لم يعد مشهد خروج الطالبات إلى المدارس في بعض المناطق من مقاطعة مانسيرا في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي لباكستان كما كان في السابق. فعوضاً عن الزي المدرسي وغطاء الرأس اللذين كانت الفتيات ترتدينهما، أصبح عدد متزايد منهن يضعن برقعاً يغطي أجسامهن كلها من الرأس حتى القدم.
وحول هذا الموضوع، قالت عظمى حماد، 30 عاماً، وهي مدرسة وناشطة اجتماعية في مقاطعة مانسيرا، 125 كيلومتر شمال شرق بيشاور: هذا مظهر من مظاهر سيطرة التيار الفكري لطالبان على مختلف أرجاء الإقليم الحدودي الشمالي الغربي وهو أمر يرعبنا جميعاً". وأضافت أنه "من الضروري أن يقوم الناس وخصوصاً النساء" بمحاربة هذه الموجة الجديدة من التزمت التي تجتاح المنطقة.
وتعتبر نسبة التعلم التي تصل إلى 36 بالمائة في إقليم مانسيرا، من أعلى النسب بالإقليم الحدودي الشمالي الغربي. ووفقاً للإحصاءات الرسمية، تصل نسبة الفتيان المسجلين بمدارس المدينة إلى 60 بالمائة ونسبة الفتيات إلى 39 بالمائة.
ويمكن ملاحظة حجم وشكل التهديد في مدينة أوغي التي تبعد مسيرة ساعة بالسيارة عن مانسيرا. ففي هذه المدينة، أصبحت كل الفتيات اللواتي يرتدن المدرسة الثانوية العليا للبنات، وهي المدرسة الوحيدة في المدينة التي توفر التعليم لما بعد المرحلة الابتدائية، يرتدين البرقع، بينما لم تكن سوى القليلات منهن يرتدينه قبل بضعة أسابيع.
رسالة تهديد
وأوضحت أفتاب بيبي، نائبة مديرة المدرسة، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) السبب وراء هذا التوجه بقولها: "تلقينا رسالة تهديد وطلبنا من الطالبات وأهلهن أن يتعاونوا معنا بجعلهن يلبسن البرقع من أجل سلامة جميع طالبات المدرسة البالغ عددهن 800 طالبة.
وتهدد الرسالة غير الموقعة التي تلقتها المدرسة وسلمتها للشرطة "بعواقب وخيمة" إذا لم تفرض المدرسة البرقع على طالباتها.
ولم تتخذ السلطات المحلية ولا الأهل إلى الآن أي إجراء لعدم معرفتهم بهوية مرسل الرسالة، ولكنهم يعتقدون أنها قد تكون صادرة عن إحدى المنظمات الصغيرة المتطرفة التي بدأ عددها يتضاعف بشكل سريع في جميع أنحاء الإقليم الحدودي الشمالي الغربي. وفي هذا الإطار، أوضح مدير لجنة حقوق الإنسان في باكستان أن "هذا ما يحدث عندما تفشل السلطات في التحرك ضد المتطرفين".
هجمات وتهديدات متكررة
كما أشار إلى أن السنتين الماضيتين شهدتا تهديدات متكررة ضد موظفات المنظمات غير الحكومية وصدور العديد من الفتاوى ضد هذه المنظمات. "ولكن، للأسف، لم يتم اتخاذ أية إجراءات ضد المسؤولين عن ذلك".
كما تم التبليغ عن العديد من الحوادث المتعلقة بسيطرة فكر طالبان على الإقليم الحدودي الشمالي الغربي. وتشمل هذه الحوادث هجمات على محلات بيع الأشرطة الموسيقية، والحلاقين الذين يقومون بحلق لحي الزبائن، ومحلات بيع أشرطة الفيديو.
وفي بعض الحالات تم سحب دمى العرض من محلات بيع الملابس في بيشاور بعد أن تحجج المتطرفون بأن عرضها من الفواحش، حسب السكان المحليين.
الهدف الرئيسي
الصورة: كاميلا حياة/إيرين |
تبقى نسبة التعلم في مقاطعة مانسيرا عالية |
وكان التفجير الذي تعرضت له مدرسة الفتيات في مدينة كابال الواقعة بوادي سوات قد أدى إلى انخفاض نسبة الحضور. كما سُجلت محاولات لتفجير مدارس أخرى في أوراكزاي ووزيرستان.
وقد أعلن مجلس سانلس، ومقره أوروبا، أن نصف أفغانستان المتاخم لحدود الإقليم الحدودي الشمالي الغربي من باكستان أصبح تحت سيطرة طالبان. ونتيجة لذلك، بدأ تأثير طالبان ينتشر عبر الحدود إلى هذا الإقليم، وفقاً للمجلس. وبالرغم من أن عدداً قليلا من الفتيات في مدرسة أوغي للبنات قاومن ارتداء البرقع، لا أحد يعلم كم منهن سيتمكن من الصمود ضد موجة التزمت المتصاعدة في المنطقة.
"