1. الرئيسية
  2. Global

تحليل: كوارث توشك على الحدوث

Children walk through a sandstorm in Tillaberi region, Niger (Feb 2012) Jaspreet Kindra/IRIN
Children walk through a sandstorm in Tillaberi region, Niger (Feb 2012)

في قاموس المصطلحات القانونية، تُسمى الكوارث الطبيعية عملاً إلهياً"، وفي هذا تلميح بأنها تتخطى حدود سيطرة الإنسان أو قدرته على التنبؤ.

ولذلك، ربما بدت مهمة جون بدينغتون، كبير المستشارين العلميين للحكومة البريطانية، مستحيلة عندما طُلب منه أن يتطلع إلى المستقبل حتى عام 2040 ويتنبأ بالكوارث المحتملة في جميع أنحاء العالم. وقد سُئل عما يستطيع العلم أن يحدده بشأن الكوارث المستقبلية – أي ما إذا كان من الممكن التنبؤ بها، والوقت المرجح لحدوثها، والسياسات التي يمكن تبنيها لتجنب أسوأ الأضرار.

أسرع بدينغتون بتكليف فرق من العلماء بدراسة العواصف والفيضانات والجفاف والزلازل والبراكين والانهيارات الأرضية، فضلاً عن الأوبئة البشرية والحيوانية. ونُشرت الاستنتاجات التي توصلوا إليها في تقرير جديد يفتح أفقاً جديدة للتفكير.

ويشير التقرير إلى أن "الكوارث ذات التأثيرات الضخمة نادرة الحدوث ... وهذا يعني أن نسبة أكبر بكثير من المخاطر ترتبط بالأحداث النادرة". ولذلك يعتبر الإنذار المبكر والتأهب لمواجهة الكوارث في غاية الأهمية.

لكن في الوقت الراهن، تعتبر الظواهر الجوية الشديدة هي الكوارث الوحيدة التي يمكن التنبؤ بها بأي درجة من درجات الموثوقية، وحتى هذه الكوارث لا يمكن التنبؤ بها إلا قبل بضعة أيام من حدوثها. لكن ذلك يمنح فترة كافية من الوقت لتوجيه تحذير مفيد، إذا تم اتخاذ تدابير مناسبة.

وكانت المناطق ذات الكثافة السكانية العالية قد تضررت من إعصار ساندي، الذي ضرب الساحل الشرقي للولايات المتحدة على هيئة عاصفة استوائية فقدت قدراً من حدتها، لكن الإنذار المبكر أدى إلى الحد من الخسائر في الأرواح. كما تضرب الأعاصير بنجلاديش بانتظام، لكنها اليوم تتسبب في عدد أقل من الوفيات مقارنة بأي وقت مضى، ويعود ذلك جزئياً إلى تطبيق نظم الإنذار المبكر وخطط الطوارئ المجربة جيداً.

مع ذلك، لا يزال العلماء غير قادرين على التنبؤ بالأوبئة والأخطار الجيوفيزيقية، كما فشلوا بشكل خاص في التنبؤ بالزلازل، التي يمكن أن تسبب أضراراً جسيمة وخسائر هائلة في الأرواح. وعند التطلع إلى 30 عاماً من الآن، ينبغي أن يؤدي توافر المزيد من البيانات، والحواسيب الأكثر دقة، والفهم الأفضل للآليات التي تقوم عليها الظواهر الشديدة إلى تحسين القدرة على التنبؤ. مع ذلك، يعترف التقرير صراحة بأنه من المرجح أن تبقى قدرة العلماء على التنبؤ بموعد حدوث الزلازل محدودة.

احتياجات البنية التحتية

وتتخذ العديد من البلدان المعرضة للكوارث، لاسيما البلدان الغنية، تدابير احترازية شاملة ومكلفة. ففي اليابان، يؤخذ تواتر الأعاصير والزلازل بعين الاعتبار عند تحديد الإنفاق على البنية التحتية، والتدريب على مواجهة حالات الطوارئ، وغيرها من أشكال التأهب، ولكن حتى هذه التدابير كانت غير كافية لمواجهة الآثار الهائلة لزلزال وتسونامي مارس 2011.

وقد تكون النتائج في المناطق غير المهيأة لمواجهة الكوارث أسوأ بكثير. كما تزايدت مخاطر الكوارث بسبب التغييرات البيئية العالمية والاتجاه نحو التوسع الحضري.

ويشير التقرير إلى أن "8 من أصل 10 من أكثر المدن اكتظاظاً بالسكان في العالم معرضة بالفعل لخطر التضرر بشدة من الزلازل، و6 من أصل 10 معرضة الآن لتصاعد حدة العواصف وموجات التسونامي ... ولا تزال هناك مدن عديدة لم تتصد بعد للمخاطر المتزايدة بسرعة".

"وخلال الفترة من الآن إلى عام 2025، سيولد مليار شخص آخر على هذا الكوكب، وستكون معظم هذه الزيادة مركزة في البيئة الحضرية في البلدان الأقل نمواً،" كما أفاد بدينغتون أثناء اجتماع عقد مؤخراً في لندن. وأضاف أن "الاتجاه الآخر الأكثر صعوبة هو عدد الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً، فهم الأكثر عرضة للمخاطر من هذا النوع وسوف يتضاعف عددهم ثلاث مرات خلال الثلاثين سنة المقبلة".

