وقد أدى توغل مسلحي الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وغيرها من الجماعات المسلحة في الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، هذا الشهر إلى زيادة وتيرة النزوح، خاصة في المنطقة الكردية المتمتعة بحكم شبه ذاتي والتي تعتبر نسبياً أكثر أمناً في الشمال.
وفي الفندق الذي لم يكتمل بناؤه في وسط مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، وجدت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) مجموعة من العائلات التي فرت من مدينة تكريت في محافظة صلاح الدين الأسبوع قبل الماضي. كان الرجال نائمين في الطابق المفتوح على الواجهة التي تؤدي إلى الشارع، بينما مكث النساء والأطفال في الطابق السفلي، في قبو ضيق لا تتوفر فيه التهوية.
وقد روى رجلان من المجموعة قصتيهما لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلين:
أبو صلاح*، 38 عاماً، من سكان تكريت
دخلت الميلشيات المسلحة تكريت ... لقد رأيناهم ... كانوا يرتدون أقنعة سوداء ويقودون سيارات حكومية. ثم بدأت الطائرات بقصف المناطق المجاورة. قتلت عائلة بأكملها. كما ذهبت ابنة الجيران لرؤية ما يجري فأصيبت بطلق ناري في ذراعها.
وخلال خطبة صلاة الجمعة، قالت الميليشيات: "نحن الدولة الإسلامية. إنها حكومة قمعية ولا بد الآن من تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية".
لم تكن هناك خدمات أو مستشفيات أو غاز أو كهرباء، ولكننا لم نكن خائفين من هذه الجماعات المسلحة، وإنما من التفجيرات فقط.
قال ابن أخي، وهو جندي، أنه سيضع الوقود في سيارته أولاً ثم يتبعنا. لكن بعد مغادرتنا ألقوا القبض عليه وأعدموه، وتم العثور على جثته اليوم. كنا قد غادرنا وكان من المفترض أن يأتي معنا.
لقد جئنا عبر طريق كركوك. كان هناك مسلحون على الطريق ولكنهم لم يتعرضوا لنا بل قالوا فقط: "أذهبوا، أذهبوا".
وبعد وصول الجماعات المسلحة [إلى تكريت]، لم يخرج أحد منا. بقي الجميع في الداخل وراء الأبواب الموصدة. كان لدينا بعض الخضروات ولكنها لم تكن كافية.
كان من الصعب جداً علينا ترك منازلنا وأعمالنا ولكننا اضطررنا لذلك. والآن لا نعرف ماذا يحدث لأنه لا يوجد لدينا تلفاز.
لقد جئنا فقط بالملابس التي كنا نرتديها. والآن ليس لدينا أي شيء باستثناء الأمن.
في البداية مكثنا في فندق في أربيل ولكن ذلك كان يكلفنا 100,000 دينار عراقي [90 دولاراً] للغرفة. لم يكن باستطاعتنا البقاء، فنزلنا ووضعنا متعلقاتنا في الشارع. وعندما رأى مالك الفندق ذلك قال: "لدي هذا القبو في الأسفل الذي لا يزال قيد الإنشاء". والآن نشرب الماء من الصنبور بمسجد المنطقة ونغتسل هناك أيضاً.
لدينا طفل عمره شهرين يعاني من الحساسية من غبار الإسمنت، كما أن الجو في الطابق السفلي، حيث تعيش النساء، حار جداً. لقد مكثنا هنا أربعة أيام... ولكن يمكننا البقاء هنا بشكل مؤقت لأن عليهم الاستمرار في أعمال البناء وربما يحتاج المالك المكان في نهاية الأسبوع.
لقد غادرنا منازلنا على عجل، وسوف نضطر للعودة لأننا لا نستطيع العيش هنا. فالنساء لم تستحم لعدة أسابيع لأنهن يشعرن بالحرج وليس لديهن أية خصوصية. وبالفعل لقد عادت عائلة واحدة من مجموعتنا."
أبو وليد*، 40 عاماً، من سكان تكريت
"دخل المقاتلون وبدا أن الجيش بدأ في الانهيار وكان هناك الكثير من القنابل التي تلقيها الطائرات. لقد ضربوا المساجد وملعب للأطفال ومستشفى.
كان الضجيج مرتفعاً للغاية حتى أننا لم نكن نستطيع النوم، كما أن الهجمات كانت عشوائية. لم يكن لدينا فكرة عن المكان التالي الذي سيضربونه وكان الأطفال يبكون طوال الوقت.
عندما وصل المسلحون أول مرة، ذهبوا إلى المسجد وتحدثوا في مكبر الصوت قائلين أنهم جاءوا لتحرير المدينة، وأنهم ثوريون وسيقومون بتحريرنا قمع [رئيس الوزراء العراقي نوري] المالكي.
"وسنعيد لكم حقوقكم مرة أخرى. نحن من الدولة الإسلامية. نحن هنا لتحريركم من الحكومة،" هذا ما قالوه.
صحيح، لقد كانت الحياة صعبة في تكريت. فجميع الناس من السنّة ولكن معظم الجنود والشرطة كانوا من الشيعة، وكانوا يتربصون بنا ويلقون القبض علينا من دون سبب.
لم يكن كل المسلحين من داعش. كان بعضهم من القبائل - بالتأكيد كان بعضهم لا ينتمي لداعش. كان الأمر مختلطاً، وكانت هناك مجموعات مختلفة. لم نعرف من هم أو ما علاقتهم ببعضهم البعض بالضبط، ولكن يمكننا القول أنهم جميعاً كانوا ضد الحكومة.
ولأن الوضع الأمني كان سيئاً للغاية ولم يكن هناك شيء، لا غذاء ولا غاز ولا أي شيء، قررنا الرحيل. كانت أزمة حقيقية.
لقد تحدثنا إلى أحد الأصدقاء عبر الهاتف هذا الأسبوع، وقال أن عائلته بأكملها قد قتلت عندما عبروا بين خطين لإطلاق النار وأصيبوا في خضم الحدث.
تركنا كل شيء وراءنا، استقللنا السيارة وانطلقنا. كان علينا أن نغادر. كانوا يهاجمون المدنيين وكانت القنابل تتساقط على المنازل من حولنا.
ولكن بما أننا الآن هنا، ليس لدينا شيء. انظروا حيث نقيم! وعلى الرغم من أن الوضع ليس آمناً، أعتقد أننا سوف نضطر إلى الرجوع مرة أخرى لأننا لا نستطيع البقاء في هذه الظروف لفترة أطول من ذلك.
إن تصاريح إقامتنا سارية لمدة أسبوعين. لسنا متأكدين ماذا سنفعل بعد ذلك. وقد قال أحدهم أن علينا العودة إلى نقطة التفتيش لتجديدها، ولكننا لسنا متأكدين من ذلك".
* ليس اسماً حقيقياً
lr/co/ha/cb-mez/dvh
"