بعد مرور ما يقرب من ثلاث سنوات على تجدد القتال في ولاية كاتشين الشمالية في ميانمار، يقول عمال الإغاثة أن الوضع الإنساني في تدهور، كما يعيش عشرات الآلاف من النازحين داخلياً في حالة من عدم اليقين، غير متأكدين من مستقبلهم.
وقال ماران ناو البالغ من العمر 82 عاماً والذي يعيش في مخيم مونج نار لافانج المخصص لنازحي كاتشين (الذي يبلغ عدد سكانه 200 شخص)، في المنطقة التي تسيطر عليها الحكومة في ضواحي ميتكيينا، عاصمة ولاية كاتشين متحدثاً لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): كنا نتوقع الكثير كلما عُقدت محادثات سلام، ولكن لم يحدث أي شيء على الإطلاق حتى الآن".
وقد فرّ ماران من قريته 10 مرات بسبب النزاع. وأضاف قائلاً: "لا أعرف إن كنت سأحصل على فرصة الاستمتاع بالسلام قبل أن أموت".
ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أدى النزاع في هذه الزاوية النائية من ميانمار على الحدود مع الصين إلى نزوح ما يقرب من 100,000 شخص منذ يونيو 2011، وقتل عدد غير معروف، في أعقاب انهيار وقف إطلاق نار استمر لمدة 17 عاماً بين القوات الحكومية وجيش استقلال كاتشين، الذي يقاتل منذ عقود من أجل الحصول على المزيد من الحكم الذاتي من الحكومة المركزية في ميانمار.
واستناداً إلى تقديرات عام 2000، يبلغ عدد سكان ولاية كاتشين 1.27 مليون نسمة. وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، التقى الفريقان عدة مرات للتفاوض على وقف إطلاق النار وتم توقيع بعض الاتفاقات المبدئية ولكن العنف استمر، مما تسبب في نزوح البعض عدة مرات.
وقال سينج لي، مدير برنامج لدى منظمة كاتشين المعمدانية (KBC)، وهي منظمة غير حكومية توفر الرعاية الصحية والغذاء والتعليم والمأوى لدعم عدد متزايد من النازحين داخلياً في المنطقة: "إنه أمر محبط للغاية ومثير للاكتئاب [بالنسبة للنازحين] لأنه لا يوجد لديهم أدنى فكرة بشأن المدة الزمنية التي ستنتهي فيها الحرب".
وفي أبريل، أدى تجدد القتال إلى نزوح 3,000 شخص آخرين، بعضهم ينزح للمرة الثانية والثالثة، من أكثر من 14 قرية وأربعة مخيمات في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون؛ وبلغ عدد النازحين 96,000 شخص في مايو 2014، حيث يعيش أكثر من نصفهم في المناطق التي يسيطر عليها جيش استقلال كاتشين، مما يشكل تحدياً لوصول المساعدات الإنسانية إليهم.
وقد قام ماثيو سميث، المدير التنفيذي لمنظمة فورتيفاي رايتس (Fortify Rights)، وهي منظمة غير حكومية تجري تحقيقات حول حقوق الإنسان في ميانمار، بزيارة كاتشين في أوائل عام 2014، وقال أن الاستجابة الإنسانية غير كافية.
وأضاف قائلاً: "لقد قمنا بتوثيق ثغرات إنسانية كبيرة في المخيمات في المناطق التي يسيطر عليها جيش استقلال كاتشين والحكومة على حد سواء. وتوجد في معظم المخيمات التي زرناها في أراضي الحكومة مشاكل تتعلق بإمدادات المياه. ويبدو أن حالة المياه والصرف الصحي في بعض المخيمات قد وصلت إلى مستوى متأزم ... فبعد ثلاث سنوات من النزاع، يعد ذلك أمراً مستهجناً".
مرافق محدودة ومتهالكة
وأوضح نوروين شافيرر مسؤول الشؤون الإنسانية لدى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا): "لقد أصبح الوصول إلى المناطق غير الحكومية مقيداً للغاية منذ بداية العنف في عام 2011، وقد تم معظم الوصول من خلال المنظمات المحلية غير الحكومية".
وقال شافيرر أن البعثات العابرة لخطوط التماس، والتي تديرها المنظمات غير الحكومية البورمية تتمكن من الوصول إلى طرفي النزاع، وهي تقوم بتقديم المساعدات التي توجد حاجة ماسة لها. ولكن، لا زال وصولها محدوداً.