مع ذلك، هناك إمكانية لتخفيف حدة المخاطر. فعلى سبيل المثال، ستظل البنية التحتية التي يجري بناؤها اليوم قائمة لسنوات عديدة، وزيادة متانتها ومرونتها يمكن أن توفر حماية في المستقبل، ولكن ذلك سيكلف الكثير من المال. ويلخص التقرير هذه المعضلة قائلاً أن "عمليات الإغاثة التي تستجيب لكارثة ما تكون موجهة نحو العمل، وسهلة القياس، وتخضع لمساءلة الجهات المانحة، ويسهل على وسائل الإعلام رصدها. في المقابل، وقبل وقوع الكارثة، ليس من الواضح دائماً ما ينبغي القيام به، ومن الصعب معرفة الفرق الذي ستحدثه التدابير الوقائية، ومن الصعب أيضاً تحديد النفقات المطلوبة. وإذا كانت الوقاية فعالة، فإنها قد لا تجذب إلا القليل من الاهتمام".

وأكد برندان غورملي، الرئيس السابق للجنة البريطانية لمواجهة الكوارث في حالات الطوارئ، الذي ساهم في كتابة التقرير، أن "هناك حاجة لتغيير الثقافة المتعلقة بالحد من مخاطر الكوارث. إننا نعتقد أنها قد تكون وثيقة الارتباط للغاية بتمويل الاستجابة لحالات الطوارئ. وما حددناه يتلخص في أن العديد من الحلول موجودة في أيدي الآخرين. فبالنسبة للمنظمات غير الحكومية، من الواضح أن هناك حاجة إلى أن يتأكد الممولون من ربط ذلك بعقود محددة، وأنه ليس خياراً إضافياً، بل امراً أساسياً للاستثمارات التي ينفذونها. وإذا كنت تهتم بالتنمية، فيجب عليك أن تكون جاداً بشأن المخاطر".

التكاليف والفوائد

من جهته، قال توم ميتشل، الذي يرأس برنامج تغير المناخ في مركز بحوث يسمى معهد التنمية الخارجية بالمملكة المتحدة: "نحن بحاجة إلى عمل أكثر من ذلك بكثير لتحديد التكاليف والفوائد الاقتصادية. يريد وزراء المالية معرفة هذه المعلومات، ويريدونها مكتوبة وجلية،" مضيفاً أن "هذا الأمر لا يتعلق بالتحضير لعام 2040، بل يتعلق بما نقوم به اليوم".

لكن إجراء هذا التحليل للتكاليف والفوائد يتطلب توفير بيانات أفضل، مجمعة من مصادر عديدة، بما في ذلك معلومات عن الكوارث أكثر بكثير مما هو متاح في الوقت الحاضر.

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قالت فيرجينيا موراي، رئيسة قسم الظواهر المناخية الشديدة في وكالة حماية الصحة البريطانية، أن "توثيق الكوارث أمر صعب. فمن الصعب جداً أن أقول هذه كارثة، حتى بعد وقوع الحدث. وتوثيق العواقب صعب أيضاً. ولذلك نحن بحاجة إلى دراسة الآثار ذات المدى الأطول وكيفية تعافي الناس".

كما يجب على الوكالات صانعة القرار فهم التنبؤ الاحتمالي بشكل أفضل. تعتبر التنبؤات الاحتمالية - التي قد تفترض، على سبيل المثال، أن فرصة وصول عاصفة إلى اليابسة تبلغ 80 بالمائة - سيئة في كثير من الأحيان عندما لا يتحقق الحدث المتوقع، على الرغم من أن تلك التوقعات تشمل أيضاً فرصة بقاء العاصفة في البحر بنسبة العشرين بالمائة المتبقية. وكما يقول التقرير، "إذا جرى التنبؤ باحتمال كبير لوقوع حدث ما، وكانت تلك الاحتمالات موثوقة، لا ينبغي تفسير عدم وقوع الحدث على أنه فشل".

لكن الحكومات والمنظمات غير الحكومية وغيرها مضطرة لاتخاذ قرارات بالسلب أو الإيجاب على أساس توقعات من المرجح أن تكون دائماً احتمالية. ويميل العديد منها إلى تفضيل ما يسميه التقرير "المجازفة بتجنب دفع تكاليف الحد من المخاطر مقدماً".

وأفضل ما يمكن للعلماء القيام به هو إمداد صناع القرار بالمعلومات والأدوات اللازمة لاتخاذ قرارات مستنيرة - بما في ذلك قرار عدم اتخاذ أية إجراءات على الإطلاق.

وفي ظل محدودية الموارد، سيكون من الأرخص في بعض الأحيان الامتناع عن رفع مستوى المباني الضعيفة، على سبيل المثال، تحسباً لإعادة بنائها بعد الكوارث. لكن مثل هذا التقييم يجب أن يأخذ في الاعتبار أيضاً احتمال فقدان الحياة، وقيمة الأرواح التي يتم إنقاذها. هذه هي الحسابات الاكتوارية القاتمة التي يجب أن تكون الحكومات أكثر استعداداً للقيام بها.

eb/am/rz-ais/dvh
"

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join