وفي السياق ذاته، ذكرت فيليبس أنه لطالما كانت ليبيا وجهة للمهاجرين الاقتصاديين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى الذين يتطلعون إلى الحصول على فرص عمل. أما بالنسبة إلى طالبي اللجوء الذين يتطلعون للحماية، فإن افتقار ليبيا إلى قانون للاجئين وعمليات الاحتجاز التي يتعرضون لها، لا تجعلها وجهة نهائية لهم إلا نادراً: "تضم هذه المجموعات التي ]تنتقل عبر ليبيا] إريتريين وصوماليين وبعض الإثيوبيين والسوريين".
وخشية القبض عليهم، نادراً ما يصاحب المهربون المهاجرين في عبور البحر، على الرغم من أنهم يتقاضون مبالغ تصل إلى 1,500 دولار للفرد للعبور في سفن مكتظة للغاية وفي الغالب غير صالحة للإبحار. وقد أوضحت فيليبس ذلك بقولها: "يقوم بعض الأشخاص بإصدار الأوامر المتعلقة بكيفية الإبحار. يطلق الناس عليه اسم الكابتن، على الرغم من أن هذا الشخص ما هو إلا أحد رفقائهم من المهاجرين أُعطيّ فجأة جهاز جي بي إس] النظام العالمي لتحديد المواقع [... وإذا حدث شيء سلبي في البحر، يغيرون مسارهم".
هذه كانت خبرة أحمد عمر إسحاق، وهو مهاجر صومالي يبلغ من العمر 31 عاماً، الذي وصف رحلته أيضاً إلى شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عبر الهاتف من مالطا: "لقد كنا 55 صومالياً على متن قارب مطاطي. أعطونا بوصلة وجهاز جي بي إس وأرشدونا إلى الاتجاه الذي يجب أن نبحر فيه، ثم وضعونا في البحر وقالوا لنا هيا انطلقوا".
سافر شيشي مع 300 مهاجر في قارب صيد تعطل عقب ثلاثة أيام في البحر وظلوا من دون طعام أو ماء. قامت قوات حرس السواحل الإيطالية والمالطية بإنقاذهم واقتادوهم إلى مالطا، حيث مكث شيشي الأشهر الثلاثة الماضية في مركز لاستقبال اللاجئين لحين البتّ في طلب اللجوء الخاص به.
إجراءات تصب في مصلحة عصابات الاتجار بالبشر
ويعتزم كل من المجلس الدانماركي للاجئين والأمانة العامة للهجرة المختلطة على المستوى الإقليمي الشروع في دراسة لبحث أسباب تدفق المهاجرين من القرن الأفريقي عبر السودان إلى ليبيا ومن ثم إلى أوروبا. ويهدف البحث إلى معرفة المزيد حول طرق ووسائل السفر التي تستخدمها هذه المجموعة من المهاجرين وطالبي اللجوء والمخاطر التي يجابهونها خلال الرحلة.
مع ذلك، يبقى واضحاً أن محاولة جعل أحد الطرق أكثر صعوبة بالنسبة لطالبي اللجوء لا يؤدي إلى شيء سوى إرغامهم على استخدام طرق أخرى، التي تكون في الغالب أشد خطورة. وهناك أنماط مشابهة حول العالم، لكنها توجد بشكل خاص على الحدود الأوروبية، حيث تدخل الآن أعداد متنامية من المهاجرين وطالبي اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي عبر بلغاريا ودول البلقان الأخرى، وذلك في أعقاب قيام اليونان بتشديد الرقابة على حدودها، التي كانت تُعد في السابق نقطة العبور الأكثر شعبية.
من جهته، قال إدوارد من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: "إنها مثل الضغط على بالون... المشكلة تظهر في مكان آخر، ولهذا السبب بالضبط نؤكد بقوة على أنه لا يمكن العمل على الحد من الخسائر في الأرواح إلا إذا تم تبني منهج شامل. لكن إذا تم التعاطي مع القضية من زاوية الردع، فهذا يصب في صالح عصابات الاتجار بالبشر".
إضافة إلى ذلك، ترى فيليبس من المجلس الدنماركي للاجئين أن أساليب الردع مثل الأسوار لا تقود فقط إلى تغيير الطرق التي يستخدمها المهاجرون، بل تشكل سابقة لدول المرور العابر مثل ليبيا التي تتطلع لنماذج تقتدي بها في تطوير سياستها الخاصة بالهجرة.
"الأمر لا يقتصر على إسرائيل والمملكة العربية السعودية فقط. بل الإجراءات التي تتخذها الدول الأوروبية، التي تتحدث عن زيادة عدد دوريات حرس السواحل وتعزيز وكالة فرونتيكس ]وكالة مراقبة الحدود الخارجية للدول الأوروبية[ وليس عن سبل المشاركة في تحمل هذه المسؤولية. لذا، لا يوجد سوى عدد قليل جداً من النماذج التي يمكن أن تتطلع إليها ليبيا فيما يتعلق بإدارة هذه القضية".
*ليس اسماً حقيقياً
ks/rz-kab/dvh