كسب ما يكفي من المال، لذا فنحن لا نشتري سوى الأساسيات التي نحتاج إليها في البيت". ولولا المال الذي تتقاضاه زوجته من عملها كمعلمة لما تمكنوا من الحصول حتى على الأساسيات.
أما اللاجئ حربي، 41 عاماً وأب لخمسة أطفال، فحاله لا يختلف كثيراً عن حال محمد. ولكن زوجته لا تعمل كما أنه لم يستطع الحصول على عمل في إسرائيل طيلة الثمانية أشهر الماضية. ووصف حربي حاله لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلاً: "مشكلتي أنني عامل غير محترف ولذلك فأنا عاجز عن العثور على عمل في الضفة الغربية".
وتنتشر البطالة بشكل واسع في الأراضي الفلسطينية، كما أن سياسة نقاط التفتيش التي وضعتها إسرائيل داخل الضفة الغربية تحد من قدرة العامل على التنقل وتصعب العثور على عمل في مدينة أخرى.
وقال محمد: "يعطيني إخوتي بعض المال لشراء الأكل والملابس. فلا يوجد لدي أي دخل آخر. ولم أحصل على المساعدات الغذائية من الأمم المتحدة سوى مرة واحدة هذه السنة".
وتعاني ابنة محمد الصغرى، البالغة من العمر سنتين، من الربو. ولأن الأونروا لا تغطي سوى 80 بالمائة من تكاليف علاجها، فإنه يضطر إلى طلب الباقي من إخوانه. وعن ذلك قال: "لولا إخوتي، لا أعلم ما عساي أن أفعل".
وكانت الحاجة للتصاريح قد بدأت عام 1991، خلال حرب الخليج الأولى التي أعقبت اجتياح العراق للكويت، وبداية الانتفاضة الأولى. وازدادت القيود صرامة بعد أعوام من ذلك إثر اتفاقيات أوسلو، ثم تم تشديدها أكثر بعد بداية الانتفاضة الثانية في سبتمبر/أيلول 2000. وأدى الجدار الذي انتهت أعمال بنائه في منطقة بيت لحم إلى عزل المنطقة كلياً عن القدس المجاورة لها.
وتقع نقطة التفتيش على الخط الأخضر وتفصل القدس عن بيت لحم وتشكل النقطة الرئيسية في الجدار.
وعن المعاناة التي يواجهها في العبور، قال عدنان، وهو عامل يبلغ من العمر 41 عاماً، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "أصحو يومياً في الساعة الثانية والنصف صباحاً وأغادر المنزل في الساعة الثالثة صباحاً لأصل إلى نقطة التفتيش بعد 10 دقائق من ذلك. ثم أنتظر هناك حتى الساعة الخامسة والنصف أو أكثر من ذلك بقليل حتى يتم فتح البوابة. علي أن أصل إليها في وقت مبكر جداً لأن العديد من الأشخاص ينتظرون هناك للعبور للعمل في إسرائيل. وإذا لم أحضر باكراً، فقد لا أتمكن من العمل. وإن حدث ذلك علي أن أصل إلى نقطة التجمع في المدينة القديمة [القدس] في تمام الساعة السابعة صباحاً ليتم نقلي إلى العمل".
الصورة: شبتاي جولد/إيرين |
مدخل نقطة التفتيش التي يعبر منها العمال إلى القدس |
وعن معاناته قال: "إذا استطعت الحصول على عمل في بيت لحم، فإنني لن أتكبد مشاق المرور عبر نقطة التفتيش. فأنا أصل إلى بيتي في الساعة السادسة مساءً و آكل ثم أنام: من العمل إلى السرير ثم إلى العمل من جديد".
وتنحدر عائلة عدنان من قرية بيت نتيف التي أُخرِجوا منها خلال حرب 1948 بين العرب وإسرائيل. ومن سخرية القدر أنه يعمل الآن في بناء المنازل بمدينة بيت شميش الإسرائيلية التي تم إنشاؤها على أنقاض قرية أسرته.
"