وأضاف قائلاً: "لقد تم إنشاء الكثير من البنية التحتية في البداية على أساس مؤقت من أجل خدمة النازحين داخلياً وهي بحاجة الآن إما إلى الإصلاح أو الاستبدال. وهذا يتجاوز المأوى ويشمل مرافق المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية مثل المراحيض - فحتى في حالة وجود هذه المرافق، هناك احتمال كبير أنها الآن بحاجة إلى الترميم".
وقد سجل تقرير حالة قطاع المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية WASH الصادر في 2 مايو نقصاً في المراحيض المتوفرة. فعلى سبيل المثال، أدى تدفق 838 شخصاً جديداً إلى مخيم مان وينغ غيي، ضمن مساحة كانت تؤوي مسبقاً 1,438 شخصاً إلى وضع ضغط إضافي على المرافق المحدودة. ويقدر التقييم الحاجة إلى 42 مرحاضاً جديداً في المخيم لتلبية المعايير الدنيا في مجال الاستجابة للكوارث (SPHERE) - والتي تعد أفضل الممارسات العالمية في مجال المعونة الغذائية والتغذية والصحة والمياه والصرف الصحي وتوفير المأوى في حالات الطوارئ. وبالرغم من ذلك، أشار التقرير إلى عدم وجود أي مرفق قيد الإنشاء أو التخطيط.
وقال مونج كيوات، البالغ من العمر 45 عاماً والذين كثيراً ما يطلب من أطفاله التبرز في المساحات المفتوحة خارج المخيمات: "نواجه في كل صباح مشاكل انتظار دورنا لمدة طويلة".
الكفاح من أجل سبل العيش
ووسط ظروف بائسة، يشعر النازحون داخلياً العالقون في دائرة مفرغة من العنف الذي طال أمده باليأس وأنه قد تقطعت بهم السبل مع تفاقم الأوضاع الإنسانية.
وقال ياو هتانج البالغ من العمر 41 عاماً، وهو أب لثلاثة أطفال: "كيف يمكنني أن أعرف؟ يبدو مستقبلنا غير واضح أبداً". ويعيش ياو اليوم مع أسرته في كوخ من الخيزران بسقف من الصفيح المعدني المموج في مخيم مونج نار لافانج للنازحين خارج بلدة واينيماو.
وقال المزارع الذي فرّ مع أسرته عام 2011 بعد استئناف القتال: "[حتى لو توقفت الحرب اليوم] لا توجد لدي أيضاً أية فكرة عن كيفية إعادة بناء حياتنا".
وأوضح شافيرر من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا): "عندما يمتد النزوح لفترة طويلة، يصبح وصول النازحين إلى سبل العيش أمراً ذا أهمية متزايدة. وقد حاولت بعض المشاريع إنشاء الحدائق المنزلية، ويعمل بعض النازحين في المزارع المحلية".
وقال ياو هتانج الذي ترك حقول الأرز والبساتين الخاصة به ويعمل الآن كعامل يومي في المزارع المجاورة عندما تكون هناك حاجة للعمل، ويكسب 3 دولارات في اليوم: "لا يوجد عمل لنا كل يوم. وفي كثير من الأحيان، نتقاضى أجوراً متدنية".
وتابع شافيرر حديثه قائلاً: "هذا النوع من العمل اليومي لا يمكن التنبؤ به وهو ليس حلاً على المدى البعيد".
ويضع البحث عن الدخل البعض الآخر في خطر الاتجار بهم، حيث قالت جوليا ماريب من جمعية نساء كاتشين في تايلاند: "عند البحث عن الوظائف على طول الحدود الصينية، يصبح بعض الناس، وخصوصاً النساء، عرضة لخطر كبير وهو الوقوع فريسة لمهربي البشر".
وأكد شافيرر من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ذلك قائلاً: "لقد سمعنا عن محاولات للاتجار بالبشر عبر الحدود إلى الصين. في الماضي كانت هناك منظمات محلية تدعم ضحايا الاتجار بالبشر ولكن تلك الخدمات تعطلت بسبب النزاع، وتحتاج إلى إعادة إطلاقها من جديد".
وقال سميث من منظمة فورتيفاي رايتس أن "هذه حالة من حالات التشرد الذي طال أمده ويجب التعامل معها على هذا النحو. لسوء الحظ، لن يعود النازحون إلى ديارهم في أي وقت قريب، ويجب على الاستجابة الإنسانية أن تعكس هذا الواقع".
وقال ثين سو، وهو زعيم محلي في مخيم ثاراجا مانجو جروف أنه ليس لدى النازحين داخلياً أمل كبير بالمستقبل.
nl/kk/cb-aha/dvh